أردوغان الغارق في مستنقع سوريا وليبيا يستنجد ببوتين

أنقرة - يدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن التورط في أزمات سوريا وليبيا سينجر عنه تداعيات لن تكون في صالح بلاده وسط الركود الاقتصادي الذي تعاني منه والذي قد يتفاقم بسبب السياسة الخارجية التركية.
ويعمل أردوغان على تعزيز التقارب مع روسيا رغم الاختلاف في العديد من الملفات السياسية الهامة وعلى رأسها الشأن الليبي خاصة وأن روسيا تدعم الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
ويسعى الرئيس التركي لتعزيز نفوذ بلاده شرق البحر المتوسط عبر دعم ميليشيات إسلامية متطرفة تسيطر على العاصمة طرابلس، التي يسعى الجيش الليبي إلى تحريرها من تلك الميليشيات واستعادة الدولة الليبية.
واستقبل أردوغان الأربعاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين لتدشين خط أنابيب غاز جديد ومناقشة النزاع في كل من ليبيا وسوريا.
ودشن الطرفان رسميا خط الأنابيب ترك ستريم الذي سينقل الغاز الطبيعي الروسي إلى جنوب أوروبا عبر تركيا، وذلك في إطار مساعي موسكو لتقليص حجم الشحن عبر أوكرانيا.
ويعزز مشروع خط الأنابيب، الذي يمتد بطول 930 كيلومترا عبر البحر الأسود، الروابط القوية أصلا في مجال الطاقة بين موسكو وأنقرة اللتين زادتا أيضا التعاون الدفاعي بعد أن اشترت تركيا أنظمة صواريخ دفاعية روسية متقدمة العام الماضي.
وقال بوتين خلال مراسم الافتتاح إن خط الأنابيب مؤشر على "التفاعل والتعاون من أجل مصلحة شعبينا وشعوب أوروبا بأسرها والعالم أجمع".
وأشار إلى أن هناك ميولا لتصعيد التوتر في المنطقة، بينما أنقرة وموسكو تسعيان لخفض تلك التوترات.
وأوضح أن التعاون بين بلاده وتركيا، يتطور في كافة المجالات رغم محاولات العرقلة. وأكّد أن هناك ميول لتصعيد التوتر في المنطقة، بينما تركيا وروسيا تسعيان لخفض تلك التوترات.
ولفت الرئيس الروسي إلى نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا، سيؤثر على كامل الاقتصاد الأوروبي.
و"السيل التركي" مشروع لمد أنبوبين لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى تركيا وأوروبا مرورا بالبحر الأسود. ومن المقرر أن يغذي الأنبوب الأول من المشروع تركيا، والثاني دول شرقي وجنوبي أوروبا.
ووصف أردوغان المشروع بأن له "أهمية تاريخية"، مضيفا أن 15.75 مليار متر مكعب من الغاز ستصبح متاحة لتركيا عبر هذا الخط.

وقال في معرض الإشادة بالعلاقات بين البلدين، "لم نسمح لآرائنا المختلفة بتعطيل مصلحتنا المشتركة".
وقالت بلغار-ترانس-غاز الأحد إن روسيا بدأت بالفعل تسليم الغاز إلى أوروبا عبر خط الأنابيب. والمرفأ الخاص بخط الأنابيب قريب من قرية كيكوي التي تبعد حوالي عشرين كيلومترا عن الحدود مع بلغاريا.
وتضاعف روسيا أيضا طاقة خط الأنابيب نورد ستريم الذي يمر عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا في إطار خطط لتجنب المرور عبر أراضي أوكرانيا، التي تقع على ممر الشحنات الرئيسي إلى أوروبا حاليا.
ووصل بوتين تركيا في ساعة متأخرة الثلاثاء بعد زيارة مفاجئة إلى دمشق وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط على خلفية اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال الإيراني قاسم سليماني في ضربة أميركية في العراق.
وسيسعى الزعيم الروسي إلى تعزيز دوره كلاعب إقليمي في المنطقة، في الافتتاح الرمزي لخط توركستريم، الذي ينقل الغاز الروسي إلى تركيا وجنوب أوروبا عبر البحر الأسود.
ويسمح خطا أنابيب توركستريم ونوردستريم اللذان يمران تحت بحر البلطيق لروسيا بزيادة إمداداتها من الغاز إلى أوروبا بالالتفاف على أوكرانيا.
غير أن هيمنة موسكو المتزايدة على أسواق الغاز الأوروبية أقلقت الولايات المتحدة التي فرضت الشهر الماضي عقوبات على شركات مرتبطة بمشروعي توركستريم ونورد ستريم-2 الذي يقترب من الإنجاز.
وتعكس مراسم التدشين التحسن الكبير في العلاقات بين روسيا وتركيا اللتان كانتا على شفير حرب قبل أقل من خمس سنوات بعد أن أسقطت تركيا طائرة روسية.
والأسبوع الماضي أرسلت تركيا طلائع جنودها للمساعدة في الدفاع عن حكومة الوفاق والتي تواجه هجوما من قوات المشير خليفة حفتر.
ورأت ماريانا بيلينكايا من معهد كارنيغي للأبحاث في موسكو أن الدولتين "ستحاولان على الأرجح تقاسم العبء الليبي".
ولا تزال سوريا تمثل برميل بارود محتمل لعلاقة إردوغان وبوتين.
وقد صعدت القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا عمليات القصف التي استهدفت آخر معاقل المسلحين في محافظة إدلب في الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى نزوح آلاف الأشخاص باتجاه الحدود التركية.
ودعا إردوغان إلى وقف لإطلاق النار في إدلب في أعقاب هدنتين مؤقتتين تم التوصل إليهما مع روسيا في أواخر 2018 وآب/اغسطس العام الماضي.
وقال يوري بارمين مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مجموعة "موسكو بوليسي" للأبحاث إن "مطالب روسيا بسيطة جدا" مضيفا "على تركيا بذل مزيد من الجهود للقضاء على الخلايا الإرهابية في إدلب. ستدور النقاشات حول هذه الفكرة".
وما سهل من تحسن العلاقات بين الدولتين عدد من الاتفاقات الكبيرة في مجالي الطاقة والدفاع تقوم روسيا ببناء أول منشأة نووية لتركيا وزودتها بمنظومة دفاع صاروخي.
وحظي بوتين برضى في تركيا بعد دعمه السريع لإردوغان في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016.
ونسج الرئيسان "علاقة شخصية قوية" وفق جنى جبور المتخصصة بالشؤون التركية في جامعة العلوم السياسية في باريس (سيانس بو) التي تضيف أن "خططهما المتعلقة بالاقتصاد والطاقة مترابطة".
ويتضمن مشروع توركستريم الذي تم تعليق العمل عليه مؤقتا خلال فترة فتور في العلاقات الروسية التركية، خطي أنابيب متوازيين يمتدان لأكثر من 900 كلم.
ويربط الخط كذلك بلدة أنابا في روسيا بكييكوي في شمال شرق تركيا، وبدأ بالفعل عمليات التسليم لبلغاريا. ويجري مده باتجاه صربيا والمجر والنمسا.