أزمة إنسانية وشيكة في صحراء النيجر بعد ترحيل الجزائر مهاجرين

الجزائر - أفادت منظمات إنسانية بوصول أكثر من ألف مهاجر غير نظامي إلى بلدة أساماكا، الواقعة في أقصى شمال النيجر، بعد أن جرى ترحيلهم من قبل السلطات الجزائرية، وسط ظروف مناخية قاسية وواقع إنساني صعب، في ظل نقص حاد في الماء والغذاء.
وذكر شرنو أبارتشي، أحد أعضاء تنسيقية “ألارم فون صحارى”، في حديث مع وكالة “إفي” الإسبانية أن عدد المهاجرين المرحّلين من الجزائر بلغ 1141 مهاجرًا، ينحدرون من 17 جنسية أفريقية وآسيوية، من بينهم 41 امرأة و12 طفلًا، ما يُنذر بأزمة إنسانية متفاقمة على حدود الصحراء الكبرى.
وبحسب شهادات ميدانية تم نقل المهاجرين في قوافل غير رسمية إلى منطقة صحراوية تُعرف محليًا بـ”النقطة صفر”، على بُعد نحو 15 كيلومترًا من أساماكا، حيث تم إنزالهم وتركهم ليواصلوا طريقهم سيرًا على الأقدام.
ويحمل المرحّلون جنسيات دول من غرب أفريقيا ووسطها، إضافة إلى مهاجرين من الصومال والسودان وبنغلاديش. وبين هؤلاء 70 من بنين، و54 من بوركينا فاسو، و24 من الكاميرون، و20 نيجريًا.
بعض المرحّلين يحملون وثائق إقامة في الجزائر، أو حتى عقود عمل رسمية، لكن تم توقيفهم خلال حملات أمنية جماعية
كما أشارت منظمات محلية إلى وجود نساء حوامل وأمهات برفقة أطفال رُضّع، يُجبرن على قطع مسافات طويلة في درجات حرارة مرتفعة دون أي دعم. وفي الطريق “ينهار بعضهم من شدة العطش والتعب، وبعضهم يفارق الحياة قبل أن تصل فرق الإنقاذ.”
واللافت أن بعض المرحّلين كانوا يحملون وثائق إقامة قانونية في الجزائر، أو حتى عقود عمل رسمية، لكن تم توقيفهم خلال حملات أمنية جماعية، دون النظر في وضعهم القانوني، ما أثار انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية.
وتقدم منظمات إنسانية دولية ومحلية، مثل “أطباء بلا حدود” و”المنظمة الدولية للهجرة” و”كوبي” و”كاركارا”، مساعدات للمهاجرين تشمل الغذاء والماء والرعاية الطبية، فضلاً عن الدعم النفسي وخيارات العودة الطوعية. لكن القائمين على هذه المنظمات يؤكدون أن الموارد المتاحة غير كافية لمواكبة الأعداد المتزايدة من المرحّلين.
في المقابل لم يصدر عن السلطات الجزائرية أي تعليق رسمي بشأن الاتهامات الموجّهة لها، في وقت تستمر فيه عمليات الترحيل بوتيرة شبه يومية، بحسب ما أفادت به مصادر محلية في بلدة أرليت القريبة من الحدود.
ويُعدّ ملف الهجرة غير النظامية أحد أكثر التحديات تعقيدًا في المنطقة، في ظل التوترات الأمنية والسياسية التي تعرفها دول الساحل، وتراجع الدعم الدولي لبرامج التنمية والاستجابة الإنسانية في تلك المناطق.
ومن المعروف أن المهاجرين الذين يصلون إلى الجزائر يعتزمون في الغالب الانتقال إلى إسبانيا بعد فترة من الاستقرار في البلاد، تمهيدا لـ”شراء الطريق” نحو أوروبا. وتوجد فئة أخرى تسافر إلى ليبيا للانطلاق منها نحو إيطاليا. وفي كلتا الحالتين يسعى الكثير منهم لتوفير الأموال من خلال العمل في ورش البناء أو لدى العائلات الميسورة، ثم يواصلون رحلتهم. ونتيجة لذلك تعوّد سكان العاصمة الجزائرية وبعض المدن الكبرى في السنوات الأخيرة على العيش مع المهاجرين، وغالبيتهم أطفال يمارسون التسول.
وشنت قوات الأمن الجزائرية حملات كثيرة في السنوات الأخيرة، تمثلت في ترحيلهم إلى الحدود، لكنها لم تقضِ على المشكلة بسبب إلغاء حكومة النيجر قانونا يجرم تهريب الأشخاص عبر الحدود، الأمر الذي أثار آنذاك مخاوف بلدان الاتحاد الأوروبي التي توقعت وصول عدد كبير من رعايا النيجر وبلدان الساحل المجاورة إلى أبوابها في جنوب المتوسط.