أردوغان يلوح من جديد بعملية عسكرية ضد أكراد سوريا

أنقرة – لوّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مجدّدا بشنّ هجوم على أكراد سوريا في حال لم يغادروا المنطقة الحدودية المتاخمة لبلاده.
وقال في كلمة ألقاها أمام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان الأربعاء، إن لتركيا حقا مشروعا في التحرك مرة أخرى "إذا لم يتم طرد المتشددين من المنطقة"، المتاخمة لحدودها مع سوريا.
وتعتبر تركيا الوجود الكردي في شمال شرق سوريا، تهديدا مباشرا لأمنها القومي وتزعم أن أكراد سوريا على صلة بحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره منظمة إرهابية.
وسبق أن قامت تركيا منذ عام 2015 بعمليات عسكرية تستهدف أكراد سوريا، اذ شنّت هجومين واسعي النطاق في شمال سوريا، الأول صيف عام 2016 وتمكنت بموجبه من السيطرة على منطقتي جرابلس والباب في شمال محافظة حلب. والثاني في مارس 2018، وتمكّنت خلاله من السيطرة على منطقة عفرين إثر هجوم استمر لنحو ثلاثة أشهر ضد المقاتلين الأكراد، بغطاء روسي.
وشنّت في العام 2019 عملية ثالثة تحت عنوان “غصن الزيتون” واستهدفت مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية في محافظة حلب.
ولوّح الرئيس التركي بأنه في حال لم يتم الوفاء بوعود إخراج "الإرهابيين من الخطوط التي تم تحديدها في سوريا، فإن لتركيا الحق في إخراجهم متى أرادت"، مشدّدا على أن “تركيا قادرة على تطهير كامل سوريا من التنظيمات الإرهابية إن لزم الأمر”.
وشهدت محافظة إدلب ومحيطها في شمال غرب سوريا تصعيدا روسيا، كبّد فصيل “فيلق الشام” المفضل لدى تركيا خسائر بشرية فادحة، وهو ما اعتبره متابعون رسالة قوية من روسيا لأنقرة بأنها لن تسمح باستمرار حالة المماطلة في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
واعتبر أردوغان أن الهجوم الروسي الأخير أظهر أن السلام الدائم هناك ليس مرغوبا فيه، مشيرا إلى أن هناك مؤشرات تظهر عدم دعم روسيا للاستقرار والسلام في سوريا.
وقال إن “استهداف روسيا مركزا لتأهيل الجيش الوطني السوري في إدلب مؤشرا على عدم دعمها للسلام الدائم والاستقرار بالمنطقة”.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الموقع المستهدف عبارة عن مقرّ كان قد تم تجهيزه حديثاً كمعسكر تدريب، وتم قصفه فيما كان العشرات من المقاتلين داخله يخضعون لدورة تدريبية.
وأشار أردوغان إلى أنه “ينبغي على الذين يلتفون للسيطرة على أراضي سوريا والذين يتخلفون عن مكافحة “داعش” مثلنا أن يتخلوا عن هذه المسرحية”.
ويعد “فيلق الشام” الفصيل السوري المفضّل لدى تركيا، مقرباً من جماعة “الإخوان المسلمين” المحظورة في سوريا، وينظر إليه البعض بوصفه ذراعها العسكري.
وكانت روسيا تركز في السابق على استهداف مجموعات تنتمي لهيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، كلّما شهدت العلاقات الروسية التركية في سوريا توترا، منذ التوصل لاتفاق هدنة جديد في المنطقة في فبراير الماضي.
ويقول متابعون إن جميع المؤشرات توحي بأن المنطقة مقبلة على حرب جديدة، بعد توتر العلاقات الروسية التركية وتصعيد أردوغان.
وتطالب موسكو أنقرة باستعادة الجيش السوري السيطرة على الطريق الدولي الرابط بين حلب واللاذقية المعروف بـ”أم 4″، في المقابل ترفض تركيا ذلك وتصر على ضرورة عودة القوات الحكومية إلى حدود “اتفاق سوتشي”.
ويشير خبراء إلى أن موسكو لم تعد تقبل بالوضع الراهن، بعد رفض تركيا المستمرّ للبنود التي تضمنها وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في مارس الماضي بعد تصعيد عسكري كبير شنه النظام السوري في ديسمبر واسترجع خلاله نحو نصف مساحة إدلب.
واضطر نظام الأسد لقبول اتفاق الهدنة بين تركيا وروسيا آنذاك، لينتقد طيلة الأشهر الماضية مماطلة أنقرة في الالتزام بأغلب بنود الاتفاق.
وشهدت العلاقات الروسية التركية أزمة حادة بعد إسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر 2015، تمكن بعدها البلدان من تجاوز الخلافات، ليبدءا تعاونا في جميع المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاستثمارية، منذ صيف 2016، تكللت بتنسيق جهودهما في سوريا، وبالاتفاق على توريد منظومة “أس-400” للدفاع الجوي، وإنشاء خط “السيل التركي” لنقل الغاز من روسيا إلى تركيا وأوروبا، ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين.