أردوغان يطلب دعما فرنسيا لتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي

أنقرة - يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استجداء دعم فرنسي من شأنه أن يُعطي ترشيح بلاده لعضوية الاتحاد الأوروبي دفعا جديدا، في وقت تواجه فيه أنقرة توترا كبيرا مع ألمانيا بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة في تركيا، ما دفع برلين إلى تجميد محادثات الانضمام منذ سبتمبر الماضي.
وقال المؤرخ والعالم السياسي صميم أكغونول، إن الرئيس التركي يتوجه إلى باريس “لأنه لم يجد خيارا أفضل”، إذ أن أنقرة كانت تفضل زيارة إلى برلين لإعادة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
وأكد أكغونول أنه ليس متفائلا بإمكانية تهدئة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي خلال العام الجاري، مضيفا “يمكن أن نرى تغييرا في الخطاب لكنني أعتقد أن العلاقات لا يمكن أن تحرز تقدّما جوهريا”.
ويسعى النظام التركي إلى استمالة الجانب الفرنسي، الأقل حدّة من نظيره الألماني، في انتقاد المشهد الحقوقي المتصلّب في أنقرة، من خلال توقيع رسالة نوايا مع فرنسا وإيطاليا تمهّد الطريق لأنقرة من أجل شراء صواريخ أرض- جو من مجموعة أوروسام الفرنسية- الإيطالية.
ويعوّل أردوغان، من خلال توقيعه مذكّرة اقتناء أسلحة فرنسية، على براغماتية الرئيس ماكرون، أملا في صرف الأنظار عن المشهد الحقوقي المتدهور في بلاده وحملة التطهير التي يقودها نظامه ضد المعارضين، تحجّجا بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
وقالت جنى جبور، من مركز البحوث الدولية، إن “ماكرون لن يضحّي بالعلاقات التركية- الفرنسية على مذبح الدفاع عن حقوق الإنسان”، في إشارة إلى إمكانية تغاضي الطرف الفرنسي عن جرائم النظام التركي ضد معارضيه مقابل توقيع صفقات اقتصادية أخرى.
|
وأضافت جبور “إيمانويل ماكرون يتعامل مع أنقرة بطريقة براغماتية”.
ويتّبع الرئيس الفرنسي، منذ انتخابه، دبلوماسية ناشطة جدا من أجل فرض فرنسا على المسرح الدولي، مطالبا بـ”خطاب يجمع ما بين الحقيقة والبراغماتية” مع نظرائه الدوليين.
ويسبّب حجم عمليات التطهير، التي قامت بها أنقرة بعد محاولة الانقلاب، انتقادات كثيرة وجهها شركاؤها الأوروبيون ولا سيما برلين، ما أدى إلى توقّف المفاوضات المتصلة بترشيحها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وأعرب النواب الأوروبيون مؤخرا، عن قلقهم إزاء تدهور سيادة القانون وحقوق الإنسان وحرية الإعلام ومكافحة الفساد، في تركيا، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، في يوليو 2016.
وزاد اعتقال الآلاف من معارضي رجب طيب أردوغان أو من الساسة والنشطاء الكرد من الفجوة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، الذي وصف المشهد الحقوقي والديمقراطي في أنقرة بـ”المقلق جدا”.
ويرى محللون أن الرئيس الفرنسي يريد تعزيز التعاون مع تركيا حول ملفات التصدي للإرهاب وأزمة الهجرة، خاصة بعد أن أشارت تقارير أمنية غربية إلى تواجد المئات من مسلحي تنظيم داعش الفارّين من سوريا والعراق، على الأراضي التركية المجاورة لأوروبا.
وكشف تحقيق نشره موقع “بازفيد”، واسع الانتشار، أن البعض من شبكات التهريب يجري إدارتها من مناطق مختلفة في تركيا، كإسطنبول، وأن هذه الشبكات تقوم بتهريب البعض من الأشخاص لاحقا إلى أوروبا عبر البر أو البحر، أو عبر عمليات معقّدة تجري داخل الأراضي التركية. وقال ضباط المخابرات الأميركية للموقع إن هذا النوع من التهريب هو الذي يحدّد طبيعة مستقبل التنظيم، وسيساهم في مساعدة التنظيم على الاستمرار في البقاء.
وأضافوا “سيظل البعض من الأشخاص الذين جرى تهريبهم مخلصين لداعش، وسينتظرون حتى مرور العاصفة، فيما سيرتبط آخرون بشبكات تجنيد المقاتلين في أوروبا، وينضمّون إلى قائمة شبكاتها حول العالم”.
وتدهورت العلاقات بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي والغرب عموما بشكل ملحوظ، على خلفية قضية اللاجئين وتداعيات محاولة الانقلاب وقيام نظام أردوغان على إثرها بحملات قمع شديدة ضد معارضيه وخصومه، إضافة إلى إقالات طالت عشرات الآلاف من المسؤولين المدنيين والعسكريين.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد أعلنت، مطلع سبتمبر الماضي، تأييدها وقف مفاوضات انضمام تركيا إلى الكتلة الأوروبية، المتعثرة أصلا، فيما دعا ماكرون إلى “تجنب القطيعة” بين الاتحاد وتركيا، مُعربا، في الوقت نفسه، عن قلقه من “الانحرافات المقلقة” للنظام التركي.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، منتصف نوفمبر الماضي، ميزانيته للعام 2018 التي أشارت إلى خفض ملحوظ في التمويل المخصّص لتركيا على خلفية الشكوك حيال التزام أنقرة بمسائل تخصّ مفاهيم الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان. وجدّد المستشار النمساوي سبستيان كورتس التأكيد على رفض بلاده انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أنه لا يمكن لأنقرة أن تحظى بعضوية الاتحاد ما دامت تسير على النهج السياسي الذي تتبعه في الوقت الراهن.
وقال كورتس “نشاهد في تركيا انتهاكات جدية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية” معربا عن رفضه لوقوف الاتحاد الأوروبي متفرجا على تلك الانتهاكات.
وأضاف “من الأفضل وقف المفاوضات مع تركيا”، مشيرا إلى أن أنقرة تحاول التأثير في الجالية التركية المقيمة في النمسا وألمانيا وغيرهما من البلدان بما يخدم منع انخراطها في المجتمعات التي تعيش فيها.