أزمات صناعة السيارات تدفع رينو وفيات كرايسلر للاندماج

خطط الاندماج ستمنح شركتي فيات كرايسلر ورينو 50 بالمئة من أسهم الكيان الجديد، بعد دفع توزيعات بقيمة 2.5 مليار يورو إلى مساهمي فيات كرايسلر.
الثلاثاء 2019/05/28
اندماج يهدد بشطب المزيد من الوظائف

أكدت تحركات شركتي فيات كرايسلر ورينو نحو الاندماج عمق الأزمات التي تحاصر القطاع، والتي تمتد من حروب الرسوم الجمركية لفضائح سيارات الديزل وهواجس البيئة التي قوضت مبيعاتها وأجبرتها على البحث عن حلول لخفض الإنفاق وشطب الوظائف لمواجهة تراجع الإيرادات.

باريس- قالت شركة رينو الفرنسية إن مجلس إدارتها قررت أن تدرس “باهتمام” عرض الاندماج، الذي قدمته لها شركة فيات كرايسلر الإيطالية الأميركية لصناعة السيارات.

وأضاف مجلس إدارة الشركة، أن الاندماج قد يعزز من موقع رينو الصناعي ويؤدي إلى تعزيز القيمة المضافة لتحالفها القائم مع شركتي نيسان وميتسوبيشي اليابانيتين. لكن امتلاك الحكومة الفرنسية لنسبة 15.01 بالمئة من أسهم رينو قد يعرقل تفاصل الشروط في ما يتعلق بخفض التكاليف وشطب الوظائف، الذي عادة ما يرافق عمليات الاندماج، في ظل احتجاجات أصحاب السترات الصفراء.

وأكد ذلك مصدر مطلع بالقول إن باريس سوف تبدي “اهتماما خاصا بمستقبل الوظائف والوضع الصناعي ومصالحها المتعلقة بالملكية”. وأوضح أن أي اندماج يجب أن يتم “في إطار التحالف” مع نيسان وميتسوبيشي، الذي تضرر بسبب اعتقال الرئيس السابق لمجلس إدارة التحالف كارلوس غصن في اليابان.

وكانت شركة فيات كرايسلر قد كشفت قبل ذلك بساعات عن تقديم اقتراح اندماج “تحولي” لشركة رينو، في صفقة قد تؤدي إلى نشوء ثالث أكبر شركة عالمية لصناعة السيارات. وجرت مناقشة الاقتراح، الذي جرى وضع لمساته النهائية في محادثات جرت ليل الأحد، في اجتماع لمجلس إدارة المجموعة الفرنسية في وقت مبكر من فجر أمس.

وقالت فيات كرايسلر إن الصفقة ستؤدي إلى ظهور شركة تصل مبيعاتها إلى 8.7 مليون سيارة سنويا وتتمتع بحضور قوي في مختلف المناطق الرئيسية وأسواق وتكنولوجيا السيارات. وذكرت أن ذلك سيؤدي إلى توفير ما يصل إلى 5.6 مليار دولار سنويا.

وأضافت أن “محفظة العلامات التجارية الواسعة والمتكاملة ستوفر تغطية كاملة للسوق، من السيارات الفاخرة حتى السيارات العادية”. ويمكن لنجاح مقترح الاندماج، الذي ظهر بعد محادثات مماثلة جرت بين فيات كرايسلر ومجموعة بيجو ستروين، أن يغير المشهد التنافسي لشركات تصنيع السيارات، التي تبحث جميعها عن سبل للخروج من أزمات عميقة تحاصر القطاع. وقد تكون له أيضا آثار كبيرة على تحالف رينو مع نيسان المستمر منذ عشرين عاما، والذي أضعفته بالفعل الأزمة المحيطة برئيس التحالف وعزله أواخر العام الماضي.

شركات السيارات

وتشير التسريبات إلى أن خطط الاندماج ستمنح كل مجموعة 50 بالمئة من أسهم الكيان الجديد، بعد دفع توزيعات بقيمة 2.5 مليار يورو إلى مساهمي فيات كرايسلر، هي الفارق بين القيمة السوقية للشركتين. وتملك فيات كرايسلر 12 علامة تجارية أبرزها جيب وفيراري ودودج ومازراتي وألفا روميو وفيات وكرايسلر، في حين تملك رينو 5 علامات تجارية هي رينو وداتشيا ورينو سامسونغ والباين ولادا.

ونسبت وكالة رويترز إلى مصادر مطلعة تأكيدها أن الشركة سيرأسها جون إلكان رئيس عائلة أنييلي التي تسيطر على 29 بالمئة من فيات كرايسلر. ورجحت أن يتولى رئيس رينو جان دومينيك سينار منصب الرئيس التنفيذي.

وذكر مصرفيون أن خطط اندماج فيات كرايسلر ورينو خضعت لدراسة على فترات متقطعة منذ سنوات. لكن العلاقات المتوترة بين غصن والرئيس التنفيذي الراحل لفيات كرايسلر سيرجيو مارتشيوني جعلت من إجراء محادثات اندماج بناءة أمرا مستحيلا إلا بعد وفاة مارتشيوني المفاجئة في يوليو الماضي.

ويتنامى الضغط للاندماج بين شركات صناعة السيارات مع التحديات التي يواجهها القطاع من حاجات الإنفاق الكبيرة على تطوير السيارات الكهربائية وتشديد القواعد التنظيمية المتعلقة بالانبعاثات، والتكنولوجيات الجديدة الباهظة التكلفة التي يجري تطويرها للسيارات ذاتية القيادة.

وقالت فيات كرايسلر إن “مبرر الاندماج تعززه أيضا الحاجة إلى اتخاذ قرارات جريئة لاقتناص فرص مناسبة ناتجة عن التحول في صناعة السيارات”.وتصل القيمة السوقية المجمعة لكل من فيات كرايسلر ورينو إلى نحو 32.6 مليار يورو وفقا لأسعار أسهم الشركتين يوم الجمعة في آخر يوم للتعاملات قبل إعلان خطط الاندماج.

وتعاني معظم الشركات الكبرى من تراجع حاد في المبيعات في الأسواق الرئيسية، يتفاقم يوما بعد يوم بسبب حروب الرسوم التجارية بين الولايات المتحدة وكل من الصين والاتحاد الأوروبي واليابان والمكسيك. وتشير بيانات إحصائية إلى أن الأشهر الستة الماضية شهدت إعلان شركات سيارات عن شطب ما لا يقل عن 38 ألف وظيفة في الصين وبريطانيا وكندا والولايات المتحدة.

5.6 مليار دولار الوفورات السنوية للاندماج من خلال خفض الإنفاق والوظائف

ويقول محللون إن قوة الدفع الرئيسية للبحث عن فرص الاندماج هي التحديات التي تمليها ثورة السيارات الكهربائية والاستثمارات الضخمة التي تفرضها على شركات صناعة السيارات. ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى فلافيان نوفي مدير شركة ابوزرفاتوار سيتيليم قوله إن ما يغير المعطيات اليوم بشكل أساسي هو تطور القواعد التنظيمية خاصة في أوروبا وفرض شروط صارمة لمستويات الانبعاثات.

واعتبارا من العام المقبل، سوف يتعين على الشركات المصنعة أن تضع اعلانا على السيارات الجديدة المباعة في أوروبا يفيد أن متوسط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تبلغ أقل من 95 غراما لكل كيلومتر.

ويوكد الخبير أولر هيرميس أن ذلك يشكل تحديا كبيرا لأنه سيجبر الشركات على “تقليل الانبعاثات بنسبة 20 بالمئة بين عامي 2019 و2020، بينما استغرق الأمر 10 سنوات لخفضها بنسبة 25 بالمئة. كما أن الضغوط لن تكون اقل في السنوات التالية، بسبب تطبيق تخفيض إضافي نسبته 37.5 بالمئة في الانبعاثات بحلول عام 2030.

وسيتعين على الشركات المصنعة إطلاق العديد من الطرازات الهجينة الجديدة التي تعمل بالبنزين والكهرباء وأن تزيد إنتاج السيارات الكهربائية بالكامل لكي تتمكن من الاستمرار في بيع السيارات.

10