أزمة الإسكان تختبر زخم حملة الإصلاحات السعودية

الرياض – يسعى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبناء مدينة عملاقة بأحدث تكنولوجيا الذكاء الاصصناعي في إطار خطة إصلاح كبرى، في وقت تقف فيه أحلام الكثير من المواطنين السعوديين عند امتلاك مسكن في حدود إمكاناتهم المادية.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 1.2 مليون سعودي عاجزون عن امتلاك مسكن بإمكاناتهم الذاتية. وتبدو مساعدتهم في تحقيق ذلك الحلم ضرورية لإقناعهم بأن خطة الإصلاح لن تفيد كبار الأثرياء فقط.
ويقول إبراهيم البلوشي رئيس شركة جونز لانج لاسال للاستشارات العقارية إن البيت الذي تبلغ مساحته 250 مترا مربعا في مدن السعودية يتراوح سعره بين 186 و226 ألف دولار، أي ما يعادل 10 أضعاف المرتب السنوي لأسرة محدودة الدخل.
وكانت السعودية قبل سنوات تملك سيولة كبيرة بفضل عائدات تصدير النفط، وقد ساعد ذلك في توفير نظام رفاه للمواطنين من المهد إلى اللحد دون فرض أي ضرائب تقريبا.
لكن تراجع أسعار النفط جعل الانضباط المالي وتنويع الموارد أمرا حيويا، ودفع الرياض إلى وضع خطة إصلاح شاملة هي “رؤية المملكة 2030” لتقليل الاعتماد على النفط وتحديث الاقتصاد وإجراء إصلاحات اجتماعية في البلد المحافظ بشدة.
وخطا الأمير الشاب البالغ من العمر 32 عاما خطوات سريعة قوية في مسائل كان القادة السابقون يتحركون فيها بحذر، وكانت أول عقود تبرم في مشروع منطقة نيوم العملاقة شمال غرب البلاد لإنشاء خمسة قصور للعائلة المالكة.
ويقول بعض المنتقدين إن وتيرة الإصلاح شديدة السرعة. ويستشهدون بتخفيضات في نظام الدعم السخي وتطبيق ضريبة القيمة المضافة أوائل العام الجاري، وهما خطوتان أثرتا بشدة على بعض السعوديين وتسببتا في تآكل المدخرات.
ويزيد النمو السكاني من مشاكل البلاد حيث ارتفع السكان بنسبة 44 بالمئة منذ عام 2004 ليصل إلى 32.55 مليون نسمة العام الماضي، في وقت تنمو فيه المدن وخاصة الرياض بوتيرة سريعة.
وتؤكد وزارة الإسكان وجود خطط لبناء مليون وحدة سكنية في 5 سنوات باستثمارات تتجاوز 100 مليار دولار من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص. وتم توقيع اتفاقات مع شركات كورية جنوبية وصينية. كما أبدت شركات أميركية اهتمامها.
وقال عبدالله السديري الرئيس التنفيذي لشركة أملاك العالمية للتمويل العقاري إن “العقار مرآة الاقتصاد، فلا يمكنك أن تبني بيوتا إذا لم يكن الناس يستطيعون شراءها… البيوت منخفضة التكلفة تعادل 5 أو 6 مرات مقدار الدخل السنوي”.
وتريد الحكومة أن يمتلك 60 بالمئة من السعوديين منازل بحلول 2020 وهي تتعاون مع البنوك لتيسير التمويل ومساعدة المطورين على زيادة المعروض بأسعار مناسبة.
وتضم قائمة انتظار لدى صندوق التنمية العقارية أسماء نحو 500 ألف سعودي. ويقدم الصندوق للسعوديين قروضا حسنة لشراء منازل مدعومة من الدولة يبلغ سعر الواحد منها نحو 650 ألف ريال (173 ألف دولار). ويمكن تسديد هذا المبلغ على فترة طويلة بأقساط شهرية تصل إلى 2500 ريال.
وأكد خالد العمودي المشرف العام على الصندوق أن أغلب هؤلاء المنتظرين يمكنهم الحصول على تمويل في السنوات الثلاث المقبلة.
ويتساءل المهندس سلمان الشدوخي البالغ من العمر 30 عاما، والذي يبلغ مرتبه 15 ألف ريال في الشهر، عما إذا كان سيأتي اليوم الذي يستطيع فيه امتلاك منزل مدعـوم من الحكومة.
ويقول إنه لو اتخذ قرارا بالحصول على تمويل، فأغلب البيوت مساحتها 250 مترا مربعا وسعرها يصل إلى 900 ألف ريال. وأضاف أن الفوائد يمكن أن ترفع الثمن إلى الضعف تقريبا “يعني ذلك أنني سأظل أدفع أكثر من نصف راتبي لمدة 20 سنة لتسديد القرض”.
ومن أجل ادخار المال انتقل الشدوخي إلى بيت أبيه مع زوجته وابنتيه. غير أنه ما زال يعاني من عبء قرض أخذه قبل أربع سنوات للزواج.
وانتقد أعضاء مجلس الشورى وزارة الإسكان لبطء التقدم في علاج مشكلة الإسكان وتحقيق تطلعات المواطنين، وتساءلوا عن عدد قطع الأراضي التي يتم تسليمها للمواطنين.
وقال المواطن أبويزيد الحويطي في تغريدة على موقع تويتر إن “أكبر إنجازات وزارة الإسكان هو تكبيل المواطن بمبلغ دين ضخم وقسط شهري ضخم وتسليمه لأحد البنوك ليتم تعذيب المواطن”.
وقد تم إبدال بعض مسؤولي وزارة الإسكان في السنوات الأخيرة لتقاعسهم عن معالجة مشكلة توفير مساكن بأسعار معقولة.
ويرى محللون أنه ليس هناك مجال للخطأ، فولي العهد يعول على هؤلاء الشباب في دعم إصلاحاته. وقال ديفيد ديو العضو المنتدب في بنك ساب والذي يتابع ملفي الإسكان والبطالة إنه يستبعد إنجاز 100 بالمئة من الأهداف الطموحة التي حددتها وزارة الإسكان.