أزمة تشكيل الحكومة المحلية بكركوك تتعمق مع المقاطعة والانشقاقات

بغداد – لاتزال أزمة تشكيل حكومة محلية في محافظة كركوك بشمال العراق تراوح مكانها، بعد تأجيل جلسة كان من المقرر انعقادها اليوم الخميس بشأن اختيار منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة إلى الأسبوع، لكن يتوقع أن يقع ترحيلها بسبب إعلان قوى سياسية مقاطعتها، إثر انشقاقات مفاجئة داخل الكتلة العربية واتفاقها مع الاتحاد الوطني الكردستاني على تشكيل الكتلة الأكبر.
وهذه التطورات السياسية من شأنها أن تجعل إمكانية تشكيل حكومة المحلية المعطلة منذ 8 أشهر، صعبا للغاية، ما يتطلب تدخلا من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مجددا بحثا عن حل.
وأعلنت المجموعة العربية، والكتلة التركمانية، والحزب الديمقراطي الكردستاني، في مجلس محافظة كركوك، اليوم الخميس، مقاطعتهم لاجتماع في المجلس دعا إليه الاتحاد الوطني الكردستاني وكتلة "بابليون" الأسبوع المقبل.
ونقل موقع وكالة "شفق نيوز" عن عضو مجلس محافظة كركوك رعد صالح قوله الخميس إن "المجموعة العربية سوف تقاطع الاجتماع الذي دعا له الاتحاد الوطني الكردستاني ومعه عضوة المجلس عن كتلة بابليون لأن هذا الاجتماع مخالف للحوارات التي تقوم بها الأطراف السياسية الفائزة بعضوية المجلس".
وتساءل "لو كان الاتحاد الوطني وبابليون لديهم أغلبية مقاعد مجلس كركوك فلماذا لا يشكلون الحكومة المحلية؟"، مؤكدا أن "المجموعة العربية ومعها التركمان والحزب الديمقراطي الكردستاني سيقاطعون هذا الاجتماع، فالحوارات ما زالت مستمرة بين الأطراف السياسية".
ويأتي قرار المقاطعة بعد انشقاق "مفاجئ" في صفوف الكتلة العربية، حيث تم التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الوطني الكردستاني لتشكيل الكتلة الأكبر والحكومة المحلية وتقاسم المناصب، بما في ذلك منصب المحافظ ورئاسة المجلس، وفق ما أفادت وسائل إعلام عراقية.
ونقل موقع "وكالة شفق نيوز" عن مصدر سياسي في محافظة كركوك مطلع على الأمر قوله إن "الانشقاق السياسي المفاجئ في الكتلة العربية شهد اتفاق ثلاثة أعضاء من المجموعة العربية مع الاتحاد الوطني الكردستاني لتشكيل كتلة تمثل أكبر عدد من المقاعد"، مبيناً أنه "وفقاً للاتفاق الأولي، سيشغل مرشح من الاتحاد الوطني منصب المحافظ، في حين يتولى أحد الأعضاء المنشقين عن الكتلة العربية رئاسة مجلس المحافظة".
وأضاف المصدر أن "هذا الانشقاق يأتي ضمن سلسلة من المشاكل السياسية التي تعصف بالكتلة العربية، حيث كانت هناك خلافات داخلية مستمرة، ولم تنجح الكتلة في العمل بصيغة موحدة رغم وجودهم في اجتماع مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني".
وتابع المصدر أن "الكتلة العربية انقسمت إلى مجموعتين، الأولى تضم الرئيس السن والمحافظ بالوكالة راكان سعيد الجبوري، ورعد صالح، وسلوى المفرجي، بينما تضم المجموعة الثانية (المنشقون) الأعضاء أحمد الحمداني، وظاهر العاصي، وإبراهيم حافظ".
وقررت كتلتا "بابليون" و"تحالف كركوك قوتنا وإرادتنا"، اليوم الخميس، تأجيل جلسة مجلس محافظة كركوك التي كان مقرر انعقادها اليوم الخميس، إلى مطلع الأسبوع المقبل وذلك استجابة لطلب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وذكر بيان مشترك صادر عن الكتلتين إنه "بعد ورود إشارات إيجابية من بعض القوى السياسية في مجلس محافظة كركوك، وطلبها منح المزيد من الوقت لترتيب مشاركتها في جلسة مجلس المحافظة المقبلة، واستجابة منّا لطلب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وقادة القوى السياسية الوطنية بضرورة منح المزيد من الوقت لباقي الأعضاء قررنا تأجيل جلسة اليوم الخميس إلى بداية الأسبوع المقبل".
وأشارت الكتلتان إلى حرصهما على "استكمال إجراءات تشكيل الحكومة المحلية المقبلة، وبمشاركة مكونات المحافظة".
وكان من المؤمل أن يعقد مجلس محافظة كركوك اليوم الخميس اجتماعه الثاني لانتخاب رئيس مجلس المحافظة وفتح باب الترشيح لمنصب المحافظة، وسط استمرار الخلافات وعدم التوصل إلى صيغة توافقية مشتركة بين الكتل لحسم المنصبين.
والأربعاء، أعلن طورهان المفتي مستشار رئيس الوزراء العراقي، أن مكونات كركوك قد اتفقت على تدوير منصب محافظ كركوك وتقاسم السلطة، مستبعداً إجراءات حل مجلس المحافظة بسبب التفاهمات القائمة بين أعضائه.
ولم تفض المباحثات بين القوى الفائزة في الانتخابات إلى أي نتائج، فيما شكل غياب النصاب عقبة على طريق إنهاء الأزمة. وكان مجلس المحافظة قد فشل في عقد أول جلسة له في 11 يوليو الجاري برئاسة راكان سعيد الجبوري، وبحضور 16 عضواً، خمسة أعضاء من الاتحاد الوطني الكردستاني وعضوان من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وستة أعضاء عن الكتلة العربية يمثلون أحزاب السيادة والقيادة، الى جانب التحالف العربي وعضوان عن الجبهة التركمانية، وعضو مسيحي عن مقاعد الكوتا.
وتحرّك رئيس الحكومة العراقية منذ أيام لحل أزمة انتخاب محافظ كركوك وحث القوى السياسية في المدينة على اختيار يلبّي تطلعات أبناء المحافظة.
وأشار خلال استقباله وفدا تركمانيا، عقب الهجوم الذي استهدف مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني في المدينة، الى "أهمية تقديم مصلحة أبناء كركوك في كل اتفاق بين القوى الفائزة في الانتخابات."
ونقل بيان لمكتب السوداني، تأكيده على أهمية استكمال تشكيل الحكومة المحلية، والتوافق بين ممثلي المكوّنات المتآخية للمحافظة، وضمان مشاركة الجميع بفاعلية، وعدم تهميش أي مكوّن في صناعة القرار، لما للمحافظة من خصوصية"، داعيا الى "ضرورة تعاون جميع القوى الوطنية فيها من أجل تحقيق تطلعات أهلها واستمرار الخطط الحكومية في الجوانب الخدمية والتنموية، وتحقيق نهضة اقتصادية، بالتكامل مع البرنامج الحكومي ومستهدفاته، التي تلبّي احتياجات المواطنين في كل أرجاء العراق."
وشدد على أن "نجاح الحكومة في إجراء الانتخابات المحلية في كركوك، بعد تعسّر إجرائها منذ عام 2005، يمثل خطوة مهمة على طريق ترسيخ الاستقرار في المحافظة، وإيفاءً بما وعدت به في برنامجها."
ويتكون مجلس محافظة كركوك من 16 مقعدا، وبحسب نتائج الانتخابات التي صادق عليها مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، حصل الكرد على 7 مقاعد في مجلس المحافظة، 5 مقاعد منها للاتحاد الوطني (تحالف كركوك قوتنا وإرادتنا) ومقعدان للحزب الديمقراطي الكردستاني، فيما حصلت القوائم العربية على 6 مقاعد والتركمان على مقعدين، كما فازت حركة بابليون بمقعد المكون المسيحي.