أردوغان يفتتح مسجدا كبيرا في ساحة تقسيم في ذكرى احتجاجات 2013

المسجد الجديد يعدّ جزءا من محاولة الرئيس التركي إرضاء قاعدته الانتخابية المتدينة خلال فترة الصعوبات الاقتصادية المتزايدة.
السبت 2021/05/29
مسجد تقسيم.. حلم أردوغان منذ 27 عاما

إسطنبول – افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة أول مسجد في ساحة تقسيم الشهيرة بإسطنبول، في الذكرى الثامنة لاحتجاجات هزت سلطته من هذه الساحة، وهي رسالة واضحة تفيد بعناد أردوغان الذي يتحدى رمزية الاحتجاجات.

وأبدى الرئيس التركي حماسا وإصرارا على بناء مسجد كبير في المكان الذي تظاهر فيه عشرات الآلاف من الشباب التركي في أواخر مايو 2013 للحفاظ على رمزية الساحة التي كانت تمثل الواجهة العلمانية للمدينة، حيث يوجد نصب تذكاري لمصطفى كمال أتاتورك، إلى جانب هيكل مركز ثقافي سمي باسم مؤسس تركيا العلماني القوي.

وبناء المسجد يمثّل لأردوغان ترْك بصمة على الساحة، أشهر منطقة في العاصمة الاقتصادية لتركيا، ويعد تحقيقا لحلم يراوده منذ ثلاثين عاما.

وقال الرئيس التركي بعد أداء صلاة الجمعة إن “مسجد تقسيم يشغل الآن مكانة بارزة بين رموز إسطنبول (…) ستبقى إن شاء الله حتى آخر الزمان”.

وسيتمكن حوالي أربعة آلاف شخص من الصلاة داخل المسجد الذي يجمع بين الطراز العثماني وسمات معاصرة.

وعندما شغل أردوغان منصب رئيس بلدية إسطنبول في التسعينات أعرب عن أسفه لعدم وجود مسجد في ساحة تقسيم، مشيرا إلى أن الموقع الديني الوحيد المرئي كان كنيسة أرثوذكسية على بعد خطوات قليلة.

وقال الرئيس الجمعة “لم تكن هناك حتى غرفة للصلاة وكان على المؤمنين الاكتفاء بالصلاة على أوراق الصحف على الأرض”.

ورغم أن أغلب سكان تركيا من المسلمين إلا أن بناء هذا المسجد الذي بدأ في عام 2017 أثار انتقادات؛ إذ اتهم البعض أردوغان بالرغبة في “أسلمة” البلاد وإلقاء ظلال على مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، فضلا عن المبالغة في تصميم المسجد وبتكلفة عالية.

ولم يخف أردوغان، منذ صعوده إلى السلطة كرئيس وزراء في 2003، رغبته في الانقلاب على هوية الشعب التركي العلمانية المنفتحة وبناء هوية يسيطر عليها الفكر المحافظ والمتشدد، وتضمّنت خطاباته الكثير من المواقف التي سعت للانقلاب على قيم المجتمع من بينها معارضة الحق في الإجهاض وتناول الكحول واعتبار أن دور المرأة الأساسي هو الإنجاب.

Thumbnail

ويطغى المسجد المهيب الآن على “نصب الجمهورية” الذي يمثل شخصيات مهمة في حرب الاستقلال التركية، بمن فيها مصطفى كمال، وكان إلى حين عامل جذب رئيسيّا في ساحة تقسيم.

وبعد أن كان من المزمع أن يُفتتح هذا المسجد خلال شهر رمضان قرر أردوغان، المعروف بحرصه على اختيار التواريخ، افتتاحه في ذكرى انطلاقة الاحتجاجات الكبيرة المناهضة للحكومة عام 2013 والتي كانت ساحة تقسيم مركزا لها.

وكانت الساحة مركز التظاهرات المعروفة باسم “حركة جيزي” وقوبلت برد قاس من قبل الشرطة.

ويأتي الافتتاح أيضا قبل يوم واحد من ذكرى دخول العثمانيين إلى القسطنطينية عام 1453، وهو يوم خاص بالنسبة إلى الرئيس الذي يشعر بالحنين إلى أمجاد الماضي.

وقال أردوغان خلال الافتتاح إنه رأى في مسجد تقسيم “هدية للاحتفال بالذكرى الـ568 لفتح إسطنبول”.

وكثيرا ما يقدم الرئيس نفسه على أنه غيّر شكل البلاد بالمطارات والمستشفيات والطرق والمساجد الكبرى الجديدة.

وتم افتتاح مسجد أكبر بكثير على قمة تل تشاميلجا في إسطنبول عام 2019 والذي يمكن أن يستوعب ما يصل إلى ستين ألف مصلٍ.

ويمكن رؤية المسجد من أي مكان في المدينة تقريبا، على طراز السلاطين العثمانيين الذين بنوا مساجد ظلت قائمة بعد مماتهم.

ويحيي أردوغان ذكرى دخول العثمانيين إلى القسطنطينية اليوم في مسجد تشاميلجا.

والمسجد الجديد هو جزء من محاولة الرئيس التركي إرضاء قاعدته الانتخابية المتديّنة خلال فترة الصعوبات الاقتصادية المتزايدة.

ويرى خبراء أن من بين جهوده تلك إعادة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد لتهدئة غضب قاعدته حيث تظهر استطلاعات الرأي تراجع التأييد لحزب أردوغان الحاكم ذي الجذور الإسلامية. وآيا صوفيا مدرجة على قائمة التراث العالمية لمنظمة اليونسكو وكانت في الأصل الكاتدرائية الرئيسية للإمبراطورية البيزنطية.

1