أزمة معلمي الأردن تتفاعل على وقع اتهامات للإخوان بتأجيجها

عمان – تستمر فصول المواجهة بين الحكومة الأردنية ونقابة المعلمين بعد فشل جهود الوساطة التي قامت بها قوى وشخصيات وطنية على مدى الأيام الماضية لاحتواء الأزمة ونزع فتيلها، وسط ترجيحات بأن التصعيد سيبقى سيد الموقف خلال الفترة المقبلة.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية بترا الأربعاء عن مصدر في النيابة العامة إحالة القضايا المتعلقة بنقابة المعلمين إلى محكمة بداية عمان المختصة في محاكمة المشتكى عليهم عن الجرائم المسندة إليهم.
ونفى المصدر صحة الأنباء المتداولة في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن إخلاء سبيل أعضاء مجلس نقابة المعلمين الموقوفة أعمالها.
وأوقفت السلطات الأردنية في 25 يوليو الماضي أعضاء مجلس نقابة المعلمين وعددهم 13، بقرار من المدعي العام، تزامنا مع قرار آخر للنائب العام بوقف عمل النقابة وإغلاق مقارها لمدة عامين.
ويُتّهم أعضاء مجلس النقابة الموقوفون وبينهم النقيب ناصر النواصرة بارتكاب “تجاوزات مالية” واتخاذ “إجراءات تحريضية”، فيما ينفي المتهمون صحة تلك التهم.
وشهدت مدينة الكرك جنوب المملكة الثلاثاء تحركات احتجاجية للمعلمين طالبت بإطلاق سراح الموقوفين، وتخللت تلك التحركات مواجهات مع قوى الأمن، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين كانوا يرشقونها بالحجارة.
وأسفرت المواجهات عن إصابة سبعة من أفراد قوات الأمن. واتهم وزير الداخلية سلامة حماد مساء الثلاثاء أشخاصا تضررت مصالحهم الحزبية والشخصية بالوقوف خلف تأجيج الوضع، مشددا على أن الدولة لن تتهاون مطلقا مع كلّ من يتعرّض لرجال الأمن والأجهزة المختصّة، أثناء تأديتهم واجبهم الرسمي.
وأوضح حماد أنّ الوقفة التي جرت في الكرك لم تقتصر على فئة المعلّمين، بل شهدت مشاركة حزبيين ونشطاء وبعض الشباب المغرّر بهم، ما يؤكّد وجود جهات تحاول افتعال أزمات وصدامات أخرى على حساب أمن الوطن ومصلحة أبنائه.
ويقول مراقبون إن تصريحات سلامة حماد الذي سبق وحذر من مغبة “الاستقواء على الدولة”، كانت موجهة بالأساس إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي تسيطر على النقابة.
ويشير المراقبون إلى الاعتقاد بأن وقوف الجماعة خلف التصعيد الجاري مشروع لاسيما وأنها كثيرا ما عمدت إلى توظيف الشارع والساحة النقابية عند كل منعطف تستشعر فيه حشرها في الزاوية.
ويشير المراقبون إلى أن تصعيد نقابة المعلمين هو بمثابة قرصة أذن للحكومة ومحاولة ابتزازها، لافتين إلى أن الأمر لا يخلو أيضا من اعتبارات انتخابية، مع اقتراب الاستحقاق التشريعي الذي تقرر إجراؤه في نوفمبر المقبل.
وجاء التصعيد بين نقابة المعلمين والحكومة، بعد أيام قليلة من إعلان محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية أردنية، في 15 يوليو الماضي قرارا بحل جماعة الإخوان بشكل نهائي وقطعي، واعتبارها فاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية.
ويربط مجلس النقابة قراره بالتصعيد على خلفية تجميد علاوة للمعلمين، إلى نهاية العام الجاري على خلفية الأزمة الاقتصادية التي ضاعفها تفشي وباء كورونا، وترى الحكومة أن هذا الدافع ليس سوى ذريعة خاصة وأن القرار الحكومي والذي صدر في أبريل الماضي هو مؤقت وشمل جميع القطاعات العمومية بما في ذلك المؤسستان الأمنية والعسكرية.
وهاجم حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان، في بيان مشترك مع كتلة الإصلاح النيابية الأربعاء، السياسات الحكومية في التعاطي مع أزمة المعلمين.
وقال الجانبان في بيانهما “إن الهجوم على نقابة المعلمين وهي جسم كبير من مكونات النسيج الاجتماعي والسياسي للدولة الأردنية، إنما هو هجوم على الشعب الأردني، وقد دلت الأحداث والتفاعلات الشعبية أن الشعب بأغلب مكوناته يقف موقف الرفض لإجراءات الحكومة، وما التظاهرات الشعبية في كافة محافظة المملكة إلا رسالة واضحة لمن يحسن فهمها، بأن الشعب ملتف حول معلميه، وداعم لكافة حقوقهم.
واعتبر حزب جبهة العمل الإسلامي وكتلة الإصلاح أن “أجواء هذا الهجوم الرسمي على الحريات العامة، ومصادرة الرأي، وحملة المداهمات والاعتقالات، والتعدي بالضرب على المعلمين والمعلمات، وقوائم إحالة المعلمين على التقاعد، تشكل نسفا كاملا لما جاء في الإرادة الملكية من إعلان عن إجراء انتخابات نيابية، وممارسة الحياة الديمقراطية، وقد شكلت الحكومة بهذا الهجوم أجواء للمقاطعة لتلك الانتخابات عوضا عن توفير أجواء التوجه للمشاركة فيها”.
ويعكس بيان حزب جبهة العمل الإسلامي وكتلته النيابية نية جماعة الإخوان في التصعيد الذي على ما يبدو لن يقتصر فقط على الساحة النقابية، حيث حمل البيان تلميحا بإمكانية مقاطعة الانتخابات التشريعية، وإن كان كثيرون يشككون في جديته في ظل حاجة الإخوان المعروف عنهم براغماتيتهم، إلى عدم قطع خط الرجعة مع الدولة.