أزمة الألبان في تونس تستمر وسط دعوات إلى تدخل الدولة لتعديل الأسعار

تونس - تشهد منظومة الألبان ومشتقاتها في تونس أزمة مستمرة، فاقمها تواصل الجفاف وتزايد أسعار أعلاف الماشية، وهى المصدر الرئيسي للحليب الذى يعتمد عليه في صناعات الألبان، وسط دعوات المزارعين إلى ضرورة التدخل العاجل من الدولة لتعديل أسعار الحليب عند البيع ودعم العلف المركب.
وأصبحت أزمة الألبان، الأزمة الرئيسية في المواد الأساسية، حيث تواجه نقصا كبيرا في الأسواق التونسية، وتعانى سوق الألبان في تونس من نقص يومي في الإمدادات يتراوح بين 400 و500 ألف لتر، في الوقت الذي يتراوح فيه الاستهلاك اليومي من الحليب بين مليون و800 ألف لتر ومليوني لتر، وفق إحصائيات الإدارة المركزية لتصنيع الحليب في تونس.
وتسبّبت أزمة الجفاف في السنوات الأخيرة في ارتفاع أسعار المواد العلفية في تونس، إلى جانب تواصل ارتفاع أسعار المواد العلفية المركبة المخصصة للأبقار المنتجة للحليب.
وعدّد الرئيس التنفيذي لشركة منتجة للحليب ومشتقاته علي الكلابي الصعوبات الكبرى التي يشهدها قطاع الألبان في تونس منذ سنوات، والتي تفاقمت مع اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية والارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف.
وأكد أن أسعار الذرة والفاصوليا سجلت ارتفاعا بنسب تراوحت بين 40 و50 في المئة، وهو ما أثّر بشكل مباشر على كلفة الإنتاج بالنسبة إلى الفلاحين وغالبيتهم من صغار المزارعين.
وأوضح الكلابي أنه في ظل ديونهم المتخلدة لفائدة الدولة والمقدرة بـ400 مليون دينار(126.66 مليون دولار)، هم مطالبون بتسديد ديون بنكية قدرت بـ5.7 مليون دينار (1.8 مليون دولار)، سنة 2022 ونحو 7 ملايين دينار (2.22 مليون دولار) بعنوان سنة 2023 أي أنهم مطالبون يوميا بدفع ما يعادل 20 ألف دينار (6.33 ألف دولار)، لتعويض مستحقاتهم لدى الدولة حسب تصريحه خلال أشغال المؤتمر الوطني الثالث لمنظمة كونكت.
ودعا السلطات المعنية إلى إعادة النظر فورا في سعر لتر الحليب على مستوى الإنتاج، مضيفا “لدينا انخفاض يتراوح بين 300 و400 ألف لتر من الحليب يوميًا في السوق وتقوم المصانع بتزويد السوق بمليون و400 ألف لتر في وقت يبلغ الطلب مليونا و800 ألف لتر وهذا الخلل سبب التوتر بالسوق”.
وأشار علي الكلابي إلى أنه لتحقيق العدالة للمزارع يجب إقرار زيادة في سعر الإنتاج بمقدار 400 مليم (0.13 دولار)، مشيرا إلى أن “المعهد الوطني للاستهلاك يقدر أن الأسرة التونسية تستهلك حوالي 25 لترا من الحليب شهريا ما يساوي 10 دنانير (3.17 دولار) شهريا للأسرة، مما سيسمح بإنقاذ قطاع الألبان الذي سمح لتونس على مدى 40 عاما من تحقيق الاكتفاء الذاتي.
واعتبر أن الزيادة، يجب أن يتحملها المستهلك أو صندوق التعويضات الذي لم يعد قادراً اليوم على دعم كل هذا، ويرى علي الكلابي أنه “لا يجب علينا بعد الآن اعتبار الزراعة قطاعا اجتماعيا، بل قطاعا اقتصاديا”.
وخلف ارتفاع أسعار الأعلاف مع تواتر سنوات الجفاف تذمّرا كبيرا في صفوف المزارعين، خصوصا مربي المواشي والأبقار، وسط تحذير من انعكاسات ندرة الأعلاف والتلاعب بمكونات ونسب تركيبتها.
وبات مربو الماشية الذين يمثلون الحلقة الأولى في السلسلة غير قادرين على توفير الأعلاف، وسط مطالب بحل مشاكل الأسعار ودعم الحليب لضمان استدامة القطاع.
وأفاد مروان الداودي رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة بسليانة (شمال غرب) أن ” الأزمة تفاقمت مع الجفاف المتواصل، وأسعار الأعلاف زادت، حيث أصبحت كلفة إنتاج لتر واحد من الحليب تفوق سعر بيعه”.
وأضاف لـ“العرب” أن “بعض المزارعين أصبحوا يتخلصون من نشاط تربية الأبقار الحلوب، ولازلنا ننتظر الدولة حتى تتدخل وتعدّل أسعار الأعلاف، لأنها حتى عندما استوردت الحليب لم يكن حلاّ مناسبا للمحافظة على القطيع المحلي”.
وأردف الداودي “أسعار الأعلاف تضاعفت من 4 إلى 5 مرات في السنتين الأخيرتين، وعلى السلطات أن تتدخل لتعديل سعر بيع لتر الحليب وتوفير الأعلاف الخضراء ودعم سعر العلف المركب”.
مربو الماشية أصبحوا عاجزين على توفير الأعلاف وسط مطالب بحل مشاكل الأسعار ودعم الحليب لضمان استدامة القطاع
وتزدهر ظاهرة التفريط في القطيع خاصة لدى المزارعين في مناطق الوسط والساحل والجنوب، لأنها مناطق جافة ولا تتوفر على موارد علفية كافية. ويحمّل أهل القطاع تدهور عمليات الإنتاج الزراعي والحيواني إلى تقصير الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011، خاصة عدم تقديم الدعم للمزارعين في أوقات الأزمات.
والأسبوع الماضي، بحث رئيس الحكومة أحمد الحشّاني، خلال جلسة عمل عقدها بالقصبة، الوضع الحالي لحجم الاستهلاك والإنتاج المحلي للحليب والألبان ومشتقاتها، فضلا عن الإجراءات المقترحة للحفاظ على توازنات هذه المنظومة.
وأكد مدير عام المجمع المهني المشترك للحوم الحمراء والألبان بتونس كمال الرجايبي، في وقت سابق، أن قطاع إنتاج الألبان يواجه عدة صعوبات على جميع المستويات على غرار الارتفاع المستمر في أسعار الأعلاف وخاصة أزمة كوفيد – 19 والحرب الروسية – الأوكرانية التي بلغت 35.2 في المئة في 2022.
وفى السياق نفسه، قالت نقابة الفلاحين التونسية، إن من بين الحلول المطروحة لإنهاء الأزمة مراجعة سعر الحليب وعلاقته بزيادة كلفة الإنتاج، وتعزيز إنتاج الأعلاف وعلف الماشية على المستوى المحلى، بالإضافة إلى ضرورة تشديد الرقابة للحد من الاستغلال.
وأكّدت دراسات سابقة حول الأمن الغذائي والسيادة الغذائية في تونس على أهمية الزراعة رغم انخفاض نسبة الأراضي الصالحة لذلك.