أردوغان يلوح باجتياح شمال سوريا

مراقبون يرون أن توغل أنقرة يأتي بمخاطر وتعقيدات ويهدد بإفساد علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وروسيا.
الثلاثاء 2022/11/22
العملية البرية تحتاج إلى إذن من الدول الفاعلة

إسطنبول - تحدّث رجب طيب أردوغان الاثنين عن احتمال إطلاق “عملية برية” في سوريا غداة سلسلة من الغارات الجوية على مواقع للأكراد في سوريا والعراق وعدة هجمات صاروخية على الأراضي التركية من سوريا.

ويقول مراقبون إن توغل أنقرة يأتي بمخاطر وتعقيدات ويهدد بإفساد علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وروسيا. كما أنه يخاطر بخلق موجة نزوح جديدة في منطقة مزقتها الحرب.

ويشير هؤلاء إلى أن أي عملية عسكرية ستكون معقدة بسبب الوجود الروسي في كل النقاط الساخنة المحتملة. وإذا كانت هناك عملية ما فإنها تحيل إلى التساؤل عن مدى استعداد أردوغان للتوغّل في سوريا، لاسيما في منطقة عين العرب (كوباني) وحولها، وعما إذا كان بمنأى عن اعتراضات من موسكو وواشنطن.

رجب طيب أردوغان: العملية العسكرية في سوريا لن تقتصر فقط على غارات جوية
رجب طيب أردوغان: العملية العسكرية في سوريا لن تقتصر فقط على غارات جوية

وتخضع المعادلة العسكرية في سوريا لحسابات الدول التي لها جيوش على الأرض وتتقاسم النفوذ فيها، إضافة إلى أن العلاقة التركية – الأميركية في أسوأ حالاتها.

وتدعم الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا ضد جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية، فيما تدعم روسيا مجموعات موالية للنظام في المنطقة نفسها.

وجدد أردوغان أيضا تحذيراته من أن أولئك الذين يهاجمون تركيا سيدفعون ثمنًا باهظًا غداة شنّ قوات أنقرة غارات جوية على قواعد للأكراد في شمال سوريا والعراق.

وقال أردوغان للصحافيين الأتراك الذين كانوا يرافقونه لدى عودته من قطر حيث شارك في افتتاح مونديال 2022 “لا شكّ في أن هذه العملية لن تقتصر فقط على غارات جوية”.

وأضاف “إن الوحدات المختصّة ووزارة دفاعنا وأركاننا العامة ستقرر معًا الصلاحيات التي يجب أن تلتزم بها قواتنا البرية”، مشيرًا إلى أن هناك “مشاورات” جارية. وتابع “سبق أن حذّرنا: سنجعل من يزعجوننا على أراضينا يدفعون الثمن”.

وأصابت قذائف صاروخية مصدرها سوريا مساء الأحد وصباح الاثنين الحدود والأراضي التركية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة نحو 15.

وفي سوريا أسفرت الضربات عن مقتل 35 شخصاً غالبيتهم مسلحون، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما أعلن المقاتلون الأكراد عن مقتل عشرة مدنيين.

واستهدف القصف مناطق حدودية تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، وخصوصاً مدينتي كوباني (شمال) والمالكية (شمال شرق).

وقالت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد إن تركيا شنت ضربات جوية جديدة الاثنين.

أي عملية عسكرية ستكون معقدة بسبب الوجود الروسي في كل النقاط الساخنة المحتملة

وأطلقت تركيا عمليتها العسكرية الجوية المحدودة بعد أسبوع على اعتداء بعبوة ناسفة في إسطنبول أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 80 آخرين بجروح، واتهمت حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية بالوقوف خلفه. لكن الطرفين نفيا أي دور لهما في الاعتداء.

واستهدفت الضربات مواقع لحزب العمال الكردستاني شمال العراق في جبال قنديل وآسوس وهاكورك، بالإضافة إلى قواعد لوحدات حماية الشعب الكردية في عين العرب وتل رفعت والجزيرة وديريك في سوريا.

وتصنف أنقرة حزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمرداً ضدها منذ عقود وينشط في العراق، منظمة “إرهابية”، وترى في وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً له في سوريا.

وأكّد أردوغان أنه لم يُجر “أي محادثة” مع الرئيس الأميركي جو بايدن أو نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن هذه العملية.

واستبعدت مصادر في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا البدء بعملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية شمال سوريا، مؤكدة أن علمية برية غير مطروحة حالياً.

وأوضحت المصادر أن فصائل الجيش الوطني لم يكن لها أي دور في عمليات القصف التي استهدفت قوات سوريا الديمقراطية، لافتة إلى أن قيادات الفصائل لم تتلق تعليمات من الجانب التركي بشأن رفع الجاهزية أو تغيير انتشار القوات.

مصادر في الجيش الوطني السوري استبعدت البدء بعملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية شمال سوريا

ويقول المحلل السياسي التركي كريم هاس “لا يمكن أن يصبح الجزء الشمالي الغربي من سوريا، الذي يخضع عملياً لسيطرة القوات الروسية، موقعاً لعملية جديدة من قبل تركيا، فمن الصعب تخيل أن يجرؤ أردوغان على ذلك”.

ويحتاج تحرك عسكري تركي للسيطرة على مدن وبلدات إستراتيجية في سوريا إلى تفاهمات سياسية ممهدة مع الأطراف الدولية الفاعلة، وهو ما ليس متحققا الآن. ورغم التهديدات التركية المتواصلة بتنفيذ هجمات شمالي سوريا، يستبعد محللون إقدام أنقرة على مثل هذه المغامرة التي تعوقها عوامل داخلية وخارجية.

ويرجح مراقبون معارضة روسيا لأي توغل تركي بري في المزيد من المناطق الواقعة على الطرقات الدولية والتجارية مثل عين عيسى وتل رفعت، مع احتمالية الموافقة على السيطرة على بقعة جغرافية جديدة بالقرب من الحدود التركية وغير متحكمة بالطرق التجارية مقابل حصول موسكو على مكاسب سياسية واقتصادية.

واعتبروا أن الأوضاع الداخلية الآن لا تسمح لأنقرة باتخاذ قرار الحرب، مرجحين أن تؤجل هجومها إلى أن تتهيأ الظروف الخارجية والمحلية لشن عملية عسكرية في شمال وشرق سوريا.

2