أردوغان يجدد السعي لطي صفحة التوترات مع مصر

إسطنبول – كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تحضير لاجتماع بين مسؤولين أتراك ومصريين، مشيرا إلى أن المحادثات مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الدوحة التي تراوحت مدتها بين 30 و45 دقيقة، جرت إثر وساطة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وقال أردوغان في تصريحات أُذيعت الأحد إن عملية بناء العلاقات مع مصر ستبدأ باجتماع وزراء من البلدين، وإن المحادثات ستتطور انطلاقا من ذلك.
وبعد سنوات من التوتر بين البلدين، صافح أردوغان الرئيس المصري في قطر الأسبوع الماضي، فيما وصفه بيان للرئاسة المصرية بأنه بداية جديدة في العلاقات الثنائية بينهما.
وأحيت تلك المصافحة النادرة بين الرئيسين، آمال استعادة مسار التطبيع المتعثر بين البلدين، بعدما خيم عليه التباعد أخيرا بسبب تباين المواقف تجاه ملفات تعد "مصيرية" للطرفين.
وفي برنامج حواري تلفزيوني تم تسجيله في محافظة قونية التركية السبت، قال أردوغان إنه تحدث مع السيسي لنحو 30 إلى 45 دقيقة في ذلك اللقاء على هامش بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر.
وقال أردوغان "لقد ركزنا المحادثات مع السيد السيسي هناك وقلنا لنتبادل الآن زيارات الوزراء على مستوى منخفض. بعد ذلك، دعونا نوسع نطاق هذه المحادثات".
وأشار أيضا إلى إمكانية تحسين العلاقات مع سوريا، قائلا "يمكن أن تعود الأمور إلى نصابها مع سوريا في المرحلة القادمة مثلما جرى مع مصر".
وشدّد على أهمية الروابط بين تركيا والشعب المصري في المتوسط، مؤكدا أنه "يجب عدم إفساح المجال في هذا الصدد لجهات أخرى، مثل اليونان". وأضاف "لذلك أعتقد أنه ستكون هناك تطورات جيدة".
وتأتي تصريحات أردوغان بعد يومين على تصريحات مماثلة لنائبه فؤاد أوقطاي، قال فيها إن تطبيع العلاقات بين بلاده ومصر "مستمر في إطار الإرادة المشتركة للجانبين والمصالح والاحترام المتبادل".
وذكر أوقطاي في كلمة أمام لجنة الموازنة بالبرلمان التركي أن "التحولات الجيوسياسية الأخيرة في الشرق الأوسط انعكست على مقاربات دول المنطقة أيضا"، وفقا لوكالة "الأناضول" التركية.
وتابع أن "الموقف التركي المتمثل في إعطاء الأولوية للتعاون الإقليمي أثمر فتح حقبة جديدة في العلاقات الثنائية مع الإمارات والسعودية وإسرائيل"، مضيفا "تستمر اتصالاتنا مع مصر لتطبيع العلاقات في إطار الإرادة المشتركة للجانبين والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وقمنا وسنواصل القيام بكل ما تتطلبه مصالح بلدنا وشعبنا".
ويرى مراقبون أن تصريحات الرئيس التركي لم تحمل أي إشارة واضحة إلى أن أحد الرئيسين قد قدم تنازلا أو وعد بمراجعة موقفه، لذلك فإن ذلك اللقاء رغم أهميته، لم يحدث أي اخترق حقيقي في العلاقات بين البلدين عقب سنوات طويلة من القطيعة والخلافات السياسية الحادة، بسبب مواقف أنقرة السلبية من التغيير السياسي الذي شهدته مصر عام 2013 والإطاحة بحكم جماعة الإخوان إثر احتجاجات شعبية.
ويشير هؤلاء إلى أن أهمية اللقاء تكمن في أنه يأتي عقب أسابيع قليلة على إعلان القاهرة عن تعثر المباحثات مع أنقرة حول إعادة تطبيع العلاقات، بسبب تجدد الخلافات بين البلدين حول الملف الليبي وشرق المتوسط.
وبدأ البلدان مشاورات بين كبار مسؤولي وزارتي الخارجية العام الماضي، وسط مساع من تركيا لتخفيف التوتر مع مصر والإمارات وإسرائيل والسعودية.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قال أواخر الشهر الماضي إن محادثات التطبيع لم تستأنف، لأنه "لم تكن هناك تغييرات في ممارسات تركيا" في ليبيا.
ويرى المراقبون أن العلاقات المصرية - التركية قد لا تشهد اختراقا حقيقيا خلال الفترة المقبلة، لكن اللقاء يمكن وصفه بأنه أكثر من تهدئة وأقل من مصالحة سياسية، ما يشير إلى أن هناك ملفات لا تزال عالقة قد يستغرق التفاهم حولها وقتا طويلا.
ومن الملفات العالقة دعم أنقرة للإخوان، رغم الإشارات الإيجابية بإجبار قنوات إخوانية تبث من إسطنبول على التوقف عن مهاجمة النظام المصري وإلغاء برامج دأبت على التحريض والعنف، فضلا عن الملف الليبي حيث تدعم تركيا حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، بينما لا تزال القاهرة تدعم البرلمان الليبي والحكومة المعينة من قبله، إلى جانب مذكرة التفاهم التي أبرمتها حكومة الدبيبة مع تركيا والتي تسمح لأنقرة بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية.