أزمة سياسية في باكستان بعد إحباط عمران خان محاولة للإطاحة به

إسلام أباد تدخل مرحلة عدم اليقين بإعلان انتخابات مبكرة.
الاثنين 2022/04/04
حيلة دستورية تنقذ عمران خان

نجا رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان من محاولة للإطاحة به عبر سحبه الثقة منه في البرلمان الأحد، لكن ذلك أدخل البلاد في مرحلة عدم يقين إذ يتعين إجراء انتخابات مبكرة في غضون ثلاثين يوما، وهو ما قد يعمق أزمات إسلام أباد الاقتصادية والأمنية.

إسلام أباد - أحبط رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان محاولة للإطاحة به من السلطة الأحد عبر إقناع الرئيس بحل الجمعية الوطنية (البرلمان)، ما يعني أنه سيتعيّن إجراء انتخابات في غضون ثلاثة أشهر.

وفي يوم شهد الكثير من المفاجآت رفض نائب رئيس الجمعية الوطنية قبول مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة، بينما ألقى خان خطابا متلفزا أشار فيه إلى وجود “تدخّل خارجي” في مؤسسات باكستان الديمقراطية.

وقال “أرسلت نصيحة إلى الرئيس بحل الجمعية. سنجري انتخابات ونترك الأمة تقرر”. ووافقت الرئاسة، وهو منصب شرفي إلى حد كبير، على الطلب.

ولم يكمل أي رئيس وزراء باكستاني كامل ولايته. ويواجه خان منذ مدة أكبر تحد لحكمه منذ انتخابه عام 2018، إذ يتّهمه معارضوه بسوء الإدارة المالية والفشل في السياسة الخارجية.

وكان من المقرر أن يناقش البرلمان الأحد مذكرة لحجب الثقة بدا نجاحها مؤكدا، لكن نائب رئيس المجلس الموالي لخان رفضها نظرا إلى “ارتباطها الواضح” بدولة أجنبية تهدف إلى تغيير الحكومة.

وأحدث الأمر ضجة ضمن المجلس، لكن الشوارع بدت هادئة في ظل انتشار أمني كثيف في العاصمة.

شهباز شريف: هذا يوم أسود في تاريخ باكستان الدستوري

وكان خان -نجم الكريكت الدولي السابق الذي قاد باكستان عام 1992 إلى فوزها الوحيد في كأس العالم للكريكت- لمح السبت إلى أنه لا يزال يملك ورقة يمكنه استخدامها.

ولم تكن خطوة الأحد متوقعة من قبل المعارضة. وقال زعيم “حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية” شهباز شريف الذي كان الشخصية المرشّحة للحلول مكان خان إذا نجح التصويت على حجب الثقة فـ”سيتم تذكّر هذا اليوم على أنه يوم أسود في تاريخ باكستان الدستوري”.

وأطلقت المعارضة والحكومة فورا سلسلة من الالتماسات والبيانات المساندة والرافضة للتطورات، بينما أعلنت المحكمة العليا أنها ستستمع إلى المرافعات في هذه القضية الاثنين.

وقال رئيس المحكمة عمر عطا بانديال إن “تحرّك الأحزاب السياسية والموظفين الرسميين بما يتوافق مع القانون والامتناع عن اتّخاذ خطوات غير دستورية أمر بالغ الأهمية”.

وخسرت “حركة إنصاف” التي ينتمي إليها خان غالبيتها في الجمعية الوطنية التي تضم 342 عضوا الأسبوع الماضي عندما أعلن شريكها في الائتلاف أن سبعة نواب سيصوّتون مع المعارضة.

وقبل التصويت اتّهم خان المعارضة بالتآمر مع “قوى أجنبية” للإطاحة به نظرا إلى أنه لا يتبنى مواقف الغرب حيال قضايا دولية ضد روسيا والصين. والخميس اتّهم واشنطن بالتدخل في شؤون باكستان.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن خان تلقى رسالة من سفير إسلام أباد في واشنطن تتضمن تسجيلا قال فيه مسؤول أميركي رفيع المستوى إن الولايات المتحدة تشعر بأن العلاقات يمكن أن تكون أفضل إذا غادر خان السلطة. وفي واشنطن نفى الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد براس الأسبوع الماضي في تصريح للصحافيين صحة الاتهامات، لكن خان أصر الأحد على أن ما جرى كان “خطوة لتغيير النظام” واتّهم المعارضة بالخيانة.

وأضاف “تمّت عملية الخيانة هذه أمام أعين الأمة بأكملها.. جلس خونة وخططوا لهذه المؤامرة”.

ويترأّس المعارضة “حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية” و”حزب الشعب الباكستاني” المتخاصمان اللذان تقوم قيادتهما على أساس عائلي وقبلي وقد هيمنا على السياسة الوطنية الباكستانية على مدى عقود إلى أن شكّل خان ائتلافا ضدّهما.

وانتُخب خان بعدما تعهّد القضاء على عقود من الفساد المتجذّر والمحسوبية، لكنه كافح للمحافظة على الدعم في ظل ارتفاع معدلات التضخم وضعف العملة المحلية والديون المنهكة.

"حركة إنصاف" خسرت غالبيتها في الجمعية الوطنية التي تضم 342 عضوا الأسبوع الماضي عندما أعلن شريكها في الائتلاف أن سبعة نواب سيصوّتون مع المعارضة

ويرى بعض المحللين أن خان خسر أيضا دعم الجيش الذي يعد غاية في الأهمية (وهو أمر ينفيه الطرفان)، لكن يستبعد أن يكون قام بمناورة الأحد دون علم المؤسسة العسكرية، بل وحتى مباركتها. ومنذ الاستقلال في 1947 عرفت باكستان أربعة انقلابات عسكرية ناجحة وعددا مماثلا من المحاولات الفاشلة. وحكم الجيش البلاد مدة ثلاثة عقود.

وقال الجنرال الذي بات محللا سياسيا طلعت مسعود “الخيار الأفضل في هذا الوضع إجراء انتخابات جديدة لتمكين الحكومة الجديدة من التعامل مع المشاكل الاقتصادية والسياسية والخارجية التي تواجهها البلاد”.

وأيا كان رئيس وزراء باكستان المقبل بعد قرار رئيس الدولة حلّ الجمعية الوطنية الأحد، فإنه سيواجه تحديات كبيرة.

وقال مدير معهد البحوث التاريخية والاجتماعية البروفسور جعفر أحمد إن الحكومة المقبلة ستحتاج إلى مجابهة “تحديات متعددة على مستوى العلاقات الداخلية والخارجية”.

وتراكمت الديون وتسارع التضخم وضعفت الروبية، ما أدى إلى ركود النمو خلال السنوات الثلاث الماضية، مع احتمال ضئيل لحصول تحسن حقيقي.

وقال نديم الحق نائب رئيس المعهد الباكستاني لاقتصادات التنمية، وهو منظمة بحثية في إسلام أباد، “فقدنا البوصلة”.

 وأضاف “هناك حاجة إلى إصلاحات سياسية جذرية لتغيير مسار الاقتصاد”.

5