أزمة كهرباء حادة تهدد الحكومة اليمنية بصيف ساخن بالاحتجاجات

عدن- بدأت أزمة الكهرباء الحادّة في عدن وعدد من مناطق جنوب اليمن تتحول إلى عنوان بارز لفشل حكومة أحمد عوض بن مبارك في معالجة الملف الاجتماعي والخدمي في مناطق الشرعية، مُشرعة الباب للمزيد من الانتقادات للسلطة المعترف بها دوليا يُخشى أن تخرج عن نطاق النقد الذي تتعرّض له من الأطراف المشاركة فيها إلى مبعث لغضب شعبي ضدّها.
واستدعت أزمة الكهرباء التي لاحت بوادرها من اقتراب موسم الحرارة الذي تتضاعف فيه الحاجة إلى هذه الخدمة شديدة الحيوية، توجيه السلطات المختصّة لنداء استغاثة إلى حكومة بن مبارك لتزويد محطات التوليد بالوقود قبل خروجها عن الخدمة بشكل كامل.
وقال نوار أبكر مدير مكتب إعلام المؤسسة العامة للكهرباء بعدن إنّ إجمالي التوليد الحالي هو مئة وأربعون ميغاواط في الساعة، ويتم التوقف تدريجيا للمحطات منذ فجر الأحد، متوقّعا أن تتوقف جميع محطات التوليد العاملة على وقود الديزل.
وحذّر أبكر عبر حسابه في فيس بوك من أنّ محطة الرئيس بمنطقة الحسوة ستتوقف صباح الإثنين عن الخدمة كليا وذلك لنفاد وقود النفط الخام، موضّحا أن ساعات الانطفاء حاليا بلغت سبع ساعات قابلة للزيادة مقابل ساعتي تشغيل.
وأكّد أنه في حال لم يتم توفير أي وقود ستكون العاصمة عدن في ظلام دامس بسبب انطفاء جميع محطات التوليد، لافتا إلى أنه “حتى اللحظة لم يتم ضخ الديزل من السفينة وتأجل ذلك لحين حل الإجراءات المالية بين الجهات المعنية والتاجر”.
وأضاف “شحنة المازوت مازالت في البحر، وستصل المكلا في غضون يومين إلى ثلاثة أيام وبعد تفريغ جزء من الشحنة ستصل عدن، أما النفط الخام فلا جديد بشأنه، وقد تكون هناك انفراجة ولكن ليس الآن”.
ويشير المسؤول بحديثه عن الشحنة المتوقّفة في البحر إلى رفض مالك شحنة وقود خاصة بكهرباء عدن والمقدرة باثنين وثلاثين ألف طن من الديزل إدخالها إلى ميناء الزيت قبل تسديد قيمتها.
ونقل موقع عدن الغد الإخباري المحلّي عن مصادر عاملة في مؤسسة الكهرباء قولها إنّ جهودا حكومية تبذل لإقناع التاجر بإدخالها وبعد ذلك سداد ثمنها.
ويشير ذلك بحسب منتقدي الحكومة إلى حالة ارتباك في عملها بسبب اختلالات تنظيمية معطوفة على الأزمة المالية التي تواجهها.
وأصبحت الشرعية اليمنية تعوّل إلى حدّ كبير في إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين، على المساعدات المالية الخارجية، لكنّ جهات يمنية تحذّر من أن تكون السلطة قد استهلكت جميع أنواع المساعدات، ولم تنجح في إصلاح الاختلالات الكبيرة في أوضاع تلك المناطق لاسيما الأوضاع الاجتماعية والخدمية. ولم يمض وقت طويل على تسلّم الحكومة اليمنية لمساعدة سعودية بقيمة ربع مليار دولار، ومع عودة الفشل سريعا في إدارة ملف الكهرباء ستكون الحكومة عرضة لانتقادات أشدّ بشأن التصرّف في الأموال وحسن توظيفها وإدارتها.
وقال عبدالرقيب فتح وزير الإدارة المحلية السابق إنّ المعالجات الحكومية لمشكلة الكهرباء في عدن لا قيمة لها.
وكتب فتح في منصة إكس قائلا “في عدن مع بداية كل صيف تتكرر نفس الأسطوانة؛ يناقش مجلس الوزراء مشكلة الإطفاء وانعدام الوقود. وتحت ضغط الصيف يتم فرض شراء الوقود من التجار. ويثبّت في المحاضر أن ذلك آخر صيف (يشهد مشكلة) وعلى مؤسسة الكهرباء تقديم الحلول العاجلة.. لكن لا يحدث جديد حتى الصيف القادم، وهكذا”.
وتصطدم معالجة ملف الكهرباء في عدن بمشكلة مزدوجة تتمثل في توقف مصافي تكرير النفط بسبب الحرب، واللجوء إلى استيراد الوقود الضروري لشغيل محطات التوليد، وهو خيار لم يلبث أن اصطدم بشحّ التمويل بسبب توقف تصدير النفط الخام جرّاء استهداف الحوثيين لمنافذ التصدير ما حرم السلطة الشرعية من موارد مالية كان جزء منها يذهب لتغطية مصاريف توفير الطاقة الكهربائية.
وتشمل أزمة الكهرباء أيضا، وإن بدرجة أقل حدّة، مناطق يمنية أخرى من بينها حضرموت التي شهد مركزها، مدينة المُكلاّ احتجاجا شعبيا على تردي الخدمة تمثَّل في قيام مجموعة من سكّان المدينة بقطع الشوارع في منطقة الديس بالحجارة والإطارات المشتعلة رفضا للانقطاع المستمر للكهرباء في فصل الصيف.
وبلغت حالة الغضب من أداء الحكومة اليمنية في مجال الخدمات حدّ دعوة دوائر ناقدة لها سكان عدن لاتخاذ خطوات “متطرفة” من قبيل التوجه إلى قصر معاشيق مقر السلطة الشرعية في عدن وحصاره “ومنع وصول الماء والكهرباء والغذاء إليه”.
ولا تهدّد أزمة الكهرباء فقط علاقة الشرعية اليمنية بسكان مناطق الجنوب ولكنّها تهدّد أيضا علاقتها بأحد الشركاء الأساسيين في تشكيلها؛ المجلس الانتقالي الجنوبي الذي وجّه لها مؤخرا نقدا لاذعا واتهمها بالعبث في إدارة الشأن الخدمي بمناطق الجنوب.