أزمة السكر تزعج المصريين وتحرج الحكومة

الحكومة تراهن على إنتاج السكر من البنجر في شهر مارس المقبل، ولذلك تستمر مبادرة خفض الأسعار إلى حين حلول هذا الموعد.
الثلاثاء 2023/11/28
طوابير أمام المنافذ الكبيرة للحصول على السكر

القاهرة - تفاقمت أزمة ارتفاع أسعار السكر في مصر بصورة مثلت إزعاجا لشريحة كبيرة من المواطنين في وقت لا تريد فيه الحكومة قلقا داخليا، فانتخابات الرئاسة على بعد أيام قليلة، وتحديات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مستمرة، ولا تزال القاهرة تبحث عن وسائل لسد تأثيراتها على الداخل المصري.

وأمام مشاهد الطوابير الطويلة أمام المنافذ الكبيرة لحصول المواطنين على السكر في القاهرة ومحافظات أخرى بحثت الحكومة عن أدوات لمنع اتساع الأزمة وخروجها عن نطاق السيطرة، فقدمت تصورات عملية ووعودا مصحوبة بتهديدات، حيث وفرت في الأسواق كميات من السلعة بأسعار مقبولة، وقررت استيراد كميات جديدة، ومنحت التجار وقتا قصيرا للسيطرة على انفلات الأسعار.

وأكد متعاملون، الاثنين، في تقديرات مبدئية أن أقل سعر تلقته الهيئة العامة للسلع التموينية بمصر في ممارسة دولية لشراء 50 ألف طن من السكر الخام يعتقد أنه 690 دولارا للطن غير شامل تكاليف التفريغ، وأقل سعر تلقته الهيئة لشراء 50 ألف طن من السكر الأبيض المكرر 780 دولارا للطن غير شامل تكاليف التفريغ.

وتحاول الحكومة سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وسمحت من خلال أكثر من طرح باستيراد نحو 280 ألف طن من السكر الخام لتكريرها منذ يونيو الماضي، وإعلانها التعاقد على استيراد نحو 100 ألف طن جديدة من السكر الأبيض المُكرر.

حسن الفندي: التسعير الجبري الذي تهدد به الحكومة غير مفهوم
حسن الفندي: التسعير الجبري الذي تهدد به الحكومة غير مفهوم

وهدد وزير التموين المصري علي المصيلحي التجار، قائلا “لو سعر السكر ما نزلش (ينخفض) خلال عشرة أيام هطلب من رئيس الوزراء التدخل وتحديد سعر إجباري”.

وجاء التصريح على الرغم من استمرار المبادرة الحكومية لتخفيض أسعار تسع سلع بينها السكر بنحو 25 في المئة، ما يعني في نظر المواطنين أن أجهزة وزارة التموين غير قادرة على السيطرة على الأسعار حتى الآن.

وقال رئيس شعبة السكر والحلويات باتحاد الصناعات المصرية حسن الفندي إن أزمة السكر “غامضة ولا ندري ما سبب تعطيش السوق، كما أن تصريحات وزير التموين بإمهال السوق عشرة أيام للانضباط غير مفهومة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن السكر المتداول في البورصة السلعية بسعر 24 ألف جنيه (777 دولارا) للطن، أي أن سعر الكيلو 24 جنيهًا (0.77 دولارا) ليبيعه التاجر بنحو 25.5 جنيها (0.82 دولارا) ليصل إلى المستهلك في النهاية بنحو 27 جنيهًا (0.87 دولارا)، وهو سعر الكيلو في مبادرة خفض الأسعار.

وأوضح الفندي أن المشاركين في تعاملات البورصة السلعية من التجار ومصانع التعبئة ويحصلون على السكر بانتظام وقعوا على تعهدات بذلك مع الحكومة من أجل انتظام البيع في المبادرة الحكومية.

وأشار إلى أن مفهوم التسعير الجبري الذي تهدد به الحكومة غير مفهوم، وهل هو عقاب للمصنعين أم لمن تحديدًا، وهل ذلك اشتراكية أم رأسمالية أم رأسمالية موجهة، وأن سعر السكر في مبادرة الحكومة محدد جبري، بالتالي التسعير الجبري متاح حاليا.

وتراهن الحكومة على إنتاج السكر من البنجر في شهر مارس المقبل، ولذلك تستمر مبادرة خفض الأسعار إلى حين حلول هذا الموعد، ويمكن مع زيادة المعروض في السوق كبح ارتفاع أسعار السكر.

حسام عبدالمنعم: الحكومة لم تحسن التعامل مع أزمة السكر
حسام عبدالمنعم: الحكومة لم تحسن التعامل مع أزمة السكر

وكشف مدير شركة السلام للصناعات الغذائية حسام عبدالمنعم أن الحكومة لم تحسن التعامل مع أزمة السكر، مثل الأرز الذي فرض التجار أسعاره في النهاية، ويقف بعض التجار وراء الأزمة الراهنة وتعطيش السوق عمدًا، وهو ما تأكد بعد قرار النائب العام بحبس ثلاثة تجار قبل أيام لبيع أطنان من السكر في السوق السوداء.

وذكر عبدالمنعم في تصريحات لـ”العرب” أن الجهة الآمنة للحصول على السكر بالنسبة إلى المصانع أو التجار كي لا يحدث ارتفاع في سعره هي البورصة السلعية، لكنه غير متوفر، وغير متاح للجميع، ويؤدي وجود سوق سوداء لسلعة أساسية مثل السكر إلى أزمة كبرى تؤثر على الأسواق وتفضي إلى تذبذب كبير في أسعار العصائر والحلوى وغيرها من المنتجات في السوق التي تضر بمصالح المواطنين، لأن نسبة كبيرة من الشركات تحصل عليه من السوق الموازية.

وأدى وضع حدود قصوى لصرف السكر على البطاقات التموينية إلى ارتفاع طلبات المستهلكين من القطاع الخاص، وكانت وزارة التموين تحتاج نحو 1.1 مليون طن من السكر سنويًا لتغطية احتياجات البطاقات التموينية.

واتخذت الحكومة عدة خطوات للحل، منها إلزام الشركات المحلية والمستوردين ببيان أسبوعي بالكميات المخزنة وسعر البيع للمستهلك، وتدوين أسعار البيع في مكان ظاهر على العبوات، لكن لا تزال مستمرة مع الإصرار على مواصلة التصدير، وعدم التقيد بقرار حظره الذي صدر في مارس الماضي، ووقتها لم تكن قيمة صادرات أول شهرين من العام الجاري تجاوزت 51 مليون دولار.

ولفت المجلس التصديري للصناعات الغذائية إلى أن قيمة صادرات السكر في أول تسعة أشهر من العام الجاري بلغت 394 مليون دولار، مقارنة بـ250 مليون دولار العام الماضي بهدف الاستفادة من الأسعار العالمية المرتفعة للسكر التي بلغت 780 دولارًا لطن السكر المكرر، ووصل الخام منه إلى 567 دولارًا للطن.

ويقول متابعون إن تصدير السكر ثم استيراد نوع آخر منه يثير حيرة بعض المصريين، فمهما كانت حاجة الحكومة ملحة لتحصيل عملات أجنبية، عليها أن توفر استقرارا داخليا من خلال توفير احتياجات المواطنين أولا، لأن المسار الذي تمضي عليه الحكومة حاليا يمكن أن يؤدي إلى مشكلات اقتصادية.

وحذر هؤلاء المتابعون من مغبة السياسات التي تتبناها الحكومة، حيث تصدر الغاز لتوفير عملات صعبة، وتترك المواطنين يعانون من انقطاع الكهرباء بسبب ندرة الغاز الذي تقوم بتصديره، ومهما كانت حاجتها الضاغطة إلى سد النقص في شح الدولار عليها أن تتذكر أن ندرة بعض السلع وزيادة أسعارها من محددات الأمن القومي، ويجب أن تنتبه لخطورة عدم وجود حلول

2