أردوغان يعمق قلق المستثمرين بتقويض السياسات النقدية

الليرة التركية تهبط لمستوى قياسي جديد بعد تعيينات الرئيس التركي الجديدة في المركزي التركي.
الجمعة 2021/10/15
سياسات تعمق انهيار العملة

تجمع تحليلات خبراء المال على صعوبة إخماد القلق الذي أشعله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإمعانه في انتهاك استقلالية المركزي حيث شكل تدحرج الليرة مرة أخرى أبرز ضحايا إقالته ثلاثة مسؤولين كبار بالبنك، في ظل دفاعه المستميت عن سياساته النقدية الملتوية التي تقوّض ثقة المستثمرين بالسوق المحلية.

إسطنبول - أدت إقالة ثلاثة من كبار أعضاء لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي التركي إلى فقدان الليرة المزيد من قيمتها، وهي مخاطرة لا تحظى بالقبول لدى المستثمرين المحليين والأجانب.

وأعلنت الرئاسة التركية مساء الأربعاء الماضي أن الرئيس رجب طيب أردوغان التقى محافظ المركزي شهاب كافجي أوغلو، ونشرت صورة لهما وهما يقفان جنبا إلى جنب، بعد قراره تعيين عضوين جديدين ونائبا لمحافظ البنك.

وقد تم تعيين طه جاكماق نائبا لمحافظ البنك المركزي، ويوسف تونا عضوا في لجنة السياسة النقدية، المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة التي يجري التعامل بها في السوق المحلية، وستعقد اللجنة اجتماعها المقبل في الحادي والعشرين من أكتوبر للنظر في سعر الفائدة.

وبعد هذا الإعلان، هبطت الليرة واحدا في المئة إلى مستوى قياسي منخفض جديد عند 9.18 مقابل الدولار، لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى 19 في المئة.

ويسود اعتقاد بين الأوساط المالية أن الشركات التي ضخت أكثر من 5 مليارات دولار من ودائعها بالعملات الأجنبية في غضون الأسابيع الثلاثة حتى الأول من أكتوبر الجاري، تمشيا مع سياسات المركزي، وكذلك الأسر قد تبدأ في التحول مرة أخرى إلى التعامل بالدولار واليورو بدل العملة المحلية المنهارة.

ويمكن للسياسات التي يتبعها أردوغان أن تجلب المشاكل إلى الاقتصاد التركي الذي يعاني من الركود وارتفاع التضخم وتراكم ديون الشركات التي تترنح على حافة الإفلاس رغم أن المؤشرات تعطي لمحة على أن النمو يتعافى من الأزمة الصحية.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى أونور إيلجن مدير الخزانة في مؤسسة أم.يو.أف.جي المالية التركية في إسطنبول قوله “قد تتحول مبيعات العملات الأجنبية الإجمالية قريبا إلى مشتريات العملات الأجنبية، مما يخلق ضغطا إضافيا على الليرة التركية”.

نك ستادميلر: خطر سحب الليرة مع تغطية أقل سيكون عبر التدفقات المحلية

وأشار إلى أن المبيعات الإجمالية الأخيرة للعملات الأجنبية كانت مدفوعة من قبل جني الأرباح.

ويحتفظ الأتراك والشركات بنحو 233 مليار دولار من العملات الأجنبية في الخارج، أي ما يعادل نصف إجمالي الودائع.

وفي حين أنهم تجار يقبلون على القيام بالأعمال عندما تكون الليرة قوية ويتم الترويج لها عندما تكون ضعيفة، فإنهم على المدى الطويل لديهم ميل لبناء سعر صرف مرهق.

ويرى نك ستادميلر مدير ميدلي إنترناشيونال أدفيسورس ومقرها نيويورك أنه “تحوط في مواجهة التضخم الذي أدى إلى انخفاض قيمة الليرة وتآكل مدخراتهم المالية”.

ويعاني سوق العملات الأجنبية التركي للعام التاسع على التوالي من انخفاض مستواه، بعد أن خسر أكثر من 80 في المئة من قيمته، وهي الأسوأ في الأسواق الناشئة بعد عملة البيزو الأرجنتينية.

وهناك مخاطر فعلية بشأن احتمال هروب المستثمرين من السوق المحلية، وهؤلاء يحتفظون الآن بأقل من 5 في المئة من مخزون ديون السلطات بالعملة المحلية، انخفاضا من حوالي 30 في المئة في عام 2013.

وقال ستادميلر “أعتقد أن خطر سحب الليرة مع تغطية مالية أبسط هو من خلال التدفقات المحلية وليس التدفقات الخارجية”.

وتتمثل إحدى مشكلات استرداد الليرة في أن تقدم درجة الائتمان يتباطأ، وهو ما يجب أن يساعد في تقليل عجز الحساب الجاري، وخفض الطلب على التجارة الخارجية، بما يتماشى مع سياسة كافجي أوغلو.

لكن حتى ذلك الحين، ومع تراجع الليرة أمام العملة الأميركية قد يتوقف المشترون المحليون بل ويعكسون مشترياتهم من العملات الأجنبية.

وفي الشهر الماضي خفض المركزي بشكل غير متوقع معدلات الفائدة إلى 18 في المئة، حتى مع عمل التضخم بنسبة 20 في المئة. وتشير الفرضيات إلى أن أردوغان يمهد الآن بأفضل طريقة لخفض آخر.

ويقول التجار والمتعاملون في تركيا إن صناع السياسات النقدية يتماشون مع ما يريده أردوغان بهدف خفض معدلات الفائدة مع تجاهل المخاطر على التوقعات.

وقالت ثلاثة مصادر مطلعة الأسبوع الماضي لوكالة رويترز إنّ أردوغان يفقد الثقة بكافجي أوغلو بعد أقل من سبعة أشهر من عزل سلفه، وإنه لم يكن بين الاثنين اتصال يُذكر في الأسابيع القليلة الماضية.

وأجرى أردوغان سلسلة تغييرات في لجنة السياسة النقدية في السنوات القليلة الماضية، إذ أقال ثلاثة محافظين في العامين ونصف العام الماضية بسبب اختلافات متعلقة بالسياسة، مما أثر في الليرة وأضر بشدة بمصداقية السياسة النقدية والقدرة على التنبؤ بها.

كما أنه يضغط بشدة على قضية أسعار الفائدة المرتفعة، لأن الأضرار الاقتصادية التي أحدثتها قيود الإغلاق، والتضخم السريع، والبطالة المرتفعة، أضعفت بشكل حاد شعبيته وشعبية الحزب الحاكم الذي يسيطر عليه.

ويعتقد أن انخفاض تكاليف الاقتراض سيساعد على إبطاء وتيرة التضخم، بالإضافة إلى تحفيز الاقتصاد. وقد حث المركزي مرارا على خفض سعر الفائدة القياسي.

10