أردوغان يأمل في لقاء الأسد

رئيس المخابرات التركية يعقد عدة اجتماعات مع نظيره السوري في دمشق في الأسابيع القليلة الماضية في مؤشر على تقدم الجهود الروسية في إذابة الجليد بين الدولتين.
الجمعة 2022/09/16
مصالحة لا تزال مؤجلة

إسطنبول - ذكرت صحيفة حريت التركية الموالية للحكومة الجمعة أن الرئيس رجب طيب أردوغان أبدى رغبة في لقاء نظيره السوري بشار الأسد لو أنه حضر قمة في أوزبكستان، لكنه أشار إلى أن الأسد ليس مشاركا في القمة.

جاء التقرير بعد أن قالت أربعة مصادر إن رئيس المخابرات التركية عقد عدة اجتماعات مع نظيره السوري في دمشق في الأسابيع القليلة الماضية، في مؤشر على جهود روسية لإذابة الجليد بين الدولتين اللتين تقفان على طرفي نقيض بخصوص الحرب السورية.

وذكر عبدالقادر سلفي، وهو كاتب عمود في صحيفة حريت، أن أردوغان أدلى بهذه التصريحات بشأن الأسد في اجتماع لحزبه الحاكم "العدالة والتنمية"، عقد خلف الأبواب المغلقة الاثنين.

ونقل سلفي عن أردوغان قوله في اجتماع الحزب "أتمنى لو كان الأسد قد جاء إلى أوزبكستان، لكنت تحدثت معه. لكنه لا يستطيع الحضور إلى هناك".

كما نقل عن أردوغان قوله "لقد خاض الحرب مع المتمردين للحفاظ على سلطته. اختار حماية سلطته. كان يرى أن بوسعه حماية المناطق التي يسيطر عليها. لكنه لم يستطع حماية مناطق واسعة".

وكانت وكالة "رويترز" أفادت الخميس، نقلا عن 4 مصادر، بأن رئيس المخابرات التركية عقد عدة اجتماعات مع رئيس مكتب الأمن الوطني السوري في دمشق خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وقال مصدر إقليمي مؤيد لدمشق لـ"رويترز" إن رئيس جهاز المخابرات الوطنية التركي هاكان فيدان ورئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك التقيا هذا الأسبوع في العاصمة السورية.

كما قال مسؤولون أتراك والمصدر الإقليمي إن هذه الاتصالات تعكس "تحولا في السياسة الروسية"، في وقت تعد فيه موسكو نفسها لصراع طويل الأمد بأوكرانيا، بينما تسعى لتأمين موقعها في سوريا، حيث تدعم قواتها الرئيس بشار الأسد منذ عام 2015.

ومن شأن أي تطبيع في العلاقات بين أنقرة ودمشق أن يغير معالم الحرب في سوريا، المستمرة منذ عشر سنوات.

ويصطدم التقارب بين تركيا والنظام السوري بتعقيدات كثيرة، من بينها مصير مقاتلي المعارضة والملايين من المدنيين، الذين فر الكثير منهم إلى الشمال الغربي هربا من جرائم نظام الأسد.

وتنشر تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، قوات على الأرض في جميع أنحاء المنطقة. ويصف الأسد من جانبه الوجود التركي بأنه "احتلال".

ووفقا لمسؤول تركي كبير ومصدر أمني تركي، حسب الوكالة ذاتها، فقد بحث مملوك مع فيدان، الذي يعد أحد أبرز المقربين من الرئيس التركي، خلال الاجتماعات الأخيرة، "احتمال عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين في نهاية المطاف".

وقال المسؤول التركي "تريد روسيا أن تتجاوز سوريا وتركيا خلافاتهما، وتتوصلا إلى اتفاقات محددة... تصب في مصلحة الجميع، بما في ذلك تركيا وسوريا".

وأضاف أن أحد التحديات الكبيرة يكمن في رغبة تركيا في إشراك المعارضة السورية المسلحة في أي محادثات مع دمشق.

وقال المسؤول الأمني التركي إن "روسيا سحبت تدريجيا بعض مواردها العسكرية من سوريا للتركيز على أوكرانيا، وطلبت من تركيا تطبيع العلاقات مع الأسد لتسريع الحل السياسي بسوريا".

وقال المصدر المتحالف مع دمشق، إن روسيا حثت سوريا على الدخول في محادثات مع أنقرة، في الوقت الذي تسعى فيه موسكو لتأمين موقفها وموقف الأسد إذا اضطرت إلى نقل قوات إلى أوكرانيا.

وأضاف أن الاجتماعات الأخيرة، ومن بينها زيارة قام بها فيدان إلى دمشق استمرت يومين في نهاية أغسطس الماضي، سعت إلى تمهيد الطريق لجلسات على مستوى أعلى.

وذكر المسؤول التركي البارز أن أنقرة لا تريد أن تملأ القوات الإيرانية أو تلك المدعومة من إيران، التي تنتشر بالفعل على نطاق واسع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، الفراغ الذي ستخلفه عمليات الانسحاب الروسية.

وأشار المسؤول الأمني التركي إلى أن روسيا أيضا لا تريد للنفوذ الإيراني أن يتسع، لأن هذا من شأنه أن ينتقص من وجودها.

 وقال دبلوماسي مقيم في المنطقة، إن روسيا سحبت عددا محدودا من القوات من جنوب سوريا في وقت سابق هذا الصيف، لاسيما في المناطق الواقعة على طول الحدود مع إسرائيل، التي شغلتها لاحقا قوات متحالفة مع إيران.
وبينما تحدث فيدان ومملوك بالفعل على نحو متقطع خلال العامين الماضيين، فإن وتيرة وتوقيتات الاجتماعات الأخيرة تشير إلى وجود حاجة ملحة الآن إلى التواصل.

وقال المصدر الإقليمي المتحالف مع دمشق، ومصدر آخر رفيع المستوى موال للأسد في الشرق الأوسط، إن الاتصالات التركية - السورية أحرزت الكثير من التقدم، دون الخوض في تفاصيل.

وقال مصدر إقليمي ثالث متحالف مع دمشق لـ"رويترز" إن العلاقات التركية - السورية بدأت تتحسن وتتقدم إلى مرحلة "تهيئة الأجواء للتفاهم".

وتحدثت المصادر شريطة عدم الكشف عن هويتها، نظرا لحساسية اللقاءات التي لم يتم الكشف عنها علنا.
وأشارت الوكالة إلى أن وزارة الخارجية الروسية لم ترد على الفور على طلب للتعليق، وامتنع جهاز المخابرات التركي عن التعقيب، كما لم تدل الخارجية بتعليق على الفور. كذلك لم ترد وزارة الإعلام السورية على الفور على أسئلة عبر البريد الإلكتروني من رويترز.

وبدا التقارب التركي - السوري في حكم المستحيل في المراحل المبكرة من الصراع السوري، الذي خرج من رحم انتفاضة ضد الأسد في عام 2011، وأسفر عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص واجتذب تدخلات من العديد من القوى الأجنبية وقسم البلاد إلى مناطق متشرذمة.

ووصف أردوغان الأسد بأنه إرهابي، وقال إنه لا يمكن للسلام أن يتحقق في سوريا وهو على مقعد الرئاسة، بينما وصف الرئيس السوري نظيره التركي بأنه لص "لسرقته" الأراضي السورية. لكن في تغير واضح في لهجته الشهر الماضي، قال أردوغان إنه لا يمكنه استبعاد الحوار والدبلوماسية مع سوريا في المطلق.

ويواجه أردوغان انتخابات محتدمة العام المقبل، والتي ستتمثل ملفاتها الساخنة في طريقة إعادة البعض من اللاجئين السوريين في تركيا، والذين وصل عددهم الآن إلى 3.7 مليون.

وتأتي الاتصالات التركية - السورية أيضا على خلفية سلسلة من الاجتماعات بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من بينها اجتماع مقرر اليوم الجمعة في أوزبكستان.

وفي يوليو، ساعدت تركيا في إبرام اتفاق تدعمه الأمم المتحدة لرفع الحصار عن صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود، والذي كان قائما منذ غزو روسيا لجارتها في الرابع والعشرين من فبراير.

وبعد زيارة أخيرة لموسكو، قال أردوغان إن بوتين اقترح على تركيا التعاون مع دمشق على طول حدودهما المشتركة، حيث شنت أنقرة عدة هجمات على المناطق التي تقيم فيها الجماعات الكردية السورية حكما ذاتيا منذ 2011.

وتهدد تركيا بشن هجوم آخر على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تعتبرها أنقرة مصدر تهديد للأمن القومي. وأبدت روسيا معارضتها لمثل هذا التوغل.