أردوغان يعوّل على دول مأزومة لتنفيس أزمة الاقتصاد التركي

لا شيء تحصل عليه باكستان والعراق والأردن سوى إغراق أسواقها بمنتجات تركية.
الخميس 2019/01/03
وعود تركية بلا فوائد عملية

أنقرة - تسعى تركيا إلى البحث عن بدائل ولو محدودة للتنفيس عن أزمتها الاقتصادية الخانقة، بالتوجّه إلى دول مأزومة اقتصاديا مثل السودان والصومال وباكستان والعراق، وذلك بعد أن فاقمت الخيارات السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان علاقاتها مع دول ذات اقتصاديات قوية وغنية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول الخليج.

وفتحت أنقرة أبوابها أمام زيارات متعددة لمسؤولين في دول مثل الأردن وباكستان والعراق، وهي دول ليس من الوارد أن تستفيد من تركيا سوى بعقد اتفاقيات تسمح للشركات التركية بتوزيع بضاعتها على نطاق واسع مستفيدة من انخفاض تكاليفها ومحدودية جودتها بمقابل منتجات محلية غير قادرة على المنافسة بسبب ارتفاع التكاليف ومحدودية الخبرة لدى اليد العاملة المحلية.

ويلتقي الرئيس التركي، الخميس، بالرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان اللذين يزوران أنقرة بشكل متزامن.

وتوقع وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم في تصريحات له، الأربعاء، أن يناقش برهم صالح خلال لقائه أردوغان “القضايا الأمنية، والقضايا المتعلقة بالحدود (بين العراق وتركيا)، وملف سوريا، فضلا عن القضايا المتعلقة بالاستثمارات والعلاقات الثنائية”.

لكن متابعين للزيارة يقللون من نتائجها بالنسبة إلى العراق، مشيرين إلى أنه من الصعب أن يثير برهم صالح بشكل جدي مسألة الاستهداف العسكري التركي للأراضي العراقية، أو أزمة المياه بين البلدين، أو التعاون التركي مع إقليم كردستان في مجال تصدير النفط الذي طالما مثلا أزمة بين بغداد وأنقرة.

في مقابل ذلك، قد يفتح حديث وزير الخارجية العراقي عن الاستثمارات الطريق أمام اتفاقيات في خدمة تركيا وشركاتها التي تتحفز لدخول المناطق التي غادرها داعش ولا تزال مهملة في وقت تؤجل فيه الحكومة المركزية في بغداد مسألة إعادة الإعمار والتي يرجح أن تتسلل إليها تركيا كما إيران.

Thumbnail

ومثلما تحاول استثمار أزمة العراق المنهك من الحرب على داعش، تسعى أنقرة إلى دخول باكستان من بوابة الوعود بالدعم الاقتصادي والتجاري لحكومة رئيس الوزراء الباكستاني الجديد الذي يعمل على إخراج بلاده من دائرة الحرب بالبحث عن مساعدات اقتصادية ومالية وليست فقط عسكرية مشروطة مثلما تريد الولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية محمد فيصل، إن زيارة خان ستساهم في تعزيز العلاقات التاريخية بين باكستان وتركيا، وإنها ستبحث “إمكانية إقامة تعاون جديد خاصة في مجالات مثل الاقتصاد والتجارة”.

ومن المقرر أن يشارك خان، الذي يرافقه مستشاره للتجارة والاستثمار عبدالرازق داود، في منتدى أعمال، ويلتقي لفيفا من مستثمرين أتراك.

وتمثل الزيارة استفادة لجهة واحدة هي تركيا، التي لن تكتفي بربح اتفاقيات بشروط مربحة لشركاتها ومستثمريها، بل ستبحث عن أدوار أخرى تتعلق بالنفوذ الناعم، مثل إرسال فرق للتعليم الديني وإحياء النفوذ العثماني التاريخي في البلاد، وهي الأنشطة التي دأبت عليها في دول كثيرة مثل دول البلقان، وآسيا الوسطى، ودول أفريقية مثل السودان والصومال، حيث يمتزج الدعم الاقتصادي بنفوذ ديني وثقافي وأمني.

ولا يبدو أن الوعود التي سيلاقيها عمران خان في أنقرة ستحقق ما يريده من دعم مالي وقروض عاجلة لمساعدة حكومته على إدارة الأزمة المعقدة التي وجدها أمامه وإعطاء دفع لشعبيته. وعلى العكس قد تعيق مساعيه في الحصول على دعم مالي خليجي ووعود حقيقية بالاستثمارات كانت صدرت عن السعودية والإمارات خلال جولته الأخيرة.

ونفس الإرباك الذي ينتظر أن تحدثه زيارة أنقرة لمساعي خان في الحصول على دعم الخليج، قد يلاقيه رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز الذي لم يحصل من زيارته الأخيرة إلى تركيا أكثر من تسليمه رجل أعمال “متهما بالفساد”.

لكن خبراء أردنيين يحذرون من أن الانفتاح المتسارع لتركيا على الأردن لا يعدو أن يكون بهدف إحياء اتفاقية تجارية قديمة سبق أن أوقف الأردن العمل بها خلال الحرب السورية، وأن أنقرة تريد إحياء تلك الاتفاقية أو تعويضها باتفاقية أخرى تحسبا لمرحلة ما بعد عودة العلاقة مع سوريا وإعادة إغراق الأردن بمنتجات شركاتها والتنفيس عن أزمتها بدل مساعدة عمان.

1