أزمة نتنياهو ورئيس الشاباك تتفاقم بعد تحقيق بشأن بن غفير

القدس – أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلا واسعا باتهامه رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار بفتح تحقيق حول وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير دون إذنه.
وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه ردا على تقرير للقناة 12 الإسرائيلية "الادعاء بأن رئيس الوزراء فوض رئيس الشاباك رونين بار جمع أدلة ضد الوزير إيتمار بن غفير ما هو إلا كذبة أخرى مكشوفة".
وجاء ذلك ردا على معلومات تفيد بأن جهاز الشاباك (الشين بيت) كان يجري منذ عدة أشهر تحقيقا سريا في اختراق عناصر من اليمين المتطرف لجهاز الشرطة.
وأضاف البيان "الوثيقة المنشورة والتي تحتوي تعليمات واضحة من رئيس الشاباك لجمع أدلة ضد قادة سياسيين تشبه الأنظمة القمعية، وتقوض الديمقراطية وتهدف إلى إسقاط الحكومة اليمينية".
وأتى ذلك في ظلّ تصاعُد التوترات الداخلية في إسرائيل، فيما يرى محلّلون أن قرارات الحكومة الأخيرة، وفي مقدمتها إقالة رئيس الشاباك، تتحوّل إلى ما وصف بأنه "تمرد على القانون" و"محاولة لتقويض المنظومة القضائية"، في ظل انعدام أي مبرر مهني واضح، ومساع لتحويل أجهزة الأمن إلى أدوات طيّعة بيد السلطة السياسية.
ونقل تقرير القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر مطّلعة على تفاصيل القضية، لم تسمّها، أنه تم إطلاع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على "التحقيق السريّ".
وفي رسالة بعث بها إلى عناصر مقربة من الشاباك في سبتمبر، قال رونين بار "لقد حدّدنا انتشار الكاهانيّة في مؤسسات إنفاذ القانون كظاهرة خطيرة"، مشددا على أن "منعها هو جزء من مهمة جهاز الشاباك".
وأضاف أنه "نظرا لمشاركة المستويات السياسية، فلا بُدّ من القيام بهذا الأمر بحذر شديد".
ووفق التقرير، فقد صدرت تعليمات لعناصر من الشاباك، "بجمع المعلومات سرًّا" والتوصل إلى بعض "الأدلّة".
وقال بار لهم في رسالته، إنه "يجب أن نستمر في جمع الأدلة والشهادات، بشأن (علاقة) المستوى السياسّي في تصرّفات المستوى الأمنيّ، في اتجاه استخدام القوّة بطريقة مخالِفة للقانون، والتوصّل إلى بعض الأدلة".
ونفى جهاز الشاباك فتح أي تحقيق سياسي حول الوزير بن غفير، موضحا أن عمله يتركز على مكافحة الإرهاب وحماية أمن الدولة.
وقال الشاباك في بيان "يجب إيضاح أنه لم يُجرَ أي تحقيق من قِبل الشاباك في الأمر، ضدّ الشرطة أو أي مستوى سياسيّ، كما لا يتمّ إجراء أي تحقيق من هذا القبيل من قِبل الشاباك حاليًا".
وأضاف البيان أن رئيس الشاباك، بار، قد "تحدث، مساء الأحد، مع المفوض العام للشرطة، وأوضح له الأمر".
ووفق البيان ذاته، فقد "أكد الجانبان على أهمية التعاون بين المنظمتين، من أجل الأمن الوطني".
وعبر حسابه على منصة إكس، وصف الوزير بن غفير، بار بأنه "مجرم" و"كاذب" وبأنه "يحاول إنكار مؤامراته ضد المسؤولين المنتخبين في دولة ديموقراطية، حتى بعد أن تم الكشف عن الوثائق أمام العامة والعالم".
من جانبها، قالت الشرطة في بيان، إن "المفوض العام للشرطة، دانييل ليفي، فوجئ بالادعاءات التي أُثيرت ضد الشرطة في تقرير بثته القناة 12 مساء الأحد".
ووفق البيان، فقد "أكد أنه لا علم له بتفاصيل الموضوع، ولذلك طلب توضيحًا فوريًا من رئيس الشاباك والمستشارة القضائية للحكومة".
وأضاف أنه "في حال وجود شبهات وتداعيات خطيرة، يجب نقل تفاصيلها أولًا إلى قيادة جهاز الشرطة لمعالجتها، وأعرب عن تطلعه لتوضيحات من الجهات المعنية".
وأثارت اتهامات نتنياهو لرئيس الشاباك توترا سياسيا كبيرًا في إسرائيل، حيث اعتبر البعض أن نتنياهو يحاول التدخل في عمل الأجهزة الأمنية لحماية حلفائه السياسيين.
وتصاعدت المخاوف من تأثير هذا الخلاف على استقرار الحكومة الإسرائيلية والعلاقات بين الأجهزة الأمنية والقيادة السياسية.
ويعد هذا الخلاف جزءًا من صراع أوسع على السلطة بين المؤسسة الأمنية والحكومة الإسرائيلية، حيث يسعى اليمين المتطرف إلى زيادة نفوذه في الأجهزة الأمنية.
ومن المرجح أن يؤدي هذا الخلاف إلى مزيد من الاستقطاب السياسي في إسرائيل، ويُعرّض استقرار الحكومة للخطر، خصوصا وأنه يأتي في وقت حساس تشهد فيه إسرائيل توترات أمنية وسياسية متزايدة.
وإيتمار بن غفير هو شخصية مثيرة للجدل في السياسة الإسرائيلية، معروف بتصريحاته اليمينية المتطرفة ودعوته إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الفلسطينيين، وقد أثارت تصريحاته وسياساته قلقًا دوليًا، حيث يخشى البعض من أنها قد تؤدي إلى تصعيد العنف في المنطقة.
والجمعة، علّقت المحكمة العليا الإسرائيلية القرار الذي اتخذته حكومة نتانياهو بإقالة بار وأثار احتجاجات في الدولة العبرية.
وكانت الحكومة الإسرائيلية التي تعتبر الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل قد دعمت اقتراح نتنياهو بإقالة بار. وهي المرة الأولى في تاريخ إسرائيل تتم إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي.