أزمة ثقة بين السلطة وقوى المعارضة التقليدية في موريتانيا

نواكشوط - عاد التوتر ليسيطر على المشهد السياسي في موريتانيا، وسط تحذيرات من إمكانية انهيار الهدنة السياسية بين قوى المعارضة التقليدية والرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
ويربط مراقبون التوتر الجاري بأزمة ثقة بين قوى المعارضة والسلطة السياسية، مرجحين تنامي الأزمة مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية والمحلية التي يراهن عليها ولد الشيخ الغزواني لتهيئة المجال لولاية رئاسية جديدة له.
وحذر ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي المعارض في موريتانيا من أن المشهد السياسي في البلد “بات يتميز بوجود خط تصدع عميق وخطير”، منبّها إلى أنه سيكون “من الخطر تنظيم انتخابات في هذا المناخ السيء”. جاء ذلك في بيان للائتلاف الذي يضم ثلاثة أحزاب معارضة هي اتحاد قوى التقدم وتكتل القوى الديمقراطية والتناوب الديمقراطي.
الائتلاف يعاني أزمة ثقة مع السلطة، ومن الواضح أنه يسعى للحصول على ضمانات بشأن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة
وفي منتصف ديسمبر الجاري أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عن جدول زمني للانتخابات النيابية والمحلية يتضمن توصية بإجرائها يوم الثالث عشر من مايو المقبل، فيما ينتظر أن يعلن رسميا عن هذا الموعد من طرف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، كما ينص على ذلك الدستور. وأضاف الائتلاف أن “المشهد السياسي يتسم، عشية الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية، باستمرار وتسريع عوامل الخطر الجسيمة التي تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي”.
واعتبر أن ذلك “يعود في جزء كبير منه إلى الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة منذ سنوات، في سياق عالمي وإقليمي غير مستقر وخطير”. ولفت الائتلاف إلى أن “المتلازمة المالية والبوركينابية (الانقلابات التي عرفتها مالي وبوركينافاسو) يجب أن تكون مصدر قلق لجميع بلدان الساحل حاليا”.
وحذر من أن “استمرار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في ما يتعلق بتدهور الظروف المعيشية وأخطاء وتعثر الحكامة، وما ينجم عن ذلك من شعور بالإحباط لدى فئات عريضة من الشعب، تعزز الأخطار المحدقة بالبلد”.
وقال الائتلاف إن “بعض الأطراف الدخيلة على المعارضة قامت بمناورات بهدف إنشاء استقطاب سياسي جديد، يتمحور حول الخيار بين المواجهة والعودة إلى العشرية المشؤومة (فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز) ونتائجها الكارثية أو خيار التغيير السلمي في جو هادئ”.
واعتبر أن هذا الاستقطاب “اتخذ شكل محاولات لتشكيل تحالفات سياسية وانتخابية تفرق المعارضة”، في إشارة إلى اجتماع عقدته بعض الأحزاب السياسية والشخصيات المعارضة في إطار التنسيق والتحضير للانتخابات القادمة.
وحضر الاجتماع الذي يشير إليه الائتلاف المعارض، ممثلون عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (ثاني أكبر حزب ممثل في البرلمان) وحزب الرباط الوطني وحزب تحالف العيش المشترك والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية النائب المعارض بيرام الداه أعبيد.
قوى المعارضة تعتبر قانون حل الأحزاب سيفا مُشهرا يستهدف حرمانها من المشاركة في الحياة السياسية
ويرى متابعون أن بيان ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي يعكس تخوفا من إمكانية أن تقود مهادنة السلطة الحالية إلى أضرار تصيبها في مقتل، وذلك في ظل تحركات باقي القوى نحو تشكيل جبهة سياسية أخرى تطرح نفسها الخيار الثالث.
ويشير المتابعون إلى أن الائتلاف يعاني أزمة ثقة مع السلطة، ومن الواضح أنه يسعى للحصول على ضمانات بشأن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
إلى جانب ذلك أعلن وزير الداخلية الموريتاني محمد أحمد الأمين، مساء الأربعاء، أن المحكمة العليا أقرت شرعية تطبيق الوزارة لقانون يقضي بحل الأحزاب غير الحاصلة على عتبة النسب الانتخابية في انتخابات عام 2018.
وخلال مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة نواكشوط، أوضح أحمد الأمين أن المعايير التي شُرعت عليها الأحزاب كانت قديمة وضعت قبل أربعين سنة.
واستنادا إلى قانون صدر عام 2018، أصدرت وزارة الداخلية في 2019 قرارا يقضي بحل 76 حزبا سياسيا من الموالاة والمعارضة من أصل 105 أحزاب مرخصة في البلاد.
ويثير هذا القانون جدلا كبيرا على الساحة الموريتانية، حيث تعتبره قوى المعارضة سيفا مُشهرا يستهدف حرمانها من المشاركة في الحياة السياسية.