أزمة الكويت: لا التسامح مفيد ولا التلويح بالقوة ممكن

أمير الكويت مخاطبا الكويتيين: أنتم بوحدتكم الوثقى وبروحكم العالية السلاح الأقوى للحفاظ على وطننا العزيز.
الثلاثاء 2022/04/26
كلمة هادئة لأمير البلاد.. ماذا بعد

الكويت - عكست كلمة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان اعترافا بصعوبة تحريك الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، فلا خطاب التسامح واللعب على الوازع الوطني قد أفضى إلى نتيجة، ولا التلويح بالقرارات القوية قد تحقق منه شيء، خاصة أن أطراف الأزمة تذهب نحو التصعيد دون مراعاة الوضع ومخاطر ذلك على أمن الكويت.

ووصفت أوساط سياسية كويتية ما قاله أمير البلاد بأنه تحرك في المربع الممكن، فالكلمة أظهرت أن السلطة السياسية مجبرة على السير في مسار التهدئة مع البرلمان وتقبل الاستجوابات التي أطاحت بأغلب الحكومات، وتركت البلاد بلا حكومة ولا قانون للموازنة العامة يتيح للكويت أن تضع خططا لمواجهة أزمات اقتصادية واجتماعية على الأبواب بسبب تراجع عائدات النفط وعدم اقتناع الكويتيين بأن البلاد يمكن أن تتخلى عن نظام الرفاهية الذي عاشته على مدى عقود.

وأضافت هذه الأوساط أن الكلمة فيها تسليم بالأمر الواقع من خلال اعتراف أمير البلاد بأن “الإصلاح بحاجة إلى صبر جميل ولا يحدث بين ليلة وضحاها”، وكشفت عن رهان السلطة على البعد الأخلاقي والديني من أجل استمالة مجلس للأمة تتقاطع فيه الأجندات الشخصية والحزبية والقبلية ومن الصعب أن يتغير إلا بخطوات نوعية مثل الاستفتاء الشعبي على تغيير طريقة عمله والحد من صلاحياته.

وخاطب أمير البلاد الكويتيين قائلا “أنتم بوحدتكم الوثقى وبروحكم العالية السلاح الأقوى للحفاظ على وطننا العزيز”. جاء ذلك في كلمة ألقاها ولي العهد مشعل الأحمد، نيابة عن أمير البلاد، ونقلتها وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، وذلك في ظل أزمة سياسية بين الحكومة والبرلمان.

وأضاف “إنكم تدركون أن للإصلاح خطوات ومسارات وأنه لا يحدث بين ليلة وضحاها وسيظل في حاجة إلى جهد جهيد وصبر جميل وتكاتف وتلاحم من شعب وفيّ أصيل”.

وتابع “إننا لن ندخر وسعا وجهدا في سبيل حماية مقدرات ومكتسبات وطننا الحبيب”.

واستطرد “لن نتوانى في اتخاذ أي قرار يضمن للبلاد أمنها واستقرارها في ظل نهجنا الديمقراطي الأصيل ودستورنا القويم وعاداتنا وأعرافنا العريقة”.

وتساءل مراقبون عن الخطوات التي يمكن أن يلجأ إليها أمير البلاد وتكون قادرة على وقف لعبة الاستجوابات التي تمنع الحكومات المتتالية من العمل وتقديم خطط وتنفيذها، مشيرين إلى أن النواب ليسوا سوى واجهة لصراعات تنطلق في جانب منها من محيط الشيخ نواف وتدفع نحو التصعيد لتحقيق مكاسب شخصية دون مراعاة وضع الكويت.

وخلال السنوات الأخيرة حاول الأمير الراحل صباح الأحمد الجابر وبعده الأمير الحالي الشيخ نواف ووليّ العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر أن يرمموا الانشقاقات داخل الأسرة، وهي انشقاقات تعمّق الأزمة السياسية المستفحلة، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الذي تعيشه الكويت.

وكان الشيخ نواف قد قال في نفس المناسبة خلال رمضان الماضي إن “الكويت أمانة في أعناقنا ولن نسمح لكائن من كان بأن يزعزع أمنها واستقرارها من خلال نشر دعوات مغرضة هدفها المسّ بوحدتنا الوطنية”.

كلمة الأمير أظهرت أن السلطة مجبرة على السير في مسار التهدئة مع البرلمان وتقبل الاستجوابات ضد الحكومات

وتفاعل النواب بشكل إيجابي مع الكلمة الهادئة لأمير البلاد والتي لم تحمل أي تهديد بالنسبة إليهم، حيث أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم “حرص القيادة السياسية في الكويت على الاضطلاع بمسؤولياتها التاريخية التي هي أهل لها ولحملها بكل أمانة واقتدار”.

وقال إن تأكيد الشيخ نواف على صون أمن واستقرار الكويت في ظل النهج الديمقراطي والدستور هو “التأكيد المتجدد على أهمية الوحدة الوطنية”.

واعتبر النائب حمد الهرشاني أن كلمة أمير البلاد بمثابة كلمة أب لأبنائه، مؤكداً ثقته في قدرة الأمير وولي العهد على “اتخاذ القرار المناسب للحفاظ على مكتسبات وطننا وأمنه واستقراره”.

من جهته قال النائب مساعد العارضي إن من معاني كلمة أمير البلاد “أن للإصلاح خطوات ومسارات وأنه لا يحدث بين ليلة وضحاها وسيظل في حاجة إلى جهد جهيد وصبر جميل، وهذه العبارة تلخص ما حدث وما سوف يحدث وما نؤمن به ولا نتخلى عنه وهو نهج الإصلاح الذي طالبنا به وبدأنا به”.

وفي الخامس من أبريل الجاري قدم رئيس الوزراء صباح الخالد الحمد الصباح استقالة حكومته إلى ولي العهد، عشية نظر طلب برلماني بسحب الثقة منها، حيث تتطلب استقالتها موافقة أمير البلاد عليها، وهو ما لم يتم إلى حد الآن.

والثلاثاء الماضي أعلن رئيس مجلس الأمة (البرلمان) مرزوق الغانم تعليق عقد جلسات المجلس إلى حين فصل القيادة السياسية في استقالة الحكومة.

وجرى تكليف الشيخ صباح الخالد بتشكيل الحكومة أربع مرات خلال عامين ونصف العام، وكانت المرة الأولى في نوفمبر 2019.

1