أردوغان منفتح على تلبية شروط الأسد لتطبيع العلاقات

كلما زاد برود الرئيس السوري بشار الأسد وتمنعه عن عقد لقاء مع نظيره التركي، زادت حماسة أردوغان وتمسكه بالتوصل إلى تسوية مع دمشق تقود إلى تطبيع العلاقات. وتمثل عودة سوريا إلى محيطها العربي شحنة إضافية لتركيا.
إسطنبول - أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين انفتاحا على تلبية شروط نظيره السوري بشار الأسد لتطبيع العلاقات، فيما قال مراقبون إن أردوغان يعول على دور روسي أكبر في تليين موقف دمشق.
وقال أردوغان إنه منفتح على عقد لقاء مع الرئيس السوري، لكن يرى أن انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية كشرط مسبق لإجراء محادثات “غير مقبول”.
وتركيا أكبر حليف عسكري وسياسي للمعارضة السورية التي تسيطر على آخر معقل للمعارضة في شمال غرب سوريا. وأقامت أنقرة العشرات من القواعد ونشرت الآلاف من الجنود في شمال سوريا، مما حال دون استعادة الجيش السوري المدعوم من روسيا السيطرة على المنطقة.
وقال أردوغان للصحافيين في إسطنبول قبل مغادرته في زيارة تستغرق ثلاثة أيام للسعودية وقطر والإمارات، إن تركيا لم “تغلق الباب” أبدا أمام المحادثات مع الحكومة السورية.
وأضاف “يمكننا عقد قمة رباعية (مع سوريا وروسيا وإيران) وأنا منفتح أيضا على لقاء مع الأسد. ما يهم هنا هو نهجهم تجاهنا”.
رجب طيب أردوغان يراهن على دور روسي أكبر لتليين شروط نظيره السوري بشار الأسد قبل الخوض في التفاصيل
وقال إن شرط دمشق بانسحاب كامل القوات التركية قبل عقد هذا الاجتماع “غير مقبول”.
وقال أردوغان هذا العام لأول مرة إنه ربما يلتقي بالرئيس السوري ضمن عملية سلام جديدة، لكن الأسد قال في مارس إنه لا جدوى من الاجتماع حتى تنهي تركيا “الاحتلال غير الشرعي”.
وأضاف أردوغان “نحارب الإرهاب هناك. كيف يمكننا الانسحاب بينما تتعرض بلادنا لتهديد مستمر من الإرهابيين على حدودنا… نتوقع نهجا عادلا”.
وكان أعلى مستوى للمحادثات بين البلدين عندما التقى وزيرا الدفاع أواخر العام الماضي، ويمتد الخلاف بين حكومتيهما منذ 2011 عندما وصلت انتفاضات الربيع العربي إلى سوريا وأغرقت البلاد في الحرب.
والتقى وزيرا خارجية البلدين في موسكو في مايو قبل الانتخابات التركية في إطار محادثات أشرفت عليها روسيا.
ويعول أردوغان على دعم روسي لتليين موقف الأسد وانتزاع أقصى ما يمكن من المطالب التركية، لاسيما التوصل إلى صيغة ترضي الطرفين قبل انسحاب القوات التركية من شمال سوريا، وهو المطلب الرئيسي لدمشق.
وتشير تقارير تركية إلى إمكانية توسيع “اتفاقية أضنة” بين تركيا وسوريا كحل يرضي طرفي الأزمة بعد ممارسة روسيا ضغوطا على حليفتها دمشق، أو وضع جدول زمني لإنهاء الوجود التركي في شمال سوريا يتقدم تدريجيا بتقدم أطر المصالحة المحتملة.
ويرجّح محللون أن تمضي أنقرة في توسيع بنود اتفاق “أضنة” لعام 1998 بين الجانبين كاستجابة جزئية لشروط الأسد، وهو ما قد يسهم في تسريع المحادثات السياسية المباشرة بين الطرفين.
وفي العام 1998 وقّع النظام السوري، في فترة حكم الرئيس السابق حافظ الأسد، وأنقرة اتفاقا في مدينة أضنة، جنوبي تركيا، عقب أزمة أدت إلى توتر العلاقات وحشد تركيا جنودها على الحدود السورية بهدف تنفيذ عمل عسكري، إلا أن وساطة شاركت فيها جامعة الدول العربية ومصر حالت دون ذلك.
ونصّت الاتفاقية آنذاك على تعاون سوريا التام مع تركيا في مكافحة الإرهاب عبر الحدود، وإنهاء دمشق جميع أشكال دعمها لحزب “العمال الكردستاني”، وإخراج زعيمه عبدالله أوجلان من ترابها، وإغلاق معسكراته في سوريا ولبنان ومنع تسلل مقاتليه إلى تركيا.
كما تضمّنت حق تركيا في الاحتفاظ بحقها في ممارسة الدفاع عن النفس وفي المطالبة بتعويض عادل عن خسائرها في الأرواح والممتلكات، إذا لم توقف سوريا دعمها لحزب “العمال الكردستاني” فورا.
وكذلك نصت على إعطاء أنقرة حق ملاحقة الإرهابيين في الداخل السوري حتى عمق خمسة كيلومترات، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة إذا تعرض أمنها القومي للخطر.
ويسود الاعتقاد بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن يفكر سوى في مصالح بلاده خلال الاتفاق مع دمشق، وأنه يمكن أن يجبر المعارضة السورية على القبول بصفقة قد تجعلها في مواجهة مباشرة مع نظام بشار الأسد دون ضمانات ودون أيّ اتفاق تفصيلي بشأن إدماج المعارضة في المرحلة القادمة في سوريا، ودون معرفة ما إذا كانت عودتها ستتم ضمن مصالحة سورية – سورية أم سيتم التعامل معها وفق الخيار الأمني، ما يمكّن الأسد من فرصة كبيرة لتصفية خصومه.
ولسوريا ثلاثة مطالب أساسية لتطبيع العلاقات مع تركيا، أهما الشق الأمني. وتريد دمشق تعريفا مشتركا للإرهاب يتخطى الحركات الكردية إلى أكبر عدد ممكن من فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، وكان لها ما أرادت في المداولات داخل الاجتماع الثلاثي الأخير في موسكو، لكن الصيغة التي أقرت، جاءت عمومية، لم تحدد أسماء الفصائل وهوياتها.
وثانيا تريد دمشق أن توقف تركيا كافة أشكال الدعم والتسهيلات التي تمنحها لفصائل معارضة محسوبة عليها، وأخرى جهادية في إدلب، وسط قناعة سورية راسخة بأن وقف الدعم والتسهيلات التركية لهذه الفصائل سيفضي إلى القضاء عليها.
وسوريا تريد ثالثا انسحابا تركيا من المناطق التي دخلتها الجيوش التركية في قواطع عملياتها الأربع، وفي أقل تقدير، إقرار جدول زمني ملزم لإتمام ذلك الانسحاب.
ومنذ العام 2016، إثر ثلاث عمليات عسكرية ضد المقاتلين الأكراد، باتت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها تسيطر على منطقة حدودية واسعة في شمال سوريا.
وقدمت تركيا على مر السنوات الماضية دعما للمعارضة السياسية والفصائل المقاتلة في سوريا.