أزمة التنوع البيولوجي تضع قدرة العالم على حشد التمويل تحت الاختبار

روما - تجتمع دول في روما الثلاثاء، في محاولة ثانية لمعرفة كيفية جمع 200 مليار دولار سنويا للمساعدة في الحفاظ على التنوع البيولوجي في العالم وإعطاء دفعة للتعاون العالمي مع تراجع الولايات المتحدة.
وألقت التحركات التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ تنصيبه في يناير الماضي، لإلغاء تمويل التنمية بظلالها على المناقشات وزادت الضغوط على الحاضرين، حتى برغم أن أكبر اقتصاد في العالم لم يوقّع رسميا على الجهود.
وبعد التوصل إلى اتفاق تاريخي في عام 2022 لوقف خسارة الطبيعة بحلول عام 2030 تحت اسم “إطار كونمينغ – مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي”، اجتمعت البلدان في مدينة كالي الكولومبية في أكتوبر الماضي للتوصل إلى كيفية دفع ثمن ذلك.
وبينما وافقوا على إنشاء صندوق لجمع الأموال من الشركات التي تستفيد من البيانات الجينية الموجودة في الطبيعة (صندوق كالي)، فشل المفاوضون في الاتفاق على من يجب أن يدفع وكيف يجب إدارة الأموال.
وتبدو الحاجة إلى العمل حادة، حيث انخفضت أعداد الحيوانات البرية الفقارية بنسبة 73 في المئة منذ عام 1970، وفقًا للصندوق العالمي للطبيعة غير الربحي.
ويعتمد أكثر من نصف الاقتصاد العالمي بشكل مباشر على الطبيعة. وتولي المؤسسات المالية اهتماما لمواءمتها مع أهداف اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، لكن الطبيعة لا تزال غير جوهرية في معظم عمليات صنع القرار المالي.
والدول الصناعية هي المسؤول الأول عن انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، ومع ذلك، فهي لا تفعل ما يكفي لمساعدة الدول الفقيرة – الأكثر مُعاناة من تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري – على مواجهة أزمة المناخ.
ورغم وجود أدلة واضحة على تسارع الأخطار المناخية وتبعاتها في كل أنحاء العالم، فإن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يرى أن نقص تمويل التكيف يتزايد وأصبح يتراوح الآن بين 203 و383 مليار دولار سنويا.
ومن بين الأسئلة الأكثر صعوبة التي تجب الإجابة عليها كيفية جعل البلدان الأكثر ثراء في أوروبا وأماكن أخرى تدفع ما يكفي لمساعدة الدول الأكثر فقرا عندما تتراجع الرغبة في تقديم المنح أو القروض منخفضة الفائدة وسط أزمة تكاليف المعيشة الأوسع نطاقًا.
وبحلول الوقت الذي سقطت فيه المطرقة في كالي، لم يكن قد تم التعهد إلا بنحو 163 مليون دولار، وهو مبلغ بعيد كل البعد عن 30 مليار دولار سنويا التي سعت إليها الدول بحلول نهاية العقد.
ولا يتوقع أن يتم تقديم تعهدات مالية عامة كبيرة في روما، لكن المراقبين يريدون المزيد من الشفافية حول من يدفع للطبيعة وبأيّ قدر.
ولا تزال احتمالات انهيار المحادثات في روما عالية، ومن شأنها أن تعيق الجهود التي تبذلها البرازيل للمزيد من دمج الطبيعة في جهود العالم لوقف تغير المناخ عندما تستضيف الجولة التالية من محادثات المناخ العالمية في مدينة بيليم البرازيلية في نوفمبر.
وفي حين أن الولايات المتحدة ليست طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، فإن حجم التغييرات السياسية الأخيرة قد يكون له تأثير مخيف على رغبة البلدان في التعهد بالأموال ودعم السياسات الصديقة للطبيعة.
وقال أوسكار سووريا، الرئيس التنفيذي المشارك لمنظمة المبادرة المشتركة غير الحكومية، وهي مؤسسة بحثية تركز على السياسة الاقتصادية والبيئية، إن “البلدان يجب أن ترتفع فوق التوترات السياسية، وإن تمويل التنوع البيولوجي تم تجاهله لفترة طويلة للغاية.”
رغم وجود أدلة واضحة على تسارع الأخطار المناخية فإن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يرى أن نقص تمويل التكيف يتزايد وأصبح يتراوح بين 203 و383 مليار دولار
وأضاف أن “هذه اللحظة قد تكون تاريخية، إذا اختاروا الطموح.” وتابع “السؤال هو ما إذا كانوا سيقاتلون من أجل المستقبل أو يتركون هذه الفرصة تفلت من أيديهم.”
وتقول الدول الفقيرة إن الدول والشركات التي تساهم أكثر في فقدان التنوع البيولوجي في الشمال العالمي هي التي يجب أن تدفع الجزء الأكبر.
في المقابل، تريد الدول الغنية بما في ذلك في أوروبا أن تدفع الدول ذات الدخل المتوسط المتنامي مثل تلك الموجودة في دول الخليج وصناديق الثروة السيادية المزيد.
ونظرا للتردد في إعطاء المال في شكل منح، فإن الضغوط تتزايد لجلب مصادر أخرى للتمويل، على سبيل المثال من خلال إقراض بنوك التنمية والموارد المحلية والقطاع الخاص.
وفي الوقت نفسه، ستناقش الدول أيضا كيفية تحويل 500 مليار دولار سنويا تقدر أنها تُنفق على الإعانات والحوافز الأخرى التي تساعد في تمويل المشاريع التي تضر بالطبيعة، إلى أنشطة صديقة للطبيعة.
ويتعين على الدول كذلك أن تقرر أين ينبغي لها أن تودع أيّ أموال يتم جمعها، مع إمكانية إنشاء صندوق جديد أو أن تستخدم البلدان صندوقاً قائماً، مثل صندوق الإطار العالمي للتنوع البيولوجي، الذي تديره مؤسسة البيئة العالمية.
وفي حين ترحّب أوروبا بأيّ أموال يديرها صندوق البيئة العالمية، فإن بلدانا مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية والبرازيل ودولا أخرى تطالب بنظام جديد يمكن أن يكون لها فيه رأي أكبر.
ونظرا إلى عدم وجود أحداث جانبية في مؤتمر هذا الأسبوع، فمن غير المرجح أن يحضر عدد أقل من الشركات. ومع ذلك، من المتوقع أن يتم إطلاق صندوق كالي رسمياً، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت الالتزامات المالية الأولى سوف يتم الإعلان عنها.
