أردوغان يصعّد حملة الاعتقالات السياسية للأكراد

صعّدت السلطات التركية حملة الاعتقالات التي تشنّها منذ أشهر طويلة بحقّ المئات من السياسيين الأكراد الذين تتهمهم أنقرة بالانتماء إلى حزب العمال الكردستاني الذي تصفه أنقرة بـ”الإرهابي”، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات لا حصر لها بسبب جبهات الصراع، التي فتحها الرئيس رجب طيب أردوغان لإرضاء غروره السياسي.
إسطنبول - اتهمت الأوساط السياسية الكردية في تركيا السلطات بالإمعان في حملة الاعتقال التي تشنّها أجهزة الأمن ضدهم، مؤكدين أن دوافعها سياسية وهي تأتي في إطار استراتيجية حزب العدالة والتنمية للقضاء على أي أصوات معارضة.
وقال مدحت سنجار الزعيم المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد إن “السلطات اعتقلت خمسة من رؤساء البلديات في مناطق ذات أغلبية كردية الاثنين في إطار حملة أمنية ضد الحزب”.
وأوضح خلال مؤتمر صحافي الاثنين أن قوات الأمن حاصرت المباني التابعة للبلدية في إقليم باتمان في جنوب شرق البلاد وكذلك في عدة مناطق في إقليم ديار بكر، مشيرا إلى أن رؤساء البلديات المشاركين في أربع بلديات اُعتقلوا.
وتأتي الاعتقالات في صفوف السياسيين الأكراد في إطار تهديدات الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه سيقيل أي رئيس بلدية ينتقد سياسياته بعد أن استطاع الأكراد الظفر ببلدية إسطنبول، الأكبر بالبلاد، خلال الانتخابات الأخيرة.
ويتهم الرئيس أردوغان وحكومته، التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية، حزب الشعوب الديمقراطي بأن له صلات بحزب العمال الكردستاني المحظور مما أدى لملاحقات قانونية للآلاف من أعضائه وبعض قادته. وينفي حزب الشعوب الديمقراطي وجود مثل تلك الصلة.
ويعيّن الحزب رجلا وامرأة للتشارك في منصب رئاسة البلدية من باب المساواة بين الجنسين، لكن الحكومة المركزية لا تعترف إلا بأحدهما رسميا في المنصب.
وقال سنجار إن “الإجراءات التي نفذتها السلطات صباح الاثنين مماثلة لتلك التي اتخذتها أنقرة عندما عيّنت أوصياء من جهتها في بلديات أخرى”، مشيرا إلى أن الحزب لم يتلق إخطارا رسميا من الحكومة المركزية بالإجراءات.
وتابع “نرفض ونمقت تلك المحاولات الوضيعة التي لا تتردد في إظهار العداء للأكراد حتى في تلك الأيام العصيبة التي يحارب فيها العالم وباء”.
ولم تردّ وزارة الداخلية بعد على طلب من وكالة رويترز للحصول على تعليق، لكن الحملة تعكس حالة التخبط التي تعاني منها أنقرة داخليا وخارجيا بعد أن فتح أردوغان جبهات عديدة سعيا إلى إرضاء طموحاته في السلطة.
ونفّذت تركيا في السنوات الماضية ضربات بشكل منتظم على قواعد حزب العمال الكردستاني بشمال العراق، خاصة على معاقل الحزب في جبال قنديل، حيث هددت أنقرة أيضا بتنفيذ هجوم بري.
وخلال مقابلة حصرية مع موقع أحوال تركية، قالت برفين بولدان الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي إن “كثيرا من الأكراد ينشقون عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في أعقاب العملية العسكرية في عفرين”.
وأضافت “لقد سببت عفرين استياء واسعا في صفوف ناخبي حزب العدالة والتنمية الأكراد.. نسمع أن هؤلاء الأكراد الذين عادة ما يصوّتون لحزب العدالة والتنمية لن يفعلوا ذلك في الانتخابات القادمة”.
وانتزعت القوات التركية السيطرة على بلدة عفرين السورية من قوات كردية سورية الأحد، بعد هجوم استمر شهرين عبر الحدود. وتقول أنقرة إن الجماعة الكردية السورية المسلحة، التي كانت تسيطر على عفرين، وحزب الشعوب الديمقراطي على صلة بحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل في تركيا منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
وفي العادة يصوّت كثير من الأكراد المحافظين لصالح حزب العدالة والتنمية، فيما يضمن للحزب أن يحلّ ثانيا عادة خلف حزب الشعوب الديمقراطي في جنوب شرق البلاد ذي الأغلبية الكردية.
وأكدت بولدان أن الحزب المنتمية إليه سيعمل لصالح كل من الأتراك والأكراد دون تمييز بينهم. وقالت “نحن نؤكد على هذا في سياساتنا منذ البداية. الواقع هو أن حكومة حزب العدالة والتنمية تسببت في استقطاب في المجتمع”.