أردوغان ينهي قطيعته النفسية مع الأسد وينتظر من بوتين ترتيبا للقائه

الرئيس التركي يراهن على علاقته الوطيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لترتيب لقاء ثلاثي يجمع بينهما وبين الأسد.
السبت 2024/07/06
البحث عن التسوية

أنقرة – تكررت إشارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى رغبته في لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، ما يؤكد أنه أنهى قطيعته النفسية مع الأسد ويهيئ نفسه والرأي العام التركي والإقليمي لكسر القطيعة مع دمشق في مسار شبيه بكسر القطيعة مع الإمارات والسعودية ومصر.

ويراهن أردوغان على علاقته الوطيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لترتيب لقاء ثلاثي يجمع بينهما وبين الأسد ليكون فاتحة لكسر القطيعة وفتح الباب أمام تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

ولا يبدو أردوغان مهتما بالترتيبات الخاصة بالتسوية من الجانب التركي بما في ذلك مناقشة وضع المعارضة السورية التي احتمت بأنقرة لأكثر من عشر سنوات ووضْع الفصائل المسلحة التي تنتمي إليها، ويمكن أن يناقش أي ترتيب يخصها بما في ذلك تسليمها إلى الأسد ضمن حزمة تفاهمات فضفاضة تحمل مسميات توحي بالحل مثل دمجها في القوات الحكومية.

أردوغان، الذي يقضي آخر ولاية رئاسية له، يريد أن ينهي مرحلة التوترات التي صنعها بنفسه في المحيط الإقليمي عربيّا وغربيّا

ويريد الرئيس التركي، الذي يقضي آخر ولاية رئاسية له، أن ينهي مرحلة التوترات التي صنعها بنفسه في المحيط الإقليمي (العربي والغربي) حتى لا تبقى لعنة الأزمات تطارد حكمه لعقود. وفي الوقت الذي تطورت فيه العلاقات مع دول الخليج ومصر والولايات المتحدة واليونان تبقى الأزمة السورية هي العقدة التي يمكن أن تؤثر على صورة أردوغان على المدى البعيد داخل تركيا وخارجها.

في الداخل بدأ أردوغان وحزب العدالة والتنمية يدفعان ضريبة الإبطاء في حل أزمة اللاجئين من خلال غضب الشارع، وهو ما ظهرت نتائجه بشكل واضح في الانتخابات الأخيرة، وقد تتعمق أكثر إذا لم تتوصل أنقرة إلى تسوية تعيدهم من خلالها إلى سوريا على مراحل في السنوات المقبلة.

ويجد الرئيس التركي أن الغضب الشعبي من قضية اللاجئين، ورغبة السوريين أنفسهم في مغادرة تركيا في ظل اتساع مشاعر الكراهية ضدهم، عنصران مشجعان على طرح التسوية مع الأسد دون أن يثير أي ردّ فعل سلبي من قبَل الأتراك، سواء من المعارضة أو حتى من داخل حزب العدالة والتنمية الذي يرى أن استمرار بقاء السوريين ستكون له تداعيات على صورته ووضعه الانتخابي المستقبلي.

ونقلت محطة إن.تي.في التلفزيونية ووسائل إعلام أخرى الجمعة عن أردوغان قوله إن زيارة محتملة من بوتين إلى تركيا قد تمهد الطريق لعهد جديد من التقارب التركي – السوري.

وأضاف أردوغان للصحافيين في رحلة العودة من كازاخستان حيث التقى الرئيس الروسي “قد نستدعي بوتين ومعه بشار الأسد. إذا تمكن بوتين من القيام بزيارة إلى تركيا فقد يكون ذلك بداية لعملية جديدة”. ولم يتضح ما إذا كان المقصود بالاستدعاء الذي ذكره أردوغان هو دعوة الأسد إلى زيارة تركيا أم دعوته إلى اجتماع يعقد في مكان آخر.

ويستبعد مراقبون أن يذهب الأسد بنفسه إلى أنقرة حتى ولو كان بصحبة بوتين لأن ذلك قد يفهم على أنه تجاوز من الجانب السوري على ما حصل من استهداف تركي خلال السنوات الماضية. كما أنه من الصعب استقبال أردوغان في دمشق في الوقت الذي لا يزال فيه السوريون غاضبين من عداوته لهم عداوة مجانية، كما أنه لم يخط بعد أي خطوة لتهدئة الخواطر، ومازال يرعى المجموعات المسلحة على الحدود ولم يسحب القوات التركية ولو جزئيا من المناطق السورية على الحدود. ومن المرجح أن يتم اللقاء التصالحي، إنْ قبل الأسد، في مكان ثالث قد يكون أستانة أو سوتشي أو موسكو.

أردوغان وجد أن الغضب الشعبي من قضية اللاجئين، ورغبة السوريين في مغادرة تركيا مع اتساع مشاعر الكراهية ضدهم، عنصران مشجعان على طرح التسوية مع الأسد

وقبل أسبوع أكد الرئيس السوري انفتاح بلاده على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة بين سوريا وتركيا، والمستندة إلى “سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى”.

وشجعت موسكو، الحليف الرئيسي للأسد، على المصالحة مع أنقرة. لكن دمشق تشترط انسحاب القوات التركية انسحابا كاملا لاستعادة العلاقات.

وفشلت محادثات جرت مؤخرا برعاية روسيا في تحقيق اختراق باتّجاه تطبيع العلاقات. والأمر متروك لخطوات جدية من الرئيس التركي باتجاه حل مخلفات التدخل في سوريا، من بينها التأكيد على الانسحاب من الأراضي السورية والتوقف عن تمويل وتسليح المجاميع المعارضة، والتوصل إلى توافق بشأن إعادة الملايين من اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

ودأب مسؤولون سوريون على قول إن أيّ تحرك نحو تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة لا يمكن أن يحدث إلا بعد موافقة تركيا على سحب الآلاف من القوات التي نشرتها في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة.

وفي أبريل 2023 أجرى مديرو مخابرات إيران وروسيا وسوريا وتركيا محادثات في إطار جهود لإعادة بناء العلاقات التركية – السورية بعد عداء دام سنوات.

1