أردوغان يخوض جولة زيادة الإقراض لتحريك الاقتصاد

الصندوق السيادي يزيد رأس مال بنوك حكومية لتسريع التسهيلات الائتمانية قبل الانتخابات.
الخميس 2023/03/23
لا أحد يهتم بالإغراءات

تكشف تحركات السلطات التركية لزيادة عمليات إقراض الأفراد والشركات عن احتيال مقنّع للإيهام بأن الجدارة المالية للبلاد قوية، في حين أنها تشكل إحدى المعارك المضنية للرئيس رجب طيب أردوغان من أجل استمالة الناخبين تحت يافطة تحفيز الاقتصاد.

أنقرة - تحولت الحكومة التركية إلى التركيز على دعم الاستهلاك من بوابة دفع البنوك المملوكة للدولة إلى زيادة التسهيلات الائتمانية أملا في مواجهة آثار الزلزال المدمر الذي قضم الكثير من شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان.

وكشفت مصادر مطلعة الأربعاء أن السلطات تعتزم زيادة رأس مال البنوك الحكومية بأكثر مما كان متوقعا أساسا، في محاولة لتشجيع الإقراض قبل إجراء الانتخابات في مايو المقبل.

وتمثل الخطوة أحدث محاولة من جانب أردوغان لتحفيز النمو الاقتصادي، حيث يواجه أصعب منافسة خلال حكمه، الذي بدأ قبل أكثر من عقدين من الزمن.

ووفق المصادر التي لم تكشف وكالة بلومبرغ عن هويتها، سيعمل الصندوق السيادي التركي (تي. دبليو. أف) على زيادة رأس مال بنك زراعات بمقدار 40 مليار ليرة (2.1 مليار دولار)، مع إضافة 1.6 مليار دولار لكل من بنك خلق وفاكيف بنك.

وتشير الإحصائيات إلى أن الصندوق السيادي، الذي تم تأسيسه في أغسطس 2016 وترْأسه أردا إيرموت بعدما حلت محل ظافر سونميز في مارس 2021، يمتلك كل أسهم بنك زراعات وحصص الأغلبية في البنكين الآخرين.

5.5 مليار دولار قيمة زيادة رأس مال بنوك زراعات وخلق وفاكيف وكاتليم للصيرفة الإسلامية

وقال مسؤول تركي إنه “من المقرر إضافة 4.5 مليار ليرة (240 مليون دولار) أخرى إلى رأس مال وحدة الصيرفة الإسلامية زراعات كاتليم التابعة لبنك زراعات، ليرتفع إجمالي زيادة رأس المال إلى 104.5 مليار ليرة (5.5 مليار دولار)”.

وذكرت وسائل إعلام حكومية أن الصندوق السيادي، الذي يشرف عليه أردوغان بشكل مباشر، خطط لزيادة رأس المال بمقدار 60 مليار ليرة (3.15 مليار دولار) في ديسمبر الماضي.

ويستحوذ الصندوق على حصص الدولة في عدد من الأصول الأخرى، مثل شركة الخدمات النفطية تباو وشركة بوتاش للغاز، إلى جانب حصة من الخطوط الجوية التركية.

ووفق التقديرات غير الرسمية تبلغ قيمة الأصول التي يديرها الصندوق حوالي 160 مليار دولار، منها حقوق ملكية قيمتها 35 مليار دولار.

ومنذ وصول أردوغان إلى السلطة باعت الحكومات المتتالية أصولا مملوكة للدولة أكثر من أي وقت مضى، وروّج وزراء الاقتصاد فوائد إنشاء صندوق ثروة لتجميع الأصول العامة معا في معظم العقد الماضي، ولم يصبح التنفيذ ممكنا إلا قبل سبعة أعوام.

ويركز الرئيس التركي الساعي للفوز بولاية ثالثة في منصبه على تعزيز الاقتصاد عن طريق منح القروض الرخيصة، لكن زلزالا هائلا حدث في الشهر الماضي دمر معظم جنوب شرق تركيا، مما أجبر البنوك على إعطاء الأولوية للإقراض في المنطقة المتضررة.

وتميل البنوك الحكومية إلى تقديم قروض تجارية بمعدلات فائدة أقل من البنوك الخاصة بفضل مشاركتها في عدد كبير من البرامج المدعومة من الدولة، وهذا الأمر قد يحدث تأثيرا في السوق خلال الفترة المقبلة بفعل المشاكل المتراكمة التي يعاني منها الاقتصاد.

وقدم الصندوق السيادي التركي أكثر من عشرة مليارات دولار لدعم البنوك الحكومية في ثلاث جولات منفصلة خلال 2019 و2020 و2022.

وأدى انخفاض الليرة التي خسرت نحو 30 في المئة من قيمتها مقابل الدولار العام الماضي، و44 في المئة في 2021، إلى تآكل الاحتياطيات النقدية لدى البنوك، مما أجبر السلطات على ضخ رأس المال للمرة الرابعة منذ عام 2019.

الوضع مقلق.. هل نفاتحه بالأمر
حركة الوجه تعكس حقيقة الوضع 

وفي أحدث خطوة في محاولته لتخفيف الضغط عن الليرة طلب البنك المركزي الأسبوع الماضي من البنوك التجارية استخدام سعر صرف أجنبي مزدوج لإجراء التعاملات مع الشركات.

وذكرت مصادر على دراية مباشرة بالأمر أن المركزي أبلغ البنوك بأن الشركات التي لديها فائض من النقد الأجنبي يجب أن تدفع علاوة لشراء المزيد من الدولارات.

كما طلب من البنوك رفع الحد الأدنى لسعر الدولار أمام الليرة، والذي يمكن أن تجري بموجبه المعاملات مع الشركات والمستثمرين الأفراد، إلى 19.2 من 19.15 سابقا.

ووسّع المركزي التركي تدريجيا الفارق بين سعر الصرف المستخدم في المعاملات بين البنوك والمستويات التي تقدمها البنوك إلى زبائنها من الأفراد.

وبموجب القرار الجديد ستظل الشركات، التي تتعامل مع البنوك ولديها صافي مركز استثماري مكشوف (مدين) من العملات الأجنبية، قادرة على شراء الدولار بأسعار ما بين البنوك.

ولكن المشتريات التي تبلغ 2.5 مليون دولار أو أكثر من الدولار الأميركي بحاجة إلى الحصول على تصريح من البنك المركزي.

◙ البنوك الحكومية تقدم قروضا بمعدلات فائدة أقل من الخاصة، واستمرار ذلك قد يحدث تأثيرا سلبيا بفعل مشاكل الاقتصاد المتراكمة

وأصبح الحفاظ على استقرار الليرة ركيزة أساسية في جهود السلطات لاحتواء التضخم، الذي تجاوز 80 في المئة أواخر العام الماضي، حيث تريد السيطرة على تقلبات العملة قبل الانتخابات.

وألقت العملة التركية، الأكثر استقراراً خلال فترة التضخم الجامح، بتأثيرها السلبي على التجارة الخارجية للبلاد، حيث يؤدي ارتفاع التكاليف إلى تآكل القدرة التنافسية للمصدرين الأتراك.

وتشير البيانات الأولية إلى انخفاض الصادرات التركية 6.4 في المئة الشهر الماضي على أساس سنوي، وهو أول انخفاض سنوي منذ نوفمبر 2020.

وأظهرت تقديرات الثلاثاء الماضي نمو صافي الاحتياطيات الأجنبية لدى المركزي من ستة مليارات دولار الأسبوع الماضي إلى 25 مليار دولار، وذلك بعد دخول وديعة سعودية قدرها خمسة مليارات دولار إلى حسابات البنك.

ووفقا للحسابات، زادت الاحتياطيات الإجمالية للبنك المركزي من 6.5 مليار دولار إلى 126.5 مليار دولار في الفترة ذاتها.

وانتعش صافي احتياطيات تركيا من النقد الأجنبي بعدما بلغ ما يزيد قليلا عن 6 مليارات دولار في الصيف الماضي وكان هذا أدنى مستوى في 20 عاما على الأقل، لكنه انخفض بنحو عشرة مليارات دولار منذ زلزال الشهر الماضي.

وتراجع الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة بشدة في السنوات القليلة الماضية نتيجة تدخلات البنك في السوق وعقب أزمة العملة في ديسمبر 2021.

10