أزمة جديدة تعكر صفو العلاقات بين الجزائر وفرنسا بسبب ناشطة

الجزائر تستدعي سفيرها في باريس للتشاور بسبب عملية الإجلاء السرية للمعارضة والصحافية أميرة بوراوي من تونس.
الخميس 2023/02/09
الصحافة الفرنسية كشفت أن الرئيس سعيّد سمح بسفر أميرة بوراوي

الجزائر - تلقي عملية إجلاء الناشطة الجزائرية المعارضة والصحافية أميرة بوراوي بظلالها على العلاقات بين الجزائر وباريس، والتي شهدت تحسنا في الآونة الأخيرة.
واستدعت الجزائر الأربعاء سفيرها لدى فرنسا "للتشاور" عقب ما وصفه بـ"عملية الإجلاء السرية" للناشطة المعارضة إلى فرنسا عبر تونس، وهي قضيّة تهدد بإحياء التوتر بين البلدين بعد الانفراجة الأخيرة في العلاقات.
وأوردت الرئاسة في بيان "أمر رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون باستدعاء سفير الجزائر بفرنسا السيد سعيد موسي، فورا للتشاور"، مشيرة إلى أن الجزائر أعربت في "مذكرة رسمية" وجهتها إلى فرنسا عن "احتجاجها بشدة على عملية الإجلاء السرية وغير القانونية" لبوراوي المطلوبة للقضاء الجزائري.
وأوقفت الناشطة السياسية والصحافية أميرة بوراوي الجمعة في تونس حيث كانت تواجه خطر الترحيل إلى الجزائر، وتمكنت أخيرا من ركوب طائرة متجهة إلى فرنسا مساء الاثنين.
وكانت الناشطة الحاملة للجنسيتين الفرنسية والجزائرية ممنوعة من مغادرة التراب الجزائري.
وأوقفتها الشرطة التونسية عندما كانت تحاول ركوب طائرة متوجهة إلى فرنسا مستعملة جواز سفرها الفرنسي، وأفرجت عنها محكمة الاثنين قبل أن توقفها الشرطة التونسية مجددا إلى أن حصلت على حماية من القنصلية الفرنسية في تونس.
وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، فقد "تم استقبالها لبضع ساعات في السفارة الفرنسية"، قبل الحصول على "إذن من الرئيس التونسي قيس سعيّد بالذهاب إلى فرنسا".
وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية الأربعاء أنها أعربت في مذكرة رسمية للسفارة الفرنسية عن "إدانة الجزائر الشديدة لانتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية".
وأضافت الخارجية أن هؤلاء "شاركوا في عملية إجلاء سرية وغير قانونية لرعية جزائرية يعتبر تواجدها على التراب الوطني ضروريا بقرار من القضاء الجزائري".
كما نددت الوزارة بالتطور "غير المقبول ولا يوصف" الذي يسبب "ضررا كبيرا" للعلاقات الجزائرية - الفرنسية.
واستنكرت صحيفة "المجاهد" الحكومية في افتتاحيتها باللغة الفرنسية الأربعاء خطوة فرنسية "غير ودية للغاية" تجاه الجزائر وتونس.
وقالت الصحيفة متسائلة "كيف يمكن لهذه السياسة الفرنسية التي تتسم بالتقدم بخطوة واحدة والتراجع بعشر خطوات أن تساعد على تهدئة النفوس، بل إنها تضفي برودة على العلاقات الثنائية، وذلك قبل أسابيع على زيارة الدولة التي من المنتظر أن يقوم بها رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون إلى فرنسا".
ومن المقرر أن يقوم تبون بزيارة لباريس في مايو، وفق ما اتفق مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي منتصف يناير.
وبعد تدهور مفاجئ في العلاقات في خريف 2021، عملت باريس والجزائر على تحسين علاقاتهما خلال زيارة الرئيس الفرنسي في أغسطس الماضي للجزائر، حيث وقّع مع تبون إعلانا مشتركا لدفع التعاون الثنائي.
وفي أكتوبر، توجهت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن برفقة 15 وزيرا إلى الجزائر لترسيخ المصالحة بين البلدين وتوقيع اتفاقيات في مجالات الصناعة والشركات الناشئة والسياحة والثقافة.
وعُرفت أميرة بوراوي، وهي في الأصل طبيبة وتبلغ 46 عاما، عام 2014 بمشاركتها في حركة "بركات" ضد ترشح الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رابعة.
وحاولت عدة مرات مغادرة الجزائر في الأشهر الأخيرة لزيارة ابنها المقيم في فرنسا، لكن دون جدوى، بحسب موقع إذاعة "راديو أم" الجزائرية، حيث قدمت برنامجا سياسيا منذ سبتمبر.
وشكرت بوراوي في منشور على صفحتها بفيسبوك "كل الذين أكدوا أنني لن أجد نفسي خلف القضبان مرة أخرى"، مشيرة إلى منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، والصحافيين، والموظفين القنصليين في سفارة فرنسا في تونس.
وأكدت أن رحيلها إلى فرنسا عبر تونس ليس هروبا إلى "المنفى" وأنها "ستعود قريبا" إلى الجزائر.
وأعلنت وسائل إعلام جزائرية مساء الأربعاء عن توقيف مصطفى بن جامع رئيس تحرير صحيفة "لوبروفنسيال" التي تتخذ مقرا في مدينة عنابة (شمال شرق) على مقربة من الحدود مع تونس.
وأكد موقع "إنتر ليني" أنه تمكن من التحدث مع زملاء للصحافي أخبرهم قبل توقيفه أنه تلقى اتصالا من "الاستخبارات العامة للشرطة"، التي طلبت منه "معلومات عن خروج أميرة بوراوي من التراب الوطني".
وأكد مصطفى بن جامع للاستخبارات أن "لا علاقة له بهذه القضية التي لا تهمه"، وفق ما نقل موقع "إنتر ليني" عن زملائه.