أردوغان يمرر قانون نشر القوات بليبيا في تحد للمعارضة

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحذر نظيره التركي من التدخل في ليبيا.
الجمعة 2020/01/03
ليبيا.. مستنقع سوري جديد

أنقرة – تحدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، من خلال تمرير قانون التدخل في ليبيا، الأصوات المعارضة في البرلمان وخارجه والمحذرة من مغامرة تركية جديدة توحي الكثير من المؤشرات بأنها ستتحول إلى مستنقع جديد بعد مستنقع سوريا الذي باتت أنقرة تتحمل أعباءه أمنيا وإنسانيا واقتصاديا، فضلا عن تهاوي صورتها وارتباطها في وسائل الإعلام العالمية بالإرهاب والمؤامرات.

وصادق البرلمان التركي الخميس على مشروع قرار يسمح بإرسال دعم عسكري إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق والميليشيات الإسلامية المتحالفة معها في العاصمة طرابلس. وصوّت 325 نائبا مقابل 184 لصالح مشروع القرار.

ورغم أن الحزب الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية نجحا في توفير الأغلبية لتمرير القانون المثير للمخاوف، فإن كل أحزاب المعارضة الكبيرة بالمجلس صوّتت ضد مشروع القانون.

مرال أقشنر: إرسال قوات إلى ليبيا سيؤدي إلى قتل جنود أتراك بغير وجه حق
مرال أقشنر: إرسال قوات إلى ليبيا سيؤدي إلى قتل جنود أتراك بغير وجه حق

وتتخوف المعارضة من أن يكون القانون مطية تفتح أمام أردوغان الطريق للتورط في حرب طويلة الأمد في سياق رغبته المحمومة بإعادة إحياء الهيمنة العثمانية في المتوسط وأماكن أخرى.

ويشكك معارضون في تصريحات مسؤولين أتراك تزعم أن التلويح بالتدخل العسكري هدفه تحقيق توازن عسكري على الأرض يجبر الجميع على الذهاب إلى الحل السياسي في ليبيا، مشيرين إلى أن تركيا فشلت في تحقيق هذه المزاعم بسوريا، وأنها كانت تغذي مطامع المعارضة السورية بالانفصال وحكم مناطق على حدودها وتدفعهم إلى إفشال المفاوضات التي جرت في جنيف وأستانة وسوتشي بالرغم من التصريحات العلنية الداعمة لهذه المسارات.

ولا يخفي أردوغان والمقربون منه حماستهم للحرب في ليبيا بحثا عن مصالح و”حقوق” تركية في المتوسط، وهو ما يجعل تمرير القانون في البرلمان جزءا من استراتيجية التدخل المباشر وطويل الأمد.

وكرر نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي نفس مفردات أردوغان بقوله، بعد مصادقة البرلمان على إرسال قوات إلى ليبيا “سنواصل حماية مصالحنا وحقوقنا في المنطقة، وسنفشل الألاعيب التي تدور في منطقتنا”.

وأوضح أوقطاي أن كل خطوة تقوم بها الحكومة التركية في شرق المتوسط، مبنية على خطة واستراتيجية، تأتي عقب دراسة عميقة.

واعتبر المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري أونال جويك أوز، أن المذكرة التي صادق عليها البرلمان “مخالفة للدستور التركي”، وأعلن رفض حزبه لها.

وكان رئيس الحزب قليجدار أوغلو، قال في وقت سابق إن نواب حزبه سيقفون ضد تمرير مذكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا.

من جانبه قال أيطون تشيراي، النائب عن حزب “إيي” المعارض إن تركيا بهذه الخطوة “ستولّد لنفسها خصوما جددا في المنطقة”.

وقالت زعيمة الحزب مرال أقشنر، إن المذكرة يمكن أن تؤدي إلى قتل جنود أتراك بغير وجه حق، وإن إرسال قوة محاربة إلى مكان على بعد ألفي كيلومتر أمر خاطئ وينطوي على محاذير.

ولفتت إلى أن حزبها مقتنع أنه لن يكون مفيدا لتركيا أن تصبح جزءا من الحرب الأهلية العربية، مثلما هو الحال في سوريا.

وبينت أن تجربة انخراط تركيا في الحرب الداخلية في سوريا جلبت لها حوالي خمسة ملايين لاجئ، وكلفتها أكثر من 50 مليار دولار.

وتعتقد أوساط تركية أن أردوغان، وإن نجح في تمرير القانون بسبب هيمنة حزبه وحلفائه على البرلمان، فإنه سيفتح على تركيا أبواب العداء والكراهية في الإقليم، وخاصة في المنطقة العربية والإسلامية، محذرين من أن مغامرات أردوغان ستحيي موجة من العداء كان العرب يحملونها ضد تركيا والدولة العثمانية بسبب الاحتلال وما رافقه من مجازر واستغلال خيرات وتوريط لشعوب المنطقة في الحروب.

وترى هذه الأوساط أن التلويح باستنساخ تجربة قبرص التركية الانفصالية في ليبيا سيدفع الليبيين إلى الوحدة ورفع السلاح بوجه الغازي التركي الذي يريد تقسيم بلادهم وتحويل جزء منها إلى منصة عسكرية لتحقيق أجندات توسيع النفوذ التركي، وأن الأمر سيمتد إلى تونس والجزائر، وهما بلدان لهما تاريخ مرير مع الأتراك، الذين بدل أن ينجحوا في بسط نفوذهم الاقتصادي سيجدون أنفسهم بلا أصدقاء ولا مشاريع وسط منطقة معادية.

تدخل تركي يعقد الأزمة
تدخل تركي يعقد الأزمة

وفي سياق الضغوط، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ أردوغان في اتصال هاتفي بعد قرار البرلمان بأن التدخل الأجنبي يعقد الوضع في ليبيا.

وجاءت الردود الغاضبة على قرار إرسال القوات إلى ليبيا سريعا، فقد أعلن البرلمان الليبي عن عقد جلسة الاثنين المقبل في مدينة بنغازي لدراسة تداعيات إرسال قوات إلى ليبيا.

وقال العقيد خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر إن “القوات التركية لن تغير شيئا في المعركة. نحن على أعتاب طرابلس وسنكثّف من غاراتنا على أيّ مطارات تستقبل هذه القوات”.

وأدانت وزارة الخارجية المصرية وجامعة الدول العربية في بيانين الخميس، موافقة البرلمان التركي على مشروع قرار يسمح بتقديم الدعم العسكري إلى حكومة الوفاق في ليبيا.

وأكد بيان وزارة الخارجية على “ما تُمثله خطوة البرلمان التركي من انتهاك لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ”. فيما أفاد بيان الجامعة العربية بأن خطوة البرلمان التركي تُعد “إذكاء للصراع الدائر هناك (في ليبيا)”.

من جهته، شكر وزير الخارجية الليبي محمد الطاهر سيالة، نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، عقب مصادقة البرلمان التركي على مذكرة إرسال قوات إلى ليبيا. وجاء ذلك في اتصال هاتفي بين الوزيرين.

1