أزمة إنسانية على الحدود التونسية - الليبية بعد رفض طرابلس استقبال المهاجرين

طرابلس - أثار رفض السلطات الليبية الإثنين استقبال العشرات من المهاجرين غير النظاميين، رفضت السلطات التونسية بقاءهم في البلاد، أزمة إنسانية على الحدود المشتركة بين البلدين.
وتعد تونس من أكثر الدول التي تأثرت هذا العام بظاهرة الهجرة غير النظامية، بعد توافد الآلاف من المهاجرين على مدنها بهدف العبور إلى أوروبا، في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطا شديدة من الدول الأوروبية لمنع المهاجرين من الوصول إلى سواحلها.
وقالت وزارة الداخلية الليبية إنها منعت مهاجرين غير نظاميين، قادمين من تونس، من الدخول إلى أراضيها لتفادي أي خروقات أمنية، لتتفاقم بذلك أزمة المهاجرين العالقين على الحدود بين تونس وليبيا.
وأوضحت الوزارة في بيان مساء الاثنين أن جهاز حرس الحدود قام بتسيير دوريات أمنية صحراوية، وأنشأ تمركزات أمنية جديدة بالقرب من النقاط الحدودية على طول الشريط الحدودي من رأس الجدير إلى وازن، لمنع أي خروقات أمنية.
وقالت الوزارة “قامت دوريات حرس الحدود بمنع المهاجرين غير النظاميين، القادمين من تونس، من دخول البلاد. وتم اتخاذ كافة الإجراءات حتى لا تحدث أي خروقات أمنية”.
كما قامت تلك الدوريات بـ”إنشاء تمركزات أمنية بالقرب من النقاط الحدودية على طول الشريط الحدودي من رأس الجدير إلى وازن”.
ونشرت الوزارة عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك الاثنين مقطعا مصورا قالت إنه “يوثق إبعاد المهاجرين غير النظاميين من تونس باتجاه المناطق الحدودية داخل ليبيا”.
وأظهر المقطع الذي صوره مكتب الإعلام الأمني بالداخلية الليبية عشرات المهاجرين الأفارقة، من بينهم نساء وأطفال في منطقة صحراوية خالية قال بعضهم إنهم “تركوا دون ماء أو غذاء”. كما أظهر المقطع المصور نقل المهاجرين من الصحراء إلى أحد المراكز الليبية وخضوعهم لعمليات رعاية صحية من قبل أطباء تابعين لمنظمة الهجرة الدولية.
وقال أحد الأطباء في المنظمة إنهم “حضروا بناء على بلاغ من قبل حرس الحدود الليبي يفيد بتواجد عدد من المهاجرين في الصحراء المشتركة بين ليبيا وتونس وقد أنقذهم حرس الحدود الليبي”.
ونقل الطبيب المتحدث عن بعض المهاجرين تأكيدهم أن “إصاباتهم التي تم علاجها هي نتيجة عمليات ضرب تعرضوا لها في تونس”.
وقال أحد المهاجرين واسمه عيسى من النيجر إنه كان يقيم في تونس، مؤكدا اعتداء الجيش التونسي عليهم واقتيادهم نحو الصحراء. وطلب الجيش منهم حسب المتحدث عبور الحدود الليبية إلى أن قام الأمن الليبي بإنقاذهم، وفق ترجمة أحد ضباط جهاز حرس الحدود الليبي.
تونس تعد من أكثر الدول التي تأثرت هذا العام بظاهرة الهجرة غير النظامية، بعد توافد الآلاف من المهاجرين على مدنها بهدف العبور إلى أوروبا
وعلق رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبدالكبير على المقطع المصوّر، الذي نشرته وزارة الداخلية الليبية، قائلا “يجب التنسيق بين تونس وليبيا والجزائر في علاقة بملف الهجرة غير النظامية”، لافتا إلى أن “الملف سياسي وإنساني”.
وأوضح في تصريح لإذاعة محلية أن “الدبلوماسية التونسية مطالبة بالتحاور مع الجانب الليبي بخصوص الفيديو الذي يسيء إلى صورة تونس”.
وأشار عبدالكبير إلى أن “آلاف المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء وصلوا إلى تونس عن طريق ليبيا بطريقة غير نظامية ولكن الجيش التونسي تعامل معهم بطريقة إنسانية وطبقا للاتفاقيات الدولية والبروتوكولات المعمول بها”.
من جانبها استنكرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، في بيان لها الاثنين، قيام السلطات التونسية بطرد المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء إلى المناطق الحدودية، واتهمتها بمحاولة التنصل من مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية والإنسانية تجاه هؤلاء المهاجرين وطالبي اللجوء المتواجدين على أراضيها وإلقائها على عاتق ليبيا، وبافتعال أزمة إنسانية على الحدود المشتركة.
وأفاد الفرع الليبي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بأنه تم إنقاذ حوالي 360 مهاجرا في الأيام الأخيرة بعد أن تخلت عنهم الشرطة التونسية، وفق حرس الحدود الليبي.
ودعا خبراء مستقلون، تستعين بهم الأمم المتحدة، تونس إلى وقف الطرد الجماعي للمهاجرين الأفارقة بعد أنباء عن نقل الشرطة التونسية عشرات منهم وتركهم في الصحراء.

ودعا الخبراء المستقلون الحكومة التونسية إلى اتخاذ إجراءات فورية “لوضع حد لخطاب الكراهية العنصري في البلاد” وحماية المهاجرين، القادمين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، من العنف والتحقيق في أعمال العنف المبلغ عنها وضمان العدالة للضحايا.
وقال هؤلاء إن مبدأ عدم اللجوء إلى الإعادة القسرية، المنصوص عليه في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ينطبق على جميع أشكال الطرد، بغض النظر عن الجنسية أو وضع المهاجر.
وتضمنت الإغاثة التي تم تقديمها بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة الإسعافات وتزويد المصابين من المهاجرين غير النظاميين بالغذاء والملابس وإيوائهم مؤقتًا، إلى حين اتخاذ ما يلزم من إجراءات بحقهم.
وقبل أسبوعين اضطرت تونس إلى إبعاد مجموعات من المهاجرين إلى مناطق قريبة من الحدود التونسية – الجزائرية، إثر نشوب أعمال عنف وصدامات مع السكان المحليين في ولاية (محافظة) صفاقس (جنوب شرق) أدّت إلى مقتل أحد المواطنين.
وتدخلت السلطات التونسية، وقامت بإجلاء المئات من المهاجرين العالقين على الحدود التونسية – الليبية وإيوائهم في مراكز خاصة جنوب البلاد في انتظار ترحيلهم إلى بلدانهم، وذلك بعد تعرضها لانتقادات واسعة واتهامات بطردهم وإساءة معاملتهم.