أزمة تيغراي مرشحة للانتقال إلى إريتريا والسودان

أديس أبابا – استهدفت صواريخ أُطلقت من إقليم تيغراي مجددا العاصمة الإريترية، وفق ما أفاد دبلوماسيون الأحد، بعد ساعات على إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد انتهاء العمليات العسكرية في الإقليم، فيما تواصل جحافل اللاجئين العبور إلى السودان الغارق في الأزمات.
وأفادت سفارة الولايات المتحدة في العاصمة الإريترية أسمرة، في وقت مبكر الأحد، عن وقوع “ستة انفجارات” في المدينة. وقال دبلوماسيان في أديس أبابا إن عدة صواريخ استهدفت على ما يبدو مطار أسمرة ومنشآت عسكرية.
وكانت هذه المرة الثالثة التي تتعرّض فيها أسمرة للقصف من تيغراي منذ أمر رئيس الوزراء الإثيوبي بإطلاق عمليات عسكرية ضد قادة الحزب الحاكم للإقليم.
ولم تتبنّ الجبهة سوى أول هجوم من هذا النوع وقع قبل أسبوعين، بينما اعتبرت أن أسمرة باتت هدفا مشروعا نظرا إلى أن حكومة إثيوبيا استقدمت الدعم العسكري الإريتري لحملتها في تيغراي، وهو أمر تنفيه أديس أبابا. لكن على غرار الهجمات السابقة المماثلة، لم يتضح مكان سقوط الصواريخ أو الأضرار التي تسببت بها.
ويرى مراقبون أن محاصرة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تعني بالضرورة انتقالها الجغرافي إلى إريتريا، العدو اللدود، والسودان الذي اختار البقاء على الحياد طيلة المواجهات.
ويتسم ميدان الحرب الراهنة بالتداخل الديمغرافي الكثيف بين الدول الثلاث، فضلا عن أهميته الاقتصادية في مجالات الزراعة وتجارة الحدود والاستراتيجية الأمنية، فهي تخوم وعرة التضاريس ومفتوحة وتصعب السيطرة عليها.
وثمة مخاوف من ازدهار عمليات تهريب كبرى ستطال السلع الاستهلاكية الأساسية والوقود، فالحرب تحتاج دعمًا لوجستيًا لا يمكن توفره لإقليم تيغراي، الذي لا يملك موانئ ولا سواحل.
وقد قطعت الحكومة الفيدرالية الإثيوبية الإمدادات عن إقليم تيغراي، وإريتريا تميل إلى آبي أحمد، ولا منفذ لتمويل الحرب إلا عبر التهريب من السودان، الذي يعاني شحا في هذه السلع، ما يهدد بارتفاع جنوني لأسعارها.
ويقول عبدالجليل سليمان، المحلل السياسي السوداني “إذا استمرت الحرب في ميدانها الحالي، ومع الأوضاع الهشة شرق السودان، فسيكون الحصول على السلاح متاحًا للجميع”.
والسودان يعاني أصلا من أزمات سياسية، رغم اتفاق السلام، وأزمة اقتصادية طاحنة وهشاشة أمنية، وشرقه الممتد على الحدود الإثيوبية الإريترية لا يزال منخرطا في صراع سياسي ذي طابع قبلي.
ولدى إريتريا تاريخ طويل من العداء لجبهة تحرير شعب تيغراي وحسابات خاصة تسعى إلى تصفيتها، كما أن رئيسها أسياس أفورقي حليف لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
ولا شك في أن شن هجمات عبر الحدود الشمالية لتيغراي من شأنه أن يفتح جبهة جديدة للقتال، لكن السلطات الإريترية تنفي انخراطها في الصراع.
وثمة خطر كذلك من أن تركيز الحكومة الفيدرالية على تيغراي من شأنه إضعاف دعمها للحكومة الصومالية في حربها ضد مسلحي حركة الشباب.
ودفع الوضع بأكثر من 20 ألف لاجئ إثيوبي إلى اجتياز الحدود نحو السودان الذي أعلن من جانبه عن فتح مخيم “أم راكوبة” بولاية القضارف لاستقبال الإثيوبيين الهاربين.
ولفتت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أنها تتوقع ارتفاع أعداد اللاجئين إلى السودان، والتي تقدرهم حتى الآن بـ25 ألف إثيوبي.
إلا أن البعد الإنساني للأزمة المتمثل في نزوح الآلاف إلى السودان وأعباء استقبالهم لن يكون الأثر الوحيد الذي ستعاني منه الدول المجاورة لإثيوبيا في حال استمرار النزاع لمدة أطول.
وتتخوف مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام، أماني الطويل، من انتقال الصراع إلى شرق السودان “نظرا للامتدادات العرقية بين الدولتين”.
كما ترجّح الطويل أن ينجر الصومال أيضا إلى الصراع، وتقول إن “استمرار الصراع وما قد يصحبه من إضعاف للجيش الإثيوبي يمكن أن يغري تنظيم الشباب المتطرف في الصومال لمحاولة الثأر مما قامت به إثيوبيا سابقا ضد التنظيم”.