أزمة أوكرانيا تلقي بظلال قاتمة على معيشة التونسيين

نقص السلع الأساسية وغلاء الأسعار أبرز التحديات التي تواجه المواطن التونسي.
الثلاثاء 2022/03/29
عندما تكسر رائحة الخبز طعم المعاناة اليومية

تونس - تحولت موجة الغلاء ونقص البعض من السلع الأساسية في الأسواق التونسية مع اقتراب شهر رمضان إلى أحد أبرز التحديات التي تواجه السكان وخاصة الطبقة الفقيرة في ظل تراجع قدرتهم الشرائية.

ومع احتدام الحرب في أوكرانيا وتأثر أسعار الغذاء والوقود العالمية، بات التونسيون يتجولون بين الأرفف الفارغة بالمراكز التجارية ومحلات البقالة وبين طوابير ممتدة أمام المخابز وسط أزمة سياسية ومالية عميقة تلقي بظلال كثيفة على البلاد.

ويؤكد لطفي عجمي (58 عاما)، الذي يدير مخبزا صغيرا في العاصمة التونسية منذ عقدين من الزمن، أنه لم يعد بوسعه إيجاد الطحين (الدقيق أو السميد) اللازم لصنع الخبز لزبائنه مما أثر بشدة على مبيعاته.

ونسبت رويترز إلى عجمي قوله “لقد أثرت علينا كثيرا، لم نعد نستطيع العمل، كنت قبل هذه الحرب أستطيع تأمين السميد (الطحين) كل يوم في حدود 50 أو 60 كيلوغراما وأصنع منه الخبز”.

وأضاف “مع بداية الحرب لم نعد نجد ولو القليل من السميد لنستطيع العمل، هذه أزمة كبيرة حلت بنا”.

رضا شكندالي: المالية العامة والميزان التجاري والتضخم ستتأثر بالحرب

وأجبرت الأزمة عجمي، وهو أب لثلاثة أبناء، على إغلاق مخبزه الصغير لأسبوعين بسبب عدم تمكنه من الحصول على الطحين. ويوضح أنه لم يعمل سوى 13 يوما فقط هذا الشهر.

وكانت تونس، التي تدعم أسعار الوقود المحلية وبعض المواد الغذائية، تسعى بالفعل للحصول على حزمة إنقاذ خارجية قبل أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى قفزات في الأسعار العالمية لبعض السلع.

ويقول المحلل الاقتصادي رضا شكندالي إن “الصراع في أوكرانيا له ثلاث تداعيات، تداعيات مالية على مستوى ميزانية الدولة وذلك بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للنفط والحبوب ولذلك كلفة الدعم ارتفعت تباعا”.

وأضاف “هناك تداعيات مالية على العجز التجاري لأن كلفة توريد مادتي النفط والحبوب ارتفعت وهذا سيؤدي إلى تراجع في قيمة الدينار التونسي وتداعيات تضخمية”.

ووضع المخابز التونسية شبيه بما يواجه معظم أصحاب المخابز في العديد من الدول العربية حيث طغت المخاوف من أن يؤدي نقص الإمدادات إلى توقف نشاط القطاع، كما أن تأثير هذه الصناعة قوي كون الخبز مادة أساسية في غذاء الناس.

ويقول عامر عرفاوي، صاحب مخبز “عندما لا نجد طحينا نتوقف عن العمل”. وأضاف “كل شخص يشتغل معي، والشخص الذي يبيع لي الزبد أيضا، الشخص الذي يبيع لي الخميرة، كل شخص يشتغل من وراء صناعة الخبز يتوقف عن العمل”.

ووجه عرفاوي انتقادات لأجهزة الدولة، قائلا “عندما تقول لي لا يوجد طحين بسبب أوكرانيا وروسيا هذه ليست مشكلتي كمواطن. فعندما تقدم نفسك إلى منصب سياسي وتمسك مقاليد الدولة يجب عليك تحمل مسؤوليتك في الجيد والسيء، عندما تقول لي حرب أوكرانيا ما الذي أستطيع فعله؟ أيجب علي أن أذهب لأحرر أوكرانيا لتأتيني بالطحين؟”.

أما سعيد نجار صاحب محل لبيع المواد الغذائية فيتذمر بدوره من الوضع ويؤكد أن “الأسعار في ارتفاع مستمر خاصة الزيوت النباتية والبيض، وأن أسعارها غير مستقرة، دائما في صعود وهناك مشاكل كثيرة في التزود”.

وتظهر بيانات معهد الإحصاء أن مؤشر التضخم ارتفع ليصل إلى 6.7 في المئة حاليا مقارنة مع 6.3 في المئة في الربع الثالث من 2021.

أزمة كبيرة
أزمة كبيرة

وزادت أسعار مجموعة من المواد الغذائية في يناير الماضي بنسبة 7.6 في المئة على أساس سنوي بسبب الزيادات التي شملت البيض والدواجن وزيت الزيتون والفواكه والأسماك.

واعتبر المواطن حسن الهيشري أن “هذا النقص في المواد الأساسية والمواد المدعمة موجود من قبل وذلك نظرا إلى التهريب والاحتكار والكثير من الأشياء”.

لكنه أشار إلى أنه “مع هذه الحرب، ومع إقبالنا على شهر رمضان، بدأنا نعيش أزمة حقيقية وهناك فقر مدقع في تونس”.

والأمر ذاته بالنسبة إلى كمال ضياف، وهو صاحب سيارة أجرة، الذي أكد عجزه عن توفير احتياجاته بسبب تدهور قدرته الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار.

وقال “لم نعد قادرين على تشغيل شخص لمساعدتنا على قيادة سيارة الأجرة وذلك لأن البنزين باهظ، إذا استطعت دفع مصاريفي الشخصية فذلك كاف، وإذا أردت أن أشغل سائقا آخر فهذا مكلف كثيرا ولن أستطيع المقاومة، المبلغ الذي سأربحه سأشتري به البنزين”.

10