أزمة البنزين تثير مخاوف اللبنانيين من رفع الدعم عن المحروقات

بيروت – أحيت أزمة المحروقات التي طفت مجددا على السطح في لبنان مخاوف اللبنانيين من توجه الدولة نحو رفع الدعم عن المحروقات، فيما رأى آخرون أن تفاقمها كان نتيجة ارتفاع وتيرة عمليات تهريبها إلى سوريا.
وامتنعت الاثنين أعداد كبيرة من محطات المحروقات عن تزويد السيارات بمادة البنزين، بتعلة نفاد مخزونها من البنزين فيما شهدت محطات أخرى اكتظاظا غير مسبوق.
وعمدت المحطّات التي لم تقفل أبوابها، إلى تحديد كميّة البنزين لكلّ سيارة بـ20 لترا كحد أقصى.
ويشهد لبنان أزمة بنزين تظهر من فترة إلى أخرى بسبب شحّ هذه المادة، التي تنشط شبكة لوبيات متشعبة في تخزينها وتهريبها إلى سوريا.
وكان وزير الطاقة ريمون عجر قال منتصف شهر أبريل الماضي إن أزمة شح البنزين في لبنان تعود إلى عمليات التهريب النشطة بين لبنان وسوريا بسبب فارق السعر بين البلدين، مطالبا القوى الأمنية والجيش اللبناني بضبط الحدود.
وأعلن الجيش اللبناني في أكثر من مرّة عن إحباط عمليات تهريب محروقات إلى الأراضي السورية، وعن توقيف أشخاص لبنانيين وسوريين.
والأربعاء الماضي أوقفت وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في منطقتي البقاع، شرق لبنان، والشمال ثمانية مواطنين لبنانيين، كانوا يعدون لتهريب مادتي البنزين والمازوت ومادة السمن إلى سوريا.
وقال بيان صادر عن الجيش اللبناني "إن وحدات الجيش ضبطت 3 صهاريج وبيك آب ودراجة نارية و23000 لتر من مادة المازوت و1024 لترا من مادة البنزين و2321 كرتونة من مادة السمنة النباتية المعدة للتهريب إلى الأراضي السورية".
وتتخوف أوساط لبنانية من أن يمهد شح مادة البنزين الذي يتم تصديره في وسائل إعلام تحت غطاء عمليات التهريب، لرفع الدعم عن المحروقات وما سيحدثه من انعكاسات سلبية على الأوضاع الاقتصادية عامة، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي باتت صعبة المنال.
ويعني رفع الدعم عن المحروقات أن سعر صفيحة البنزين سيرتفع من 24600 ليرة لبنانية إلى حوالي 70 ألفا، أي ما يوازي 10 في المئة من الحد الأدنى للرواتب، الأمر الذي سيستدعي ارتفاعا موازيا في مجمل الأسعار، وهناك نقاش حول عدم رفع الدعم بشكل كامل عن المحروقات تفاديا للمزيد من تدهور الوضع الاجتماعي والمعيشي.
لكن عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البراكس أوضح في تصريحات محلية أن مسألة رفع الدعم عن المحروقات مستبعدة في المدى المنظور، "فموضوع المحروقات معقد جدا وانعكاساته السلبية على المواطنين أكبر من أي سلعة أخرى".
وكشف أن "هناك 3 مليارات دولار قيمة استيراد المحروقات سنويا، فرفع الدعم لن يكون سهلا"، ولافتا إلى أن "تأثيره لن يكون فقط على سعر البنزين بل على كل السلع".
وفي الوقت الذي يرزح فيه لبنان تحت وطأة أزمة مالية عميقة، يدعم مصرف لبنان المركزي السلع الأساسية من خلال توفير العملة الصعبة للمستوردين بسعر الصرف القديم البالغ 1500 ليرة لبنانية للدولار، حتى بعد أن فقدت الليرة 80 في المئة من قيمتها.
وتعرض الأسلوب الشامل الذي يدعم به لبنان السلع الأساسية، مثل الوقود والقمح والأدوية، لانتقادات واسعة، بما في ذلك من قبل كبار الساسة في الأحزاب الحاكمة، لأنه لا يستهدف من هم في أمسّ الحاجة إلى تلك السلع.
وتدهور الوضع الاقتصادي بشكل جذري في لبنان منذ بداية العام الحالي، وتفاقم هذا الوضع بسبب انتشار وباء فايروس كورونا المستجد وانفجار مرفأ بيروت، الذي وقع في 4 أغسطس الماضي، وهو ما دفع بالعديد من المواطنين إلى الفقر.
وكان لبنان قد بدأ مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج إنقاذ مالي في مايو للبحث عن مخرج من أسوأ أزماته منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1990، وتوقفت المحادثات بين الجانبين منذ شهور بسبب فشل الحكومة اللبنانية في القيام بالإصلاحات الضرورية وفشل السياسيين اللبنانيين في تأليف حكومة جديدة.