أردوغان يسعى إلى خطوات ملموسة لتحسين العلاقات مع السعودية

أنقرة - نقلت وسائل إعلام عن الرئيس رجب طيب أردوغان قوله الأربعاء إن تركيا تواصل "الحوار الإيجابي" مع السعودية وتريد اتخاذ خطوات ملموسة في الأيام المقبلة لتحسين العلاقات، وسط مساعي أنقرة لإصلاح العلاقات المتوترة مع دول بالمنطقة.
وأضاف أردوغان، في تصريحات للصحافيين على متن طائرة خلال رحلة عودته من الإمارات، "نواصل حوارنا الإيجابي مع السعودية، نريد أن نواصل من خلال اتخاذ خطوات ملموسة في الفترة المقبلة، وتطوير العملية في اتجاه إيجابي".
ويعتزم الرئيس التركي تأجيل زيارة السعودية إلى مارس أو أبريل المقبلين بدلا من فبراير الحالي، وفقا لما تم الإعلان عنه سابقا، طبقا لمسؤول رفيع المستوى على صلة مباشرة بالأمر.
وذكرت وكالة "بلومبرغ" للأنباء الأربعاء أن المسؤول لم يذكر أي تفاصيل عن سبب التأجيل.
وكان الرئيس التركي أعلن في الثالث من يناير الماضي أنه سيقوم بزيارة إلى السعودية في فبراير، التي توترت العلاقات بينها وبين أنقرة منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول في أكتوبر من العام 2018، وهي حادثة حاول أردوغان استغلالها لابتزاز الرياض، ما دفع المملكة إلى مواجهة ذلك بحزم شديد، فقامت بفرض حظر غير رسمي على البضائع التركية وتنظيم حملة مقاطعة للرحلات السياحية إلى البلاد.
وقال أردوغان ردا على سؤال بشأن حل مشكلات تتعلق بالصادرات للسعودية لدى خروجه من مؤتمر عن التجارة، إنه سيزور المملكة في فبراير وسيعمل على "حل هذه المشكلات"، وذلك على هامش مشاركته في مؤتمر المصدرين بإسطنبول، للإعلان عن أرقام الصادرات خلال العام 2021، عبر مقطع فيديو متداول.
ومن المتوقع أن ينتهي الحظر غير الرسمي المفروض على البضائع التركية في السعودية عقب الزيارة المرتقبة لأردوغان، ومن ثم ستواصل الشركات التركية أعمالها في السعودية من حيث توقفت.
ومن المحتمل أن يكون التقارب أولا في المجالات الاقتصادية، وأن ينعكس ذلك في المستقبل القريب على مجالات التنافس الجيوسياسي.
وأرسلت تركيا في مايو الماضي وفدا إلى السعودية لإجراء محادثات، كما التقى وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في الرياض بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
وفي ديسمبر الماضي، قال أردوغان إن هناك "تطورات في المستقبل القريب بشأن العلاقات مع السعودية ومصر"، مشيرا إلى أنه يتمنى أن ترتقي العلاقات مع البلدين إلى مستوى العلاقات مع الإمارات، وذلك في أعقاب زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا في نوفمبر الماضي.
ويرى مراقبون أن زيارة الإمارات التي ستعقبها زيارة أخرى إلى المملكة العربية السعودية تمثل آخر أسلحة الرئيس التركي لتحسين وضعه، قبيل الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها العام المقبل، وسط انهيار اقتصادي تعرفه تركيا زاد من حجم الضغوط على أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.
وكان الاقتصاد التركي قد بدأ بالتباطؤ حتى قبل تفشّي وباء كورونا، إذ بلغت نسبة النمو السنوي 0.9 في المئة فقط في العام 2019. ويُتوقّع أن يسجّل إجمالي الناتج المحلي زيادة بنسبة 10 في المئة في العام 2021. ويُعتبر حدوث ذلك، على خلفية الانهيار الأسوأ في قيمة العملة المحلية منذ العام 2002، مؤشّرا على أن تعافي البلاد لا يستند إلى أسس متينة.
ويعتبر أردوغان، وفقا لرؤيته الاقتصادية، أن تدنّي أسعار الفوائد سيسهم في تعزيز الصادرات والإنتاج الصناعي. والهدف في نهاية المطاف هو زيادة مستويات الدخل. لكن القدرة الشرائية المحلية تسجّل تراجعا بسبب معدّل التضخم الذي ارتفع من 10.94 في المئة في أبريل 2020 إلى 21.31 في المئة في نوفمبر 2021، ووصل إلى 36.08 في المئة في ديسمبر 2021. وازداد معدّل الفقر من 10.2 في المئة من السكان في العام 2019 إلى 12.2 في المئة في العام 2021. وباتت الطوابير الطويلة للأشخاص الذين ينتظرون شراء الخبز المدعوم مشهدا مألوفا في مختلف أنحاء تركيا.
وبنى أردوغان رصيده السياسي عبر قيادة البلاد في مرحلة من النمو غير المسبوق خلال عقده الأول في الحكم (2002 – 2013). لذلك ليس مفاجئا أن شعبيته تراجعت كثيرا في العام 2021، حين بدأ الكثير من مرشّحي المعارضة يحققون نتائج أفضل منه في الاستطلاعات التي ترصد توجهات الناخبين على مشارف الانتخابات الرئاسية المقبلة.