أزمة سيولة تثير غضب الليبيين أياما قليلة قبل عيد الأضحى

طرابلس – يخيم التوتر والغضب الشعبي على العاصمة الليبية ومدن الغرب الليبي عموما أياما قليلة قبل عيد الأضحى بسبب أزمة سيولة دفعت بالمئات في طوابير أمام المصارف والصرافات الآلية وسط استياء كبير من عجز حكومة الوحدة الوطنية عن حل هذه المعضلة.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي مواطنين مصطفين بأعداد كبيرة ولساعات طويلة تحت درجات حرارة مرتفعة للحصول على رواتبهم أو لمحاولة سحب أموال من الصراف الآلي.
ووجه شيخ يبلغ من العمر 90 عاماً وهو ينتظر دوره في الطابور، عبر فيديو نشر على فيسبوك، نداء للمسؤولين قائلا "حرام عليكم، شيوخ ونساء وشباب يقفون تحت الحائط تحت درجة حرارة تفوق الـ40 درجة، ما يحصل معنا بمثابة عذاب، أين أنتم يا مسؤولين؟"
وتستمر معاناة الليبيين حيث يجد المواطن نفسه محاصرا بين نقص السيولة وارتفاع الأسعار خاصة في المناسبات مثل الأعياد.
وكتب الناشط رمضان الطويب "هذه الصور تتوجب إقالة محافظ المصرف المركزي وعصابته بعدما فشلوا في أداء مهامهم في توفير السيولة للمواطنين".
ويعاني البلد العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والذي ينتج ما يزيد عن مليون برميل يوميا ويحتل المركز الأول كأكبر منتج في القارة الإفريقية، من أزمة مالية جعلت منه عاجزا عن تسديد رواتب موظفيه وتوفير السيولة اللازمة للمواطنين.
ويعود جزء من الأزمة إلى الانقسامات السياسية وازدواجية المؤسسات بين شرق وغرب ليبيا مع وجود سلطتين متصارعتين، بينما يتهم المسؤولين في الجانبين بالفساد واهدار المال العام.
وتعكس أزمة السيولة النقدية الصعوبات المالية التي تواجهها ليبيا، جراء الانقسام السياسي والاقتصادي والأزمة القائمة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، بعد أن دعا الأخير إلى موازنة وطنية موحدة وسط تراجع قيمة الدينار الليبي.
ووُجهت انتقادات سياسية وشعبية لاذعة إلى الدبيبة تتهمه بتبديد المال العام في الإنفاق على الحملات والمؤتمرات، حيث كشف ديوان المحاسبة الذي يعد أكبر جهة رقابية في تقريره السنوي لعام 2022 وقائع فساد كثيرة تمثلت في اختلاس المال العام عن طريق عقود وهمية والتوسع في إبرام عقود للتوريد، بالإضافة إلى إنفاق الملايين على شراء السيارات وإقامة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق خارج ليبيا الغارقة في أزمات اقتصادية واجتماعية.
وكشفت بيانات مصرف ليبيا المركزي عن وجود فجوة في النقد الأجنبي بلغت 12.7 مليار دولار في الأشهر العشرة من العام الماضي، مع إيرادات بلغت 17.9 مليار دولار خلال الفترة من مطلع يناير إلى نهاية أكتوبر 2023، في حين بلغ إجمالي النفقات بالعملة الصعبة 30.6 مليار دولار.
وكانت وزارة المالية بحكومة الوحدة الليبية، قد أحالت في الأيام القليلة الماضية مرتبات شهري مايو ويونيو لكل القطاعات الحكومية باستثناء مرتبات العاملين بالمؤسسة الوطنية للنفط والشركات التابعة لها، ما أثار غضب موظفي الوزارة والقطاع النفطي.
وحمّل رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة وزير المالية المسؤولية لما قد يترتب عليه هذا التأخير من ردود فعل من العاملين في القطاع، مؤكّدا أن مؤسسته تقوم بتحويل الإيرادات النفطية المحصلة بصورة مستمرة ومنتظمة إلى حسابات وزارة المالية.
واعتبر أن تأخر تحويل المرتبات بهذا القطاع الحيوي والذي يشكل أكثر من 95 بالمئة من الإيراد العام للدولة خلافا عن باقي القطاعات الأخرى أمرا غير مبرر.
ووفقا لأرقام نشرتها المؤسسة الوطنية للنفط مطلع الشهر الجاري، استلم مصرف ليبيا المركزي 7.622 مليار دولار في الفترة بين شهري يناير وأواخر مايو من العام الحالي.
ويؤدي التأخير المتكرر في صرف الرواتب إلى زيادة الضغط على الأسر، بينما ارتفع معدل البطالة في ليبيا إلى 19.6 بالمئة، بحسب تقديرات البنك الدولي، ويعمل أكثر من 85 بالمئة من السكان في القطاع العام والاقتصاد غير الرسمي.