أزمة أوكرانيا تضع تكاليف التأمين في مسار متصاعد

المنظمون الماليون الغربيون يحذرون البنوك من مخاطر الهجمات الإلكترونية في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية.
الجمعة 2022/04/01
انتبه للمخاطر الرقمية فالقادم قد يبدو أسوأ

تتزايد محنة شركات التأمين العالمية في ظل الصراع القائم بشرق أوروبا من أن تواجه متاعب هي في غنى عنها بينما كانت تحاول الخروج من نفق الوباء، بعدما رجح خبراء القطاع تعرضها إلى خسائر محتملة في الفترة المقبلة مع ارتفاع منسوب التعويضات التي قد يطالب بها زبائنها.

لندن - أكدت مصادر بصناعة التأمين العالمية أن شركات القطاع تواجه مطالبات محتملة بالمليارات من الدولارات بشأن هجمات إلكترونية في ضوء الحرب الروسية – الأوكرانية على الرغم من صياغة السياسة المصممة لإخراجها من هذا المأزق.

واتهمت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي قراصنة روسا بشن هجمات على العديد من الشركات الأميركية رغم أنها قالت إنها “ليس لديها يقين” من أن مثل هذا الهجوم سيحدث.

ويحذر المنظمون الماليون الغربيون البنوك بالفعل من مخاطر الهجمات الإلكترونية على الرغم من عدم تأكيد أي منها حتى الآن.

وعمدت شركات التأمين الأوروبية والأميركية، التي واجهت بالفعل خسائر متزايدة العام الماضي، إلى زيادة أقساط التأمين بسبب زيادة تكلفة التغطية وانتشار ما يسمى بهجمات برامج الفدية.

وقالت مصادر بالقطاع، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لوكالة رويترز إنه “إذا نفذت روسيا هجوما إلكترونيا كبيرا امتد إلى عدة دول، فقد يؤدي ذلك إلى مطالبات يبلغ مجموعها 20 مليار دولار أو أكثر، على غرار مطالبات التأمين من إعصار أميركي كبير”.

يوشا ديلونغ: ستتم تغطية مالكي وثائق التأمين بشكل واسع للغاية

ويأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه شركات التأمين خسائر تتعلق بالصراع في قطاعات الأعمال الأخرى مثل الطيران، والذي يُنظر إليه على أنه معرض بشكل خاص لتأثير الأزمة الراهنة في شرق أوروبا.

وذكرت شركة هودين لوساطة التأمين في تقرير نشرته مطلع يناير الماضي أن الخسائر التي تحملتها شركات التأمين بسبب الجائحة بلغت قرابة 44 مليار دولار، بما يعادل ثالث أكبر خسائر بسبب كارثة بعد إعصار كاترينا وهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وأكدت شركة لويدز أوف لندن أحد أكبر اللاعبين في العالم في بوالص التأمين الإلكترونية والتأمين التجاري الأسبوع الماضي أنها واجهت مطالبات “كبيرة” منذ الغزو الروسي.

ويغطي التأمين الإلكتروني، الذي تقول وكالة تصنيف السوق التابعة له فيتش إنه بلغ أكثر من 2.7 مليار دولار في 2020 بالولايات المتحدة وحدها، أعمالا لإصلاح الشبكات المخترقة وخسائر انقطاع الأعمال وكذلك مدفوعات الفدية الإلكترونية.

ومثل هذه السياسات لا تغطي الحرب أو الهجمات من قبل ما يسمى “الجهات التي ترعاها الدولة” ومع ذلك، غالبا ما يكون من الصعب تحديد مرتكب الهجوم السيبراني.

وقال بروس كارنيغي براون رئيس شركة لويدز لرويترز إن “تحديد ما ترعاه الدولة يمثل تحديا كبيرا”. وأضاف “يتم اختبار هذه السياسات عبر الأحداث الجديدة ونحن بحاجة إلى العمل من خلال الصياغة والتأكد من أن زبائننا يفهمون الأماكن التي تتم تغطيتها وأين لا تتم تغطيتها”.

وحتى إذا تمكنت شركات التأمين من إثبات أن الهجوم السيبراني كان نتيجة للصراع في أوكرانيا، فقد لا تكون استثناءات الحرب كافية لحمايتها.

وباتت شركات التأمين عبر الإنترنت أكثر وعيا بأوجه الغموض في التأمين الخاصة بها في السنوات الأخيرة، لكن بعضها أبطأ في التكيف من البعض الآخر.

وقال ماركوس ألفاريز رئيس التأمين في وكالة التصنيف دي.بي.آر.اس مورنينغ ستار إن “كلمات السياسة تختلف من شركة تأمين إلى أخرى وهي مفتوحة للتفسير”.

ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى خلافات بين شركات التأمين وحملة الوثائق حول ما إذا كانت هناك تغطية أم لا، على غرار قضايا التأمين على انقطاع الأعمال التي تم رفعها إلى المحاكم في جميع أنحاء العالم منذ تفشي كورونا.

وقالت يوشا ديلونغ الرئيس العالمي للإنترنت بشركة موزاييك للتأمين إن حاملي وثائق التأمين قد ينتهي بهم الأمر إلى أن تتم تغطيتهم “بشكل واسع للغاية” من خلال سياسات “الإرهاب السيبراني”.

الاتحاد الدولي للتأمين والضمان الائتماني: سوق تأمين الائتمان التجاري العالمي يكفل ما يقرب من 3 تريليونات دولار من العمليات التجارية

وأضاف أنه “في أي وقت تكون هناك صياغة غامضة لسياسة ما، يكون ذلك لصالح الزبون وليس شركة التأمين”.

وهناك أيضا خطر من “الإنترنت الصامت”، حيث تكون للشركات سياسات أخرى لا تستبعد الهجمات الإلكترونية على وجه التحديد، وقد تتطلع إلى المطالبة بها.

وقضت محكمة في نيوجيرسي في يناير لصالح شركة ميرسك آند سي.أو في مطالبة تأمين بقيمة 1.4 مليار دولار بشأن هجوم نوتبيتي الإلكتروني في عام 2017، والذي ألقى البيت الأبيض باللوم فيه على موسكو.

وقالت ميريديث شنور قائدة الوساطة الإلكترونية بالولايات المتحدة وكندا في شركة مارش للسمسرة إنه “لتقليل مخاطرها الإجمالية تدرس بعض شركات التأمين الإلكتروني استثناءات واسعة النطاق لروسيا وأوكرانيا”.

وتضيف الأزمة الأوكرانية أيضا إلى الضغط على أقساط التأمين الإلكتروني، حيث ارتفعت المعدلات بشكل حاد بسبب هجمات برامج الفدية حيث يقوم المتسللون بتشفير بيانات الضحايا ويطالبون بفدية للإفراج عنها.

وشبهت شركة الأمن السيبراني كوفوير هامش الربح الفائض بنسبة 90 في المئة من هجمات برامج الفدية العام الماضي بالمكاسب التي حققتها كارتلات الكوكايين الكولومبية في عام 1992.

وتظهر البيانات الحكومية أن أسعار التأمين على الإنترنت ارتفعت بنسبة 130 في المئة في الولايات المتحدة وبنسبة 92 في المئة في بريطانيا في الربع الرابع من العام الماضي.

ومنذ مطلع مارس الماضي بدأت شركات التأمين التجاري التي توفر شبكة أمان مالية للصادرات والواردات في التراجع عن تغطية الشركات المصدرة إلى أوكرانيا وروسيا، بالنظر إلى مخاطر العقوبات الغربية أو المطالبات المرتفعة أو المدفوعات الماضية.

ويقول الاتحاد الدولي للتأمين والضمان الائتماني إن سوق تأمين الائتمان التجاري العالمي يكفل ما يقرب من 3 تريليونات دولار من العمليات التجارية.

10