أرقام فيسبوك المفبركة تضلل الرئيس التونسي

السياسة الاتصالية لقيس سعيد تربك أنصاره وخصومه.
الخميس 2021/10/07
من يريد مغالطة الرئيس

مستخدمو فيسبوك في تونس، باعتبارهم الحاضنة الشعبية للرئيس قيس سعيد، يؤكدون أن الرئيس يجب أن يكون دقيقا في أرقامه وفي اختيار كلماته حتى لا يمسّ ذلك من مصداقيته لدى الرأي العام.

تونس – سحبت الرئاسة التونسية من حسابها على موقع فيسبوك مقطع فيديو تضمن تصريحات للرئيس التونسي قيس سعيد، يتحدث فيه عن خروج مليون و800 ألف تونسي دعما له الأحد الماضي، ما أثار جدلا واسعا. كما سحبت آخر يتحدث فيه الرئيس عن بداية “حملة التطهير”.

وسحبت الرئاسة التسجيلين مع ترك البلاغين اللذين يتعلقان بهما. وقال سعيد أثناء حديثه لرئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن إن مليونا و800 ألف شخص شاركوا في مسيرات “دعم الرئيس” الأحد الثالث من أكتوبر 2021، ثم وصف خصومه بـ”حشرات” و”انتهازيين” ستشكل الحكومة بعيدا عنهم.

والرقم الذي قدمه الرئيس مبالغ فيه ويتجاوز عدد المشاركين في مسيرات الدعم بأضعاف مضاعفة، إذ أن وزارة الداخلية التونسية قدرت عدد المشاركين في كل المسيرات التي انتشرت في عدة مدن بأقل من 20 ألفا.

ويبدو أن مبالغة الرئيس في تقدير عدد المشاركين ووصف الخصوم بـ”الحشرات” دفعا الرئاسة إلى سحب التسجيل، كما سحبت الرئاسة تسجيل الفيديو الخاص بلقاء الرئيس التونسي برئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر. وأثناء اللقاء جدد سعيد قوله إن “تونس عاشت يوما تاريخيا في الثالث من أكتوبر والسبب هو عدد المشاركين في مسيرات الدعم”. وأضاف إن “تطهير البلاد لا يتم إلا بتطهير القضاء”، وهو ما أثار تساؤلات عديدة عما يقصده بـ”تطهير البلاد”.

قناة "تي.في 5.موند" الفرنسية دخلت على خط أرقام الرئيس، مؤكدة أنه تمت إساءة استخدام مقال من موقعها

ويقول معلقون إن الرئيس استقى رقم مليون و800 ألف من فيسبوك دون تثبت. وكان خبر مفبرك نقلا عن قناة “تي.في 5.موند” الفرنسية نشرته على موقعها على الإنترنت قال إن “مليونا و800 ألف تظاهروا لمساندة الرئيس الأحد الماضي”. ويتحدث الخبر الأصلي عن 5 آلاف متظاهر فقط.

ونشرت قناة “تي.في 5” الثلاثاء تكذيبا للخبر “الذي تم تداوله على نطاق واسع على موقع فيسبوك نقلا عنها بخصوص مشاركة مليون و800 ألف تونسي في تحركات الأحد الماضي المساندة للرئيس سعيد”.

وأعلنت “تي.في 5.موند” في بيان توضيحي نشرته على موقعها على الإنترنت أنه تمت إساءة استخدام مقال من موقعها الإخباري، مؤكدة أن هذا الخبر لا أساس له من الصحة.

ونفت القناة أي صلة لها بهذه الأخبار الكاذبة، منددة باستخدام اسمها وسمعتها في نشر الأخبار الزائفة، ومؤكدة أنها “ستواصل نشر المعلومات الموثوقة فقط”.

وقال الإعلامي التونسي هيثم المكي على صفحته في فيسبوك ”عندما قلت لكم إن الرئيس يأخذ معلوماته من فيسبوك، لم أكن أمزح“.

ويمثل مستخدمو فيسبوك الحاضنة الشعبية الأولى للرئيس سعيد. وشبه البعض الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس التونسي في الخامس والعشرين من يوليو الماضي بـ”ثورة أخرى على فيسبوك”.

وتؤكد دراسات أن فيسبوك أصبح يمثل مصدرا أساسيا من مصادر استقاء الأخبار لدى التونسيين. فحسب استطلاع رأي أنجزته جمعية “بر الأمان”، كان فيسبوك المصدر الرئيسي بالنسبة إلى 41 في المئة من التونسيين وذلك مقابل 19 في المئة فقط بالنسبة إلى التلفزيون. ويؤدي فيسبوك دورا كبيرا في صناعة الرأي العام التونسي، فضلا عن دوره في تحريك الشارع.

ولم يكن الرئيس سعيد منذ إعلان ترشحه للرئاسة بعيدا عن فيسبوك الذي لازمه حتى بعد انتخابه كرئيس للجمهورية التونسية، ليظل وفيا له بعد أن تحول إلى عنصر قار في منظومة الحكم الجديد وجزء كبير في البروباغندا السياسية. كما كان واضحا تأثر الرئيس التونسي بما ينشر على الموقع واتخاذ مواقفه بناء عليها.

وتضم شبكة أنصار الرئيس عددا كبيرا من الطلبة الجامعيين، إذ أشارت النتائج التقديرية حسب المستوى التعليمي إلى أنه يحظى بتأييد 86.1 في المئة من حملة الشهادات الجامعية. ويمارس هؤلاء الشباب المواطنة الرقمية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مع التعويل على الذات دون الحاجة إلى وصاية تنظيمية أو حزبية ودون أدلجة. ويستخدم فيسبوك في تونس أكثر من 7 ملايين من أصل 11 مليون تونسي.

وفي سياق آخر، طالب عدد من مستخدمي فيسبوك مواقع التواصل الاجتماعي الرئيس سعيد بمحاسبة من غالطه وقدم له هذا الرقم الضخم الذي تسبب له بإحراج مع الرأي العام التونسي.

وكتب الإعلامي سمير الوافي:

ويعتبر حذف الفيديو اعترافا بالخطأ وتداركا محمودا، لكن من الضروري عدم الاستهانة بذلك ومحاسبة من غالط الرئيس ووضعه في موقف محرج… ومن حوّل الاتصال الرئاسي إلى تواصل فيسبوكي لا يليق بمقام الرئاسة!

وقالت الناشطة والإعلامية نزيهة رجيبة في تدوينة نشرتها على صفحتها في فيسبوك ”المليون و800 ألف تونسي كذبة كبرى عن سوء نية”. وأضافت:

وكانت رئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن قالت “ما شاء الله” ردا على الرقم الذي ذكره الرئيس التونسي وهو ما أثار سخرية بالغة على فيسبوك.

وكتب النائب المجمد هشام العجبوني:

19