أربعة صواريخ نحو المنطقة الخضراء في يوم ثان من التوتر ببغداد

بغداد – على الرغم من الهدوء النسبي الذي شهدته العاصمة العراقية ليل الأربعاء بعد نهار عاصف، فقد أعلنت الشرطة الخميس أن أربعة صواريخ أطلقت من شرق بغداد وسقطت بالقرب من المنطقة الخضراء شديدة التحصين، والتي تضم مباني حكومية وبعثات أجنبية، مع اشتداد الاضطرابات السياسية.
وقال ضابطا شرطة إنه لم ترد أنباء بعد عن وقوع إصابات، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها، علما وأنه يوجد أنصار ومكاتب لعدد من الفصائل الشيعية المسلحة في شرق بغداد.
وشهدت المنطقة الخضراء هجمات متكررة خلال السنوات الماضية، إلا أنها كانت عادة موجهة ضد أهداف غربية وتشنها فصائل مدعومة من إيران.
وخلال الأشهر الماضية، أصبحت هذه الهجمات أمرا نادرا، لكن القصف الذي وقع الخميس يأتي بعد أن تسبب هجوم مماثل الأربعاء في إصابة سبعة من أفراد قوات الأمن العراقية في المنطقة الخضراء، ويبدو أنه يضيف بعدا جديدا للتنافس بين السياسيين المتعطشين للسلطة.
وشهدت العاصمة العراقية الأربعاء توترا حادا بعد أن نزل الآلاف من المتظاهرين من أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الساحات، بالتزامن مع انعقاد جلسة للبرلمان لبحث استقالة محمد الحلبوسي، وأدت الاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين إلى إصابة 133 شخصا.
ولم تتبنَّ أي جهة بعد هذه الضربات. وطلب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بيان "متابعة مرتكبي جريمة القصف الصاروخي للمنطقة الخضراء وإلقاء القبض عليهم".
واعتبر الكاظمي أن "الوضع الأمني الحالي يمثّل انعكاسا للوضع السياسي"، مجددا "الدعوة إلى الحوار بين كل القوى المتصدية للشأن السياسي للخروج من الأزمة الحالية".
وسارع التيار الصدري على لسان القيادي صالح محمد العراقي المقرب من مقتدى الصدر، بالنأي عن نفسه منددا بالقصف، واتهم أطرافا من بينها جهات تريد النيل من "الإصلاح" بالوقوف خلف ذلك، فيما يبدو إشارة إلى خصوم التيار في الإطار التنسيقي.
وكتب صالح عبر حسابه على تويتر "نرفض رفضا قاطعا استعمال العنف والسلاح الذي قامت به جهات مجهولة، وذلك بقصف المنطقة الخضراء، تريد من خلاله إيقاع الفتنة".
وتأتي تلك التطورات فيما يشهد العراق أزمة سياسية تبقيه من دون حكومة منذ عام تقريبا، بعد انتخابات جرت في العاشر من أكتوبر الماضي.
وتتركز الأزمة على نطاق واسع بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وبين الإطار التنسيقي، وهو تحالف يضم فصائل شيعية موالية لإيران يسعى إلى تشكيل حكومة قبل إجراء أي انتخابات، ويتمسّك بمرشحه محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء حتى الآن.
وسحب الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات الأخيرة، جميع نوابه من البرلمان في يونيو (73 نائبا)، وأقسم على عدم السماح بانعقاد البرلمان خشية قيام أحزاب أخرى بتشكيل حكومة من دونه.
وتحول الخلاف السياسي إلى اشتباكات في الشوارع أسفرت عن مقتل 30 شخصا من مناصري التيار الصدري في وسط بغداد في أغسطس. ويخشى الكثير من العراقيين من تكرار الأمر نفسه مرة أخرى.
ومن المقرر أن تجري تظاهرات السبت في العاصمة في الذكرى الثالثة للاحتجاجات الشعبية في العام 2019، ضدّ الطبقة السياسية والفساد المزمن في بلد غني بالنفط.