أزمة ثروة حيوانية تتجلى في شرق ليبيا مع اقتراب عيد الأضحى

بنغازي (ليبيا) - تشهد أسعار الأضاحي في ليبيا تزايدا حادا، ويرجع ذلك لعدة أسباب أبرزها الإعصار دانيال الذي ضرب مدينة درنة وتسبب في خسارة جزء كبير من الثروة الحيوانية في شرق البلاد.
وتأثرت الأسعار بشكل عام بنفوق أعداد كبيرة من الأغنام والأبقار وغيرها من الحيوانات التي يربيها السكان عادة لتكون مصدر رزق لهم.
كما أن أسعار الأضاحي المستوردة من إسبانيا وأوكرانيا، والتي كانت في الماضي تشهد إقبالا من أصحاب الدخل المحدود، تضاعفت تقريبا وبعد أن كان سعرها نحو 500 دينار ليبي (حوالي 103 دولارات)، وصل هذا العام إلى 950 دينارا.
وتسعى الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في الشرق بقيادة أسامة حماد لتخفيف العبء عن المواطنين باستيراد أضاح من الخارج، فضلا عن محاولة ضبط الأسعار عن طريق جهاز الحرس البلدي، إلا أن مساعيها لم تفلح.
ويقع في بنغازي، وهي ثاني أكبر مدينة ليبية، مقر مجلس النواب وحكومة أسامة حماد المتحالفة مع قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة المشير خليفة حفتر.
وتم انتخاب مجلس النواب الليبي في عام 2014 عندما انقسمت ليبيا في أعقاب حرب أهلية بين إدارتين متنافستين في شرق البلاد وغربها.
وانزلقت ليبيا إلى حالة من الفوضى بعد الإطاحة بالعقيد معمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011.
بينما استسلم البعض لفكرة التخلي عن شراء الأضاحي، يصر آخرون على اتباع هذه الشعيرة الإسلامية رغم ارتفاع الأسعار
وقال الموظف أحمد عبدالحميد (57 عاما) وهو أب لستة أبناء “الأسعار جنونية، ليس معقولا أن يصل سعر الأضحية إلى 3700 و2000 دينار، للأسف راتبي لا يغطي هذه القيمة. لدي التزامات أخرى من أقساط أبنائي في المدرسة”.
وتحسر على حاله قائلا “الحياة أصبحت صعبة، نحن الليبيين ضعنا، نعم ضعنا”.
وبينما استسلم البعض لفكرة التخلي عن شراء الأضاحي هذا العام، يصر آخرون على اتباع هذه السُنة والعمل بهذه الشعيرة الإسلامية رغم ارتفاع الأسعار مثل عبدالسلام محمد (46 عاما) وهو سائق سيارة أجرة ولديه أربعة أبناء.
وقال محمد وهو يقف في سوق للأضاحي داخل حي الكيش في مدينة بنغازي “بصراحة جئت وأعرف الأسعار ولكن مثل كل عام سأشتري الأضحية المستوردة مع العلم أن هذا العام أسعارها مرتفعة عن السنوات الماضية. كانت 500 و600 دينار الآن أصبحت 950 دينارا”.
وعبّر عن مخاوفه من عدم تمكنه من شراء الأضاحي في المستقبل.
وأفاد “ليس لدي راتب، أخاف أن يأتي يوم أشتري في عيد الأضحى من القصاب كيلو أو اثنين من أجل أبنائي”.
الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في الشرق تسعى لتخفيف العبء عن المواطنين باستيراد أضاح من الخارج
ويرجع طارق المغربي تاجر الأغنام الأزمة الحالية إلى ارتفاع سعر العلف وعدم الحفاظ على الثروة الحيوانية المحلية.
ويوضح قائلا “السعر مرتفع نعم ولكن ماذا نفعل. الدولة لا تدعمنا وسعر الأعلاف مرتفع وأسعار هذا العام مرتفعة بشكل كبير”.
وتابع المغربي “الثروة الحيوانية في ليبيا تم تهريبها لدول الجوار، لا توجد لدينا دولة تهتم بهذه الثروة، ولا يتكلمون عن الأغنام إلا عندما يحل العيد”.
وهذا ما أكده فوزي العقوري نقيب القصابين في بنغازي، حيث قال “من أسباب ارتفاع الأسعار بيع الأضاحي خارج البلاد وتهريبها، منذ عام 2011 إلى وقتنا الحالي تم تهريب نصف الثروة الحيوانية إلى تونس ومصر، فضلا عن نقص الأدوية البيطرية وكذلك الحمى القلاعية أخذت شوطا كبيرا في الأغنام”.
وأشار العقوري كذلك إلى تأثير الإعصار دانيال على مناطق الثروة الحيوانية في الشرق مثل المرج وتاكنس، إضافة إلى ارتفاع الدولار اللازم لشراء الأعلاف واستيراد الماشية.
وأضاف أن الليبيين يستهلكون كل عيد ما يقرب من مليون و200 ألف أضحية.
وبحسب العقوري، كانت ليبيا تأتي ثالثا على مستوى أفريقيا من حيث حجم الثروة الحيوانية لكنها الآن تراجعت إلى المركز الثامن.
والأسبوع الماضي، أعلن الحرس البلدي في مدينة بنغازي أسعار البيض ولحوم الخراف والعجول المستوردة والمذبوحة محليا، المدعومة من الحكومة المكلفة من مجلس النواب، ومواقع توزيعها في المدينة. وأوضح الحرس البلدي أن سعر الكيلوغرام الواحد من الخروف 45 دينارا، والعجل بين 34 و38 دينارا الكيلوغرام الواحد، وطبق البيض 12 دينارا.
ووفق منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، فإن عدد المواشي في ليبيا يبلغ 7.3 مليون رأس، منها 1.5 مليون من الماعز و100 ألف من الأبقار و60 ألفا من الإبل، والباقي من الغنم، وفق بيانات العام 2023.