أزواج يعجزون عن خلع مظلة العزوبية

تشتكي العديد من الزوجات من أن أزواجهن لم يتمكنوا من التخلص من نمط عيش العزوبية، وتقول بعضهن إن زوجها مازال يعيش وكأنه أعزب وليست لديه زوجة وبيت وأبناء، يمضي معظم أوقاته خارج البيت ويرتاد المقاهي أو يقضي سهراته مع الأصدقاء. في المقابل تجد الزوجة نفسها وحيدة باستمرار وفي معظم أوقات النهار أو مع الأبناء من دون والدهم.
سامية فريد
تصف العديد من النساء حضور أزواجهن في البيت بالحاضر الغائب، وكأنه لا ينتمي إلى البيت بما فيه من زوجة وأولاد ودائما خارج المنزل إما في عمله وإما مع أصدقائه وأحيانا نجد أزواجا لم يفطموا بعد من حضن أمهاتهم، فيكون بيت العائلة بيتهم الأساسي وتظل الزوجة في البيت وحدها مع الأبناء.
تقول آمال عبدربه، زوجة وأم لطفلين، إن “زوجي من هؤلاء الأزواج الذين يطلق عليهم أزواج سهر الليالي”، وترى أنها قضية خاسرة أن تحاول إقناع زوجها بأن يعود إلى البيت مبكرا ويكف عن الذهاب إلى المقاهي مع أصدقائه بعد العمل، وتوضح أنه يعود فقط من أجل تناول وجبة الغداء والنوم ظهرا ثم الخروج بعد ذلك والسهر حتى وقت متأخر.
وتضيف عبدربه “أعلم أنه لا يقضي سهراته في أشياء تسيء إليّ ولكنني رغم ذلك أشعر بالضرر لأني لا أستطيع أن أتحدث معه عن حياتنا أو حتى عن مشاعرنا التي تاهت في زحمة الحياة وانعدام الوقت، لأنه بالطبع حينما يعود يريد أن ينام سريعا ليستيقظ مبكرا لعمله في اليوم التالي وهكذا تضيع الأيام”.
أما لبنى فتؤكد أن البيت بالنسبة لزوجها عبارة عن فندق، “يأتي فقط ليغير ملابسه ويستحم أو لتناول الطعام، ثم بعد ذلك يجري خارجا من البيت كأنه سجن يهرب منه ولا أعرف أين يذهب لأنه يرفض أن أسأله حتى أين كان، أطالبه كثيرا بأن يشاركني في مذاكرة الأولاد أو حتى يستمع إلى شكواهم ومشكلاتهم ولكن دون جدوى”.
أما عبير رؤوف، زوجة وأم لولدين، فتتحدث عن غياب من نوع آخر لزوجها وتقول “الكارثة الكبرى أن زوجي موجود في البيت باستمرار وكأنه غير موجود، فبعد عودته من العمل، يعيش حياته في عزلة تامة مع نفسه أمام جميع القنوات الفضائية الرياضية ومتابعة أي مباراة رياضية. إنه غريب.. البيت بالنسبة له لمشاهدة التلفزيون حتى يغلبه النعاس، وحينما أطلب منه أي شيء حتى مساعدتي في تربية الأولاد، ينظر إلي نظرة لامبالاة وكأني لا أقول شيئا ويستمر في متابعة برنامجه الرياضي”.
وتتابع رؤوف باستياء وضيق “فعلا لا أشعر بوجوده أنا والأولاد كما لو كان خارج البيت بالضبط فهو لا يسمع أصواتنا ومشاجراتنا وصراخنا ولا يحرك ساكنا”.
غياب الزوج عن بيته وزوجته قد يكون من أهم أسباب الانفصال أو الخيانة كما يجعل هذا الغياب الزوجة ضعيفة أمام أي إغراء
وعلى النقيض من بقية الزوجات تعترف منال حسين، زوجة وأم لبنت وطفل، “أتقبل سهر زوجي في الخارج بشرط أن يكون من أجل العمل وأستطيع أن أتحمل المسؤولية بمفردي بالنسبة للبيت والأولاد من أجل حياة كريمة يوفرها لنا وللأبناء، ولكن أن يكون سهره في الخارج للهو والعبث مع أصدقائه، فهذا ظلم؛ لأن بيته وزوجته أولى بهذا الوقت الذي يقضيه في الخارج”.
وتعتبر حسين أن الزوج ليس مجرد مورد للنقود فقط، ولكنه يجب أن يشارك بإيجابية ويتحمل المسؤولية مع الزوجة ويقوم بدوره كأب. أما سامية عبدالله، موظفة في شركة سياحة وأم لثلاثة أولاد، فترى أنه ليس غريبا أن تكون للرجل الشرقي حياة أخرى بجانب حياته الأسرية إما السهر مع الأصدقاء، وإما الإدمان لهواية معينة تأخذ كل وقته وإما أن يظل قابعا في بيت أمه حتى بعد أن يتزوج ويصبح له بيت وأسرة. وأنا أعرف فعلا زوجا لإحدى صديقاتي يذهب بعد العمل إلى بيت أمه ويتناول معها الغداء، بل أيضا ينام عندها وفي آخر الليل يعود إلى زوجته لينام ويقوم صباحا بنفس النظام، حتى أن زوجته ضاقت من هذا الوضع وفشلت في تصويبه فكان منها أن طلقت رغم أن لديهما أبناء.
ويؤكد أستاذ علم النفس مصطفى الشرقاوي أن هناك فعلا أزواجا مازالوا يعيشون تحت قبعة أو مظلة العزوبية ولا يعترفون بأنهم أصبحوا مسؤولين عن بيت وأسرة وكأنهم يرفضون أو غير قادرين على تحمل مسؤولية ذلك، ويلقون بكل العبء على الزوجة ويتركونها بمفردها تواجه ضغوطا نفسية وحياتية وكأن هذا هو ما يجب أن تقوم به بمفردها، متناسين أن هذه الزوجة لها أيضا احتياجات نفسية تتمثل في إحساسها بالانتماء إلى الزوج وانتمائه إليها ولا يأتي ذلك إلا من خلال المشاركة الوجدانية والحياتية.
ويوضح الشرقاوي أنه يجب أن يتعاون الزوجان ويسجل كل منهما حضوره المادي والمعنوي في بيته مع شريكه وأبنائه، ويجب على الزوج الذي يغيب وقتا طويلا عن بيته أن يقدر ويشعر بما تقوم به زوجته وبما تعانيه في تحمل المسؤولية بمفردها، ولكن أن يتركها بمفردها في مواجهة المسؤوليات وتعاني الهجر النفسي والمعنوي، فهذا يعرضها للمتاعب النفسية.
ويرى المختص النفسي أن غياب الزوج المتأثر كثيرا بحياته وهو أعزب عن بيته وزوجته قد يكون من أهم أسباب الانفصال أو الخيانة الزوجية؛ فالوقت الكثير الذي يمضيه خارج البيت يمكن أن يبعده عن زوجته ويجعله بالتالي يبحث عن صديقة أو رفيقة أخرى كما يجعل غيابه الزوجة ضعيفة أمام أي إغراء من أي إنسان يشعرها بأهميتها وبتفاعله معها.
ويحذر الشرقاوي الأزواج قائلا “لا تترك زوجتك كثيرا وحيدة، اثن عليها دائما، أشركها في مشكلاتك وفي تصرفاتك وأفكارك وأحلامك، أشعرها بأنك مقدر لما تتحمله وأنك مقصر معها؛ هذه المشاعر سوف تدعمها وتقويها ولن تشعرها بالوحدة والإحباط وتنأى بها عن الوقوع في أي إغراءات”.