أردوغان يتوق إلى دعم ألماني صعب المنال لمواجهة العقوبات الأميركية

برلين – اتهمت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعم جماعات إرهابية، وذلك قبل وقت قصير من بدء زيارته الرسمية لألمانيا، فيما كانت الاحتجاجات في انتظاره الخميس، عند وصوله إلى العاصمة برلين.
وقالت زارا فاغنكنشت لوكالة الأنباء الألمانية “الرئيس أردوغان وحكومته يتعاونان مع جماعات إرهابية إسلامية”، لافتة إلى أنه يتم تحسين تسليح مثل هذه الجماعات في سوريا من قبل تركيا.
وانتقدت فاغنكنشت الاستقبال الرسمي للرئيس التركي في ألمانيا قائلة “إنه أمر سخيف تماما استقبال شخص يهدم في بلاده الديمقراطية ويؤسس دكتاتورية إسلامية، بالسجادة الحمراء وبكل مراتب الشرف، فبذلك يتم تعزيز ظهر أردوغان”.
وأعربت اليسارية الألمانية البارزة عن رأيها في أن تطبيع العلاقات بين ألمانيا وتركيا ليس متوقعا، مؤكدة “يمكن أن يكون هناك تطبيع فقط إذا تم تطبيع العلاقات داخل تركيا”.
وأضافت “إذا ظهر حاليا أن أردوغان يصوب نهجه بشكل جدي ويطلق سراح منتقدي نظام الحكم وألا تكون هناك أي اعتقالات وحالات اضطهاد أخرى، فسيكون من المناسب بالتأكيد أيضا تطبيع العلاقات مجددا”.
وطالب حزب الخضر من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتخاذ موقف واضح من الدكتاتورية في تركيا وممارسات الرئيس التي تقوض أركان دولة القانون، فيما يواصل النظام التركي اعتقال المعارضين السياسيين وحتى الأجانب من الأميركيين والألمان تحت يافطة جماعة رجل الدين فتح الله غولن، التي تصنفها أنقرة بمفردها كجماعة إرهابية.وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب أنتون هوفرايتر “لا يمكن أن تكون هناك مساعدات قبل أن تسود الظروف الديمقراطية مرة أخرى في تركيا وقبل أن تعود دولة القانون وحرية الصحافة”.
زيارة الرئيس التركي لبرلين بحثا دعم ألماني يخفف عنه وطأة العقوبات، يظل صعب المنال في ظل تنامي توتر العلاقات مع مواصلة تركيا احتجاز عدد من الألمان لديها
ورأى هوفرايتر في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أن تركيا استخفت بعلاقاتها مع جميع الشركاء وأصبحت تعاني من ضغط اقتصادي، مضيفا “لا بد أن تستغل الحكومة الألمانية ذلك لإجبارها على انتهاج سياسة جديدة في ما يتعلق بحرية الصحافة والرأي والحرب على الأكراد والتجسس على ذوي الأصول التركية في ألمانيا من خلال أئمة المساجد”.
وشدد السياسي الألماني على ضرورة عدم دخول ألمانيا في مباحثات مع تركيا بشأن توسيع الاتحاد الجمركي بين البلدين طالما لم يتغير شيء بالنسبة لهذه الممارسات.
ودعا الرئيس التركي ألمانيا إلى “فتح صفحة جديدة” في العلاقات السياسية المتوترة مع بلاده، حيث وجه وفي ركن للرأي بصحيفة “فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ” الألمانية عدة مطالب إلى الحكومة الألمانية تحت عنوان “توقعات من ألمانيا”.
وكتب أردوغان “أرى أننا ملزمون باستئناف علاقاتنا بطريقة يحكمها العقل على أساس مصالح الجانبين، وبعيدا عن التخوفات غير العقلانية”، مشيرا إلى “النهج أحادي الجانب وغير المسؤول للحكومة الأميركية”، في إشارة إلى العقوبات التي فرضتها واشنطن على أنقرة على خلفية مواصلة احتجاز القس الأميركي أندرو برونسون.
وأوضح أردوغان أنه ينتظر من الحكومة الألمانية دعم تركيا في حربها على حزب العمال الكردستاني وحزب التحرر الشعبي اليساري وحركة الداعية فتح الله غولن الذي تحمله أنقرة المسؤولية عن محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة في 2016.
وكانت ألمانيا رفضت الطلب من قبل قائلة إنها بحاجة إلى المزيد من البراهين التي تربط شبكة أتباع رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة، بالمحاولة الفاشلة للإطاحة بالحكومة التركية.
واندلعت مؤخرا أزمة سياسية حادة بين واشنطن وأنقرة على خلفية رفض الأخيرة إطلاق سراح القس الأميركي المحتجز لديها أندرو برونسون، ما دفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فرض عقوبات اقتصادية على تركيا تشكلت على إثرها أزمة اقتصادية حادة.
وانهارت الليرة التركية بشكل غير مسبوق في تاريخها مؤخرا أمام الدولار بسبب العقوبات الأميركية التي تصرّ واشنطن على عدم التراجع عنها ما لم يتم إطلاق سراح القس دون شروط.
ويرى محللون أن زيارة الرئيس التركي لبرلين تندرج ضمن مساعيه للبحث عن مخرج للأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت ببلاده من خلال البحث عن دعم ألماني يخفف عنه وطأة العقوبات، إلا أن ذلك يظل صعب المنال في ظل تنامي توتر العلاقات مع مواصلة تركيا احتجاز عدد من الألمان لديها.
وأحبط وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الشهر الماضي، مساعي الرئيس التركي في اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي بغية تجاوز الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية الأميركية على بلاده، مشترطا كما واشنطن، إطلاق سراح الألمان المحتجزين لديه كشرط أساسي لعودة العلاقات، فيما يرى محللون أن يأس النظام التركي من تجاوز العقوبات الأميركية منفردا دفعه إلى اللجوء إلى أوروبا ومحاولة إحياء العلاقات.
واشترط ماس إطلاق سراح السجناء الألمان المحتجزين في تركيا لعودة العلاقات مع أنقرة التي تواجه انتقادات دائمة بأنها تنتهك حقوق الإنسان والحريات بشكل منظم، ما يقوض مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تجاوز آثار العقوبات الأميركية على بلاده من خلال الانفتاح أكثر على أوروبا.
وقال سفير الولايات المتحدة السابق لدى تركيا إيريك إيدلمان إن “يأس نظام أردوغان” من الأزمة الاقتصادية المقبلة هو الذي أدى إلى إعادة إحياء العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي وتركيا.
وأضاف إيدلمان، خلال حلقة نقاشية في حرم كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز في واشنطن، أن إدارات أميركية عديدة في الماضي كانت تفكر إذا ما استمرت في التعامل مع تركيا كحليف، وفي نهاية المطاف سوف تتصرف تركيا كأنها بمفردها.