أزمة ثقة تهدد تحالف إدارة الدولة في العراق

قرار المحكمة الاتحادية يدفع إقليم كردستان للجوء إلى واشنطن.
الاثنين 2023/01/30
رهانات كردية على تدخل أميركي لحل القضايا العالقة بين بغداد وأربيل

تشهد العلاقة بين مكونات تحالف إدارة الدولة توترا لاسيما بين الإطار التنسيقي والطرف الكردي، الذي يرى أن الأخير يستخدم القضاء الاتحادي من أجل مساومته وابتزازه، وآخر ذلك القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية بإيقاف أي تحويلات مالية لإقليم كردستان.

بغداد - يواجه تحالف إدارة الدولة الذي يشكل المظلة السياسية لحكومة محمد شياع السوداني، خطر التفكك في ظل زيادة منسوب عدم الثقة بين المكونات الرئيسية المشكلة لهذا التحالف وهي الإطار التنسيقي، وتحالف السيادة السني والمكون الكردي الذي يمثله الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني.

وعمق قرار المحكمة الاتحادية، بإيقاف أي تحويلات مالية لإقليم كردستان، من أزمة الثقة بين الإطار التنسيقي الذي يمثل القوى الشيعية الموالية لإيران، وبين الطرف الكردي، الذي اعتبر قرار المحكمة مسيسا، وهدفه إعادة خلط أوراق المفاوضات الجارية بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم.

وأصدرت المحكمة الاتحادية، التي تشكل أعلى هيئة قضائية في العراق، الأربعاء قرارا يقضي بإلغاء جميع القرارات الحكومية المتعلقة بتحويل الأموال إلى الإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي في شمال العراق.

وقالت في بيان إنها “قررت الحكم بعدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزراء في عامي 2021 و2022” بشأن تحويل الأموال لإقليم كردستان، مضيفة أن “الحكم بات ملزما للسلطات كافة”.

قرار المحكمة الاتحادية ينسف جوهر الاتفاق السياسي الذي تم بين الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي الكردستاني

وجاء قرار المحكمة بناء على دعوى تقدم بها النائب عن محافظة البصرة مصطفى السند.

وصرح النائب المعروف عنه قربه من الإطار التنسيقي في مؤتمر صحفي عقده ببغداد عقب الحكم الصادر عن المحكمة بأن “قرار المحكمة الاتحادية سيكون معيارا ومرجعا قانونيا لجميع الحكومات اللاحقة ومن ضمنها الحكومة الحالية في عدم دستورية تحويل الأموال إلى الإقليم”.

وأضاف السند أن “هذا القرار بات ملزما ويمنع أي حكومة عراقية من تحويل الأموال خارج إطار الموازنة العراقية من خلال اتفاقات سياسية بين الإقليم والحكومة الاتحادية”.

وكانت الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي بدأت بتحويل بعض الدفعات لإقليم كردستان خلال عامي 2021 و2022، وقد أعلنت حكومة السوداني مؤخرا عن إرسال دفعة بقيمة 400 مليار للإقليم في ديسمبر الماضي.

وتوجه هذه الدفوعات لمساعدة حكومة كردستان على دوفع رواتب الموظفين في الإقليم، وبإيقافها فإن الأخيرة قد تجد نفسها عاجزة عن تسديد كامل الرواتب.

ويأتي قرار المحكمة الاتحادية بالتزامن مع مفاوضات تجري بين الحكومة الاتحادية وبين حكومة كردستان للتوافق بشأن حصة الإقليم من الموازنة العامة، فضلا عن مسألة الرواتب، وحل قضايا المناطق المتنازع عليها.

القرار القضائي تحوم حوله شبهات كثيرة، لجهة توقيته الذي يتعارض والروح الإيجابية التي أبدتها حكومة السوداني للتوصل إلى توافق مع الإقليم بشأن القضايا العالقة

ويرى مراقبون أن القرار القضائي تحوم حوله شبهات كثيرة، لجهة توقيته الذي يتعارض والروح الإيجابية التي أبدتها حكومة السوداني للتوصل إلى توافق مع إقليم كردستان بشأن القضايا العالقة.

كما أن هذا القرار ينسف جوهر الاتفاق السياسي الذي تم بين الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي أنهى حالة الانسداد التي شهدها العراق لأكثر من عام.

وأكد الحزب الديمقراطي أن الاتفاق الذي تمخض عنه انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة السوداني تضمن فقرة تنص على استمرار إرسال الأموال لإقليم كردستان، والعمل على حل المشاكل العالقة مع المركز منذ سنوات.

ووصف رئيس اقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني قرار المحكمة الاتحادية بعدم قانونية ارسال رواتب موظفي الإقليم، بغير العادل، لافتا إلى أن هذا القرار يستهدف العملية السياسية والاتفاق السياسي الذي تشكلت عليه الحكومة العراقية الجديدة.

اقرأ أيضاً: رئيس الوزراء العراقي يتريث في زيارة واشنطن خشية استفزاز طهران
اقرأ أيضاً: رئيس الوزراء العراقي يتريث في زيارة واشنطن خشية استفزاز طهران

في المقابل انبرت قيادات الإطار التنسيقي، ومن بينهم زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي إلى الدفاع عن قرار المحكمة، مشيدين بنزاهتها.

وقال الخزعلي في تغريدة إن “الالتزام بالدستور هو السبيل الوحيد لاستقرار العملية السياسية”، داعيا إلى الابتعاد عن التشنج والتسرع في اتخاذ القرارات.

ويرى مراقبون أن دفاع قيادات الإطار المستميت على قرار المحكمة يعزز الشكوك في أن الأخير من يقف خلفه، في سياق فرض المزيد من الضغوط على الإقليم، في المفاوضات الجارية مع حكومة السوداني.

ويستبعد المراقبون أن ينفذ الحزب الديمقراطي الكردستاني تهديده الضمني بإمكانية الانسحاب من العملية السياسية، حيث أن هذه الخطوة ستكون لها تبعات خطيرة على الجانبين، لافتين إلى أن الأخير سيحاول ترك هذا الخيار جانبا بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات مع الحكومة الاتحادية.

ويقول المراقبون إن الإقليم من جهة ثانية يعول على دور لواشنطن لفرض ضغوط مضادة على السلطة المركزية وإجبارها على وقف سياسة المساومة.

ويقضي الدستور العراقي بأحقية حكومة إقليم كردستان في الحصول على جزء من الميزانية العامة. لكن هذا النظام انهار في العام 2014 حين سيطر الأكراد على حقول النفط في شمال العراق بمحافظة كركوك بعد طرد تنظيم داعش، وبدأوا في بيع النفط من هناك بشكل مستقل.

وفي عام 2018 استعادت القوات العراقية الأراضي المتنازع عليها، بما في ذلك مدينة كركوك النفطية. واستأنفت بغداد ضخ بعض المدفوعات في الميزانية لكن ذلك يجري بوتيرة متقطعة، وحاولت الحكومة الاتحادية إخضاع إيرادات حكومة إقليم كردستان لسيطرتها، لكنها لم تفلح في ذلك. وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت في فبراير الماضي قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، الصادر عام 2007، وإلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلا عن إلزام الإقليم بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.

3