أزمة رئاسة العراق تهدد التوازن الهش في إقليم كردستان

تتفاعل الأزمة السياسية في كردستان العراق لتلقي بظلال قاتمة على الاستقرار الهش داخل الإقليم، وتتخذ الأزمة المتفجرة بين الحزبين الرئيسيين أبعادا جديدة لا تنحصر فقط في التنافس على منصب رئاسة الجمهورية في العراق، بل تمتد إلى سعي الحزب الديمقراطي للانفراد بالقرار الكردي في المفاوضات الدائرة مع القوى العراقية حول المرحلة المقبلة.
بغداد - تتجه الأزمة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني حول رئاسة الجمهورية في العراق إلى طريق مسدود، وسط مخاوف كردية من تأثيراتها السلبية على استقرار إقليم كردستان وانعكاساتها على التوازن السياسي الهش داخل الإقليم.
يأتي ذلك عشية إعلان المحكمة الاتحادية العليا عن قرارها بخصوص الطعن الذي تقدمت به بعض الأطراف السياسية بشأن جلسة انتخاب رئاسة البرلمان.
وتقول أوساط سياسية عراقية إن المشكلة الأساسية في إقليم كردستان تكمن في إصرار زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني على الانفراد بإدارة العملية السياسية مع باقي القوى العراقية واحتكار سلطة القرار الكردي وتحويل باقي الطيف السياسي في الإقليم إلى مجرد أتباع وهو أمر يرفضه الاتحاد الوطني.
وتوضح الأوساط العراقية أن بارزاني يحاول استثمار نتائج الانتخابات التشريعية التي حصد فيها واحدا وثلاثين مقعدا، لتكريس نفسه الرقم الكردي الصعب ضمن المعادلة العراقية، ومن هنا يأتي تمسكه بمنصب رئاسة الجمهورية العراقية، الذي ظل لسنوات حكرا على الاتحاد الوطني ضمن اتفاق ضمني بين الحزبين حول تقاسم السلطة.
وتشير الأوساط العراقية إلى أن بارزاني يعتبر أن اللحظة مواتية حاليا لإخراج الاتحاد الوطني من المعادلة نهائيا وهو يحاول أن يستغل الأزمة الداخلية للأخير بيد أن قيادة الاتحاد الوطني أظهرت أنها لن تكون طعما سهلا.
وأعلن الاتحاد الوطني عقب اجتماع المجلس القيادي للحزب بزعامة بافل جلال طالباني، ترشيح الرئيس العراقي برهم صالح لولاية ثانية.
جاء ذلك بعد لقاء جمع رئيس الاتحاد بافل طالباني بالرئيس بارزاني السبت، وانتهى كما هو متوقع دون اتفاق حول مرشح واحد لرئاسة الجمهورية.

الاتحاد الوطني يقرر تقديم الدعم الكامل للدكتور برهم أحمد صالح لمنصب رئيس الجمهورية
وانتقد المجلس القيادي للاتحاد تفرد الحزب الديمقراطي بإبرام اتفاق مع بعض القوى السياسية وتقديم مرشحه لمنصب رئاسة الجمهورية وهو بذلك تصرف بصورة انفرادية وخارج رغبة وإرادة ووحدة صف الشعب الكردي وقواه السياسية.
وأكد الاتحاد الوطني في بيان أن من حقه أن يعتبر منصب رئاسة الجمهورية من استحقاق شعب كردستان والاتحاد الوطني الكردستاني وأنه يدافع عن حقه هذا ولن يساوم عليه.
وقرر المجلس القيادي للاتحاد الوطني تقديم الدعم الكامل لمرشح الاتحاد الوطني الدكتور برهم أحمد صالح لمنصب رئيس الجمهورية.
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني دخل في مفاوضات مع التيار الصدري المتصدر لنتائج الانتخابات والكتل السنية الممثلة في تكتلي “تقدم” و”العزم” لتشكيل ائتلاف أغلبي يضم أيضا مستقلين بهدف تشكيل حكومة أغلبية.
وفي الوقت ذاته عمد الحزب إلى التسويق للداخل الكردي بأنه يسعى لتشكيل وفد تفاوضي مشترك مع الاتحاد الوطني، في محاولة للإيحاء برغبته في الحفاظ على وحدة الصف الكردي.
ويقول مراقبون إن الحزب الديمقراطي كان يريد فعلا تشكيل وفد مشترك مع الاتحاد الوطني لكن وفق شروطه هو، ومنها ما يتعلق بمسألة تقاسم المناصب بما يشمل رئاسة الجمهورية، حيث يسعى الديمقراطي لأن يتولى وزير الخارجية والمالية الأسبق هوشيار زيباري المنصب، لتوسيع “إمبراطورية آل بارزاني”.
ويشير المراقبون إلى أن الحزب الديمقراطي يحاول اليوم ابتزاز الطيف السياسي المقابل أي التيار الصدري والكتلة السنية للموافقة على مرشحه للرئاسة، وقد بدأ التحرك بقوة في هذا الصدد من خلال الجولة التي أعلنها الحزب على القوى السياسية في بغداد.
وأعلن الحزب الديمقراطي الاثنين عن إرسال وفد له إلى بغداد يترأسه المرشح زيباري للقاء الكتل السياسية العراقية، ويتوقع أن تشمل الجولة لقاء مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وأكد الحزب الديمقراطي الاثنين عدم وجود توافق مع الاتحاد الوطني بشأن مرشح رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أن المنصب ليس حكرا لأحد.
ونقل الناطق باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني، في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية (واع) “الهدف من كل اجتماعات الحزب الديمقراطي الكردستاني مع باقي الأحزاب الكردستانية هو إعداد برنامج كردستاني وإيجاد رأي مشترك بشأن مستقبل العراق”.
وأضاف أن “هدفنا هو تشكيل وفد مشترك من كل الأطراف الكردستانية”، قائلا إن “ممثلي الاتحاد الوطني لم تكن لديهم الصلاحيات لاتخاذ قرار، حيث انسحبوا من دون علمنا”. وأشار إلى أن “منصب رئيس الجمهورية هو ليس ملك طرف واحد أو شخص واحد”، معتبرا أن “عدم تصويت ممثلي الاتحاد الوطني على هيئة رئاسة البرلمان هو كسر للوحدة”.
ومن المرجح أن يعلن الحزب الديمقراطي الأسبوع الجاري رسميا عن مرشحه زيباري لرئاسة الجمهورية.