"أزفون" كتاب يسرد تاريخ خليج الفنانين

الجزائر – يحاول المؤلف نورالدين قريم في كتابه “أزفون” أن يسلط الضوء على منطقة أزفون التابعة إداريا لمحافظة تيزي وزو (شرق الجزائر)، وعلى مجموعة من أهم الشخصيات البارزة التي صنعت مجد هذه المنطقة التي كانت تسمى “بورت جويدون” زمن الاحتلال الفرنسي للجزائر.
ويسرد الكتاب، الصادر باللغة الفرنسية عن دار القصبة للنشر والتوزيع بالجزائر، تفاصيل كثيرة عن تاريخ أزفون، و60 شخصية من أهم الشخصيات الثقافية والفنية وحتى الرياضية التي صنعت تاريخ هذه المنطقة، والأسباب التي جعلت منها منطقة ولادة أنجبت العشرات من الوجوه المعروفة في شتى ميادين الثقافة والفن والأدب والرياضة.
ويلخص المؤلف خصوصية المنطقة في تاريخها المضطرب الذي أدى إلى نزوح الكثير من العائلات المنحدرة منها إلى مناطق أخرى، أهمها الجزائر العاصمة، وهو الأمر الذي أسهم في نبوغ حوالي ستين شخصية بارزة تركت بصمات واضحة على مدى القرنين الماضيين في مجالات متنوعة مثل الفن والثقافة والرياضة، سواء في الجزائر أو في الخارج، إلى درجة أن لقبت أزفون من طرف الكثير من الجزائريين باسم “خليج الفنانين”.

"خليج الفنانين"
في بداية الكتاب يطرح المؤلف سؤالا حول الأسباب التي جعلت منطقة أزفون حاضنة للفنانين، ثم سرعان ما يجيب بالقول “التاريخ الدرامي الذي عاشه سكان منطقة أزفون منذ عام 1850، عندما بدأ استعمار منطقة القبائل بعنف، واتسم بالفظائع والعقوبات الجماعية التي فرضت من طرف الاستعمار الفرنسي على القبائل التي تجرأت على الوقوف في وجهه، خاصة أولئك الذين سكنوا منطقة أزفون (زركفاوة، عشوبة، الجناد)، ما جعلهم يدفعون ثمنا باهظا لتحالفهم مع قوات الشيخ المقراني المتمردة.
وبعد هزيمة تلك القوات في عام 1871، غرقت المنطقة وسكانها في بؤس مروع بعد مصادرة جميع ممتلكاتهم وأراضيهم وقطعانهم وجميع نقاط المياه.
وبسبب تلك الأوضاع المزرية، اضطرت هذه العائلات سنة 1850 إلى حزم أمتعتها والتوجه إلى حي القصبة بالجزائر العاصمة للاستقرار به، بعدما قطعت رحلة بحرية مضنية ما بين ميناء أزفون وميناء الجزائر استعملت فيها قاربا تابعا لشركة (شيافينو)، ثم توالت بعد بضع سنوات رحلات النزوح من منطقة أزفون، وكانت وسيلة النقل هذه المرة حافلة تسمى “العصفور الأزرق”.
وقد عاشت الغالبية العظمى من تلك العائلات، خلال إقامتها في حي القصبة بالجزائر العاصمة، على المساعدات التي قدمها لهم الأقارب والأصدقاء الذين كانوا يشتغلون كخبازين، أو على تربية الحمام، أو في مهن أخرى مختلفة.
ويؤكد مؤلف الكتاب، أن أبناء هؤلاء المنفيين الذين سلبهم المستعمر أرضهم، سيجدون مناخا فنيا وثقافيا ملائما لنموهم وتطورهم، وسيلتقون بفنانين موهوبين يساعدونهم على تطوير ميولهم في مجالات متنوعة مثل الموسيقى والمسرح والرسم والسينما والأدب.
وقد لمع الكثير من الموسيقيين والمطربين والشعراء من أبناء منطقة أزفون أمثال محمد إقربوشن، والحاج محمد العنقى، وبوجمعة العنقيس، وفضيلة الدزيرية، وحنيفة، وجميلة، وبوعلام شاكر، وحميدو. أما في المسرح والسينما، فقد نبغ الثنائي محمد وسعيد حلمي، ورويشد، ومصطفى العنقى، ومحمد فلاق، ومحمد افتيسان.