أزمة الغذاء في اليمن تتفاقم مع صعوبة تحمّل تكاليف واردات القمح

عدن - يواجه اليمن معضلة مزدوجة خلال هذه الفترة في ظل الصعوبات المالية التي تعيق تحمل تكاليف واردات القمح وأزمة غذائية خانقة ما فتئت تتفاقم كل يوم.
وكشف مسؤول أممي ومستورد رئيسي الثلاثاء أن اليمن يبحث عن موردي قمح جدد لكنه سيحتاج إلى مساعدة لدفع تكاليف الواردات التي تتزايد، بينما حذر برنامج الأغذية العالمي من خفض المساعدات للملايين الذين يعيشون بالفعل على شفا المجاعة.
ويهدد تعطل إمدادات القمح العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا والحظر المفاجئ الذي فرضته الهند على تصدير القمح بتعميق أزمة الجوع بالبلاد وزيادة تضخم أسعار الغذاء التي تضاعفت بالفعل في غضون عامين فقط في بعض مناطق البلاد.
وأوكرانيا وروسيا مصدران رئيسيان للحبوب، وأدى الصراع بينهما إلى ارتفاع أسعار القمح العالمية. ويستورد اليمن 90 في المئة من غذائه.

ريتشارد راجان: عدد الجياع في اليمن قد يرتفع إلى 7 ملايين شخص
وقال ريتشارد راجان المدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن لرويترز إن “عدد اليمنيين الذين يعيشون في ظروف قريبة من المجاعة قد يرتفع إلى 7 ملايين في النصف الثاني من 2022 من زهاء 5 ملايين الآن”.
وتسهم المنظمة التابعة للأمم المتحدة في توفير الطعام لنحو 13 مليون شخص شهريا في بلد يقترب عدد سكانه من حاجز 30 مليون نسمة، حيث تضرر الاقتصاد بسبب سنوات من الحرب.
لكنها خفضت منذ يناير الماضي حصص الإعاشة لثمانية ملايين منهم وقد تضطر إلى إجراء مزيد من التخفيضات بعد أن جمعت ربع مبلغ ملياري دولار الذي تحتاجه من أجل اليمن هذا العام من المانحين الدوليين.
وقال راجان “نأخذ الطعام من الفقراء ونطعم الجياع. في شهر يونيو سيتعين علينا اتخاذ بعض القرارات الصعبة بشأن احتمال خفض عدد من نطعمهم إلى خمسة ملايين فقط هم الأكثر عرضة للخطر بالفعل”.
وأضاف أن احتياجات اليمن من الحبوب تبلغ نحو أربعة ملايين طن سنويا و”نأتي بنحو 25 في المئة منها”، مردفا أن البرنامج نفسه شهد زيادة في تكاليف الغذاء والوقود تتراوح بين 25 و30 مليون دولار شهريا.
وقال وزير التجارة اليمني محمد الأشول لرويترز الأسبوع الماضي إن “اليمن لديه من القمح ما يكفي لثلاثة أشهر”، مضيفا أن الوزارة “تضغط من أجل شريحة من المساعدات السعودية بقيمة 174 مليون دولار لاستخدامها في تمويل واردات أساسية بينها القمح”.
ووافقت السعودية في وقت سابق هذا الشهر على دفع القسط الأخير من وديعة وعدت بها في 2018، في وقت تسببت فيه الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات في انهيار قيمة العملة ونقص في الاحتياطيات الأجنبية.
وأشار وزير التجارة اليمني إلى أن “الحكومة والمستوردين يبحثون عن أسواق بديلة لاستيراد القمح مثل البرازيل وغيرها لتعويض 45 في المئة من احتياجات القمح التي كانت تأتي من أوكرانيا وروسيا”.
ودعت مجموعة هائل سعيد أنعم، وهي واحدة من أكبر التكتلات الغذائية باليمن والتي تزود وكالات الإغاثة أيضا، إلى مساعدة أجنبية في صورة آليات طارئة مثل صندوق خاص لتمويل الاستيراد وفترة سداد موحدة مدتها 60 يوما.

وكانت الشركة، التي لديها مخزون يكفي حتى أغسطس المقبل، تحصل على القمح من فرنسا والهند بدلا من أوكرانيا وروسيا، لكن ثمة الآن حالة من عدم اليقين بخصوص الإمدادات الهندية.
وقال المتحدث باسم المجموعة محمد هائل سعيد إن “الجميع يتسابقون إلى الهند الآن وإذا لم يتم وضع آلية للمساعدة في إدخال القطاع الخاص اليمني فإنهم يخشون أن تدفعهم الدول الأخرى إلى الجزء الخلفي من قائمة الانتظار”.
وأوضح أن الهند كانت سوقا رئيسية نظرا إلى قربها من المنطقة كما أن سعر القمح الهندي يقل بنحو 100 دولار عن السعر الأوروبي.
وقدمت المؤسسة المالية الدولية التابعة للبنك الدولي إلى مجموعة هائل في أغسطس الماضي حوالي 75 مليون دولار كدين لتمويل عملياتها في اليمن.
وأكد محمد هائل أن شحنات القمح التي دخلت إلى اليمن في مارس وأبريل الماضيين كانت عالقة منذ أشهر ما وصفها بـ”الصدمة الفعلية”، موضحا أن الجميع سيشرع في رؤية الصدمة خلال الأشهر المقبلة.
وقال التاجر أحمد حنش الذي يعمل بالعاصمة صنعاء لرويترز إن “مطاحن الدقيق تستخدم الآن القمح الأسترالي والأميركي مما تسبب في رفع الأسعار”