أردوغان في القاهرة لترسيخ المصالحة بعد عقد من القطيعة

القاهرة - وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة اليوم الأربعاء في أول زيارة لمصر منذ عام 2012 يجتمع خلالها مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، في خطوة كبيرة نحو إعادة بناء العلاقات بين القوتين الإقليميتين.
وكان السيسي وقرينته في استقبال الرئيس التركي وقرينته في المطار وتبادلا أطراف الحديث.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية أنه سيتم عقد مباحثات موسعة بين الرئيسين بشأن العديد من الملفات والتحديات الإقليمية، خاصة وقف إطلاق النار في غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع.
وقال أردوغان الاثنين إن المباحثات ستركز على الحملة الإسرائيلية في قطاع غزة. ومن المقرر أن يعقد الرئيسان مؤتمرا صحفيا في وقت لاحق.
وأضاف أن أنقرة تفعل "كل ما في وسعها لوقف إراقة الدماء"، بينما قُتل أكثر من 28 ألف فلسطيني غالبيتهم من المدنيين بحسب حكومة حماس، في الهجوم الذي تشنه إسرائيل ردا على هجوم الحركة على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر.
وأدى هجوم حماس غير المسبوق إلى مقتل أكثر من 1160 شخصا في الجانب الإسرائيلي غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وأظهرت لقطات تلفزيونية استقبال السيسي وقرينته لأردوغان وقرينته في المطار حيث تبادل الرئيسان أطراف الحديث بينما كانا يسيران على السجادة الحمراء.
ووفقا لمسودة لبرنامج الزيارة فمن المقرر أن يجري السيسي وأردوغان محادثات ثنائية قبل اجتماع بين وفدي البلدين، ومن المقرر إقامة مأدبة عشاء رسمية.
وسعى أردوغان إلى تهدئة التوترات مع مصر والإمارات والسعودية وإسرائيل منذ عام 2021، على الرغم من المصادمات العلنية له منذ أكتوبر تشرين الأول مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأجرت مصر وإسرائيل وقطر والولايات المتحدة محادثات لم تسفر عن نتائج الثلاثاء بحثا عن اتفاق هدنة في غزة. وتؤكد القاهرة أنها لن تسمح بنزوح جماعي للاجئين من غزة عبر الحدود.
وكانت الرئاسة التركية، قد أعلنت الأحد، أن أردوغان سيبحث في القاهرة الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحسين العلاقات الثنائية وتنشيط آليات التعاون الثنائي رفيعة المستوى، بالإضافة إلى مناقشة القضايا العالمية والإقليمية الراهنة، خاصة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
وتنطوي الزيارة على أهمية كبرى كونها أول زيارة رسمية على مستوى الرؤساء منذ نحو 11 عاما، إذ كانت آخر زيارة لرئيس تركي إلى مصر هي تلك التي أجراها الرئيس السابق عبدالله غول في فبراير عام 2013.
وتعود آخر زيارة لأردوغان إلى القاهرة إلى نوفمبر 2012، عندما كان رئيسا للوزراء، للقاء الرئيس آنذاك، محمد مرسي.
واستدعى البلدان سفيريهما بعد تولي عبدالفتاح السيسي الحكم في العام 2013 إثر إطاحته الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي كانت أنقرة من أبرز داعميه.
الا أن الرئيسين استأنفا التواصل في الأشهر الماضية، اذ تصافحا في نوفمبر 2022 على هامش كأس العالم لكرة القدم في قطر. وفي نوفمبر الماضي التقيا على هامش القمة العربية والإسلامية في المملكة العربية السعودية.
وفي فبراير 2023، تواصل أردوغان والسيسي هاتفيا بعيد زلزال مدمّر ضرب تركيا وسوريا وأودى بعشرات الآلاف.
في سبتمبر تحدث المسؤولان للمرة الأولى وجها لوجه على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي.
وبعد رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة وتبادل السفراء، تردد أن السيسي سيزور تركيا في يوليو 2023، غير أن الرئيس المصري لم يقم بتلك الزيارة.
ورفعت وزارتا الخارجية المصرية والتركية العام الماضي التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى مستوى السفراء لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بعد انقطاعها منذ عام 2013.
وأعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مطلع فبراير موافقة بلاده على تزويد القاهرة بمسيّرات قتالية. وجاء هذا الإعلان بعد يومين من اجتماعٍ بين وزير الإنتاج الحربي المصري ونظيره التركي لبحث التعاون في مجال الإنتاج المشترك للذخائر.
وتعد طائرة بيرقدار التركية من أفضل الطائرات المسيرة في العالم من حيث الاستخدامات المتعددة، بقدرتها على التحليق بحمولة تصل إلى 650 كيلوغراما ومدى يصل إلى 150 كيلومترا وبسرعة تصل إلى 70 عقدة (130 كيلومترا في الساعة)، فضلا عن قدرة على الطيران دون توقف لمدة تصل لأكثر من 24 ساعة.
ورغم استمرار الأزمة السياسية لفترة طويلة - تدعم مصر وتركيا حكومتين متنافستين في ليبيا - بقيت العلاقات التجارية جيدة، فأنقرة هي الشريك التجاري الخامس للقاهرة.
وكانت وكالة "بلومبيرغ" قد أشارت، قبل أيام، إلى أن الرئيس التركي يعمل على إعادة بناء العلاقات مع مصر والقوى العربية الأخرى كجزء من إعادة تنظيم أوسع للمنطقة، منذ دخول الرئيس الأميركي جو بايدن البيت الأبيض، الذي تعتبر الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة اختباراً له.
وبحسب "بلومبيرغ"، يتوقع أن تركز المحادثات بين أردوغان والسيسي، على شحنات المساعدات للفلسطينيين في غزة، والخطوات التي يمكن اتخاذها لإنهاء الحرب.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، قولهم إن المناقشات ستشمل كذلك تعزيز التجارة وتحديد الحدود البحرية لتمكين تركيا من الوصول إلى المزيد من موارد الطاقة في البحر الأبيض المتوسط.