أرباح أرامكو تكسر توقعات خفوت فورة مبيعات النفط وأسعاره

فاجأ عملاق النفط السعودي أرامكو المحللين بجني أرباح فصلية أعلى من المتوقع على الرغم من أنها أقل بما تم تحقيقه قبل عام لتفرض الشركة مجددا تفوقها على منافسيها، وسط تمسك المسؤولين بزيادة الإنفاق الرأسمالي في المشاريع الاستثمارية الجديدة.
الرياض - حافظت أرامكو السعودية، أكبر شركة طاقة في العالم، على تفوقها على منافسيها في جني الأرباح، حيث أعلنت الثلاثاء عن نتائج الربع الثالث من العام الحالي، التي فاقت توقعات المحللين رغم خفوت فورة مبيعات وأسعار النفط.
وتراجعت أرباح الشركة بنحو 23.2 في المئة خلال الفترة بين يوليو وسبتمبر إلى 122.2 مليار ريال (32.6 مليار دولار) بمقارنة سنوية، لكنها مع ذلك جاءت أعلى من التوقعات التي أشارت إلى تحقيق أرباح فصلية بقيمة 29.7 مليار دولار.
وأتى ذلك، بعد انخفاض صافي الربح بنسبة 19.25 في المئة في الربع الأول و38 في المئة في الربع الثاني مقارنة بالعام الماضي.
ودفع الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 أسعار النفط إلى الارتفاع بشكل كبير، حيث بلغت عند ذروتها أكثر من 130 دولارا للبرميل.
وأدى ذلك إلى تحقيق أرامكو أرباحا قياسية بلغت 161.1 مليار دولار، ما منح السعودية أول فائض في الميزانية السنوية منذ ما يقارب العشر سنوات.
وعللت الشركة تراجع أرباحها في إفصاح للبورصة المحلية قائلة إنه “يعكس بشكل رئيسي تأثير انخفاض أسعار النفط الخام والكميات المبيعة”.
وأشارت إلى أن ذلك قابله جزئيا انخفاض الريع على إنتاج الخام، مدفوعا بشكل أساسي بانخفاض متوسط معدل الريع الفعلي وانخفاض أسعار النفط الخام والكميات المبيعة، وانخفاض ضرائب الدخل والزكاة.
وانخفضت الإيرادات الفصلية للشركة بنسبة 22 في المئة إلى 113 مليار دولار مقارنة مع نحو 145 مليار دولار في الربع السابق، وهي أيضا أعلى من متوسط توقعات المحللين عند 111.2 مليار دولار.
وبسبب هذه النتائج قلصت أسهم الشركة، التي ارتفعت نحو 15 في المئة هذا العام، مكاسبها إلى 0.3 في المئة عند 33.55 ريالا.
وأعلنت شركتا شيفرون وإكسون موبيل الشهر الماضي انخفاضات حادة في أرباح الربع الثالث على أساس سنوي في ظل تراجع أسعار الطاقة.
وأكدت الشركة في إفصاحها أنها دفعت 14.7 مليار دولار كإتاوات وضرائب أخرى، انخفاضا من 24.3 مليار دولار في العام السابق.
وأعلنت عن توزيع أرباح أساسية بقيمة 19.5 مليار دولار للربع الثالث يتم دفعها بغض النظر عن الأداء.
ووافقت الشركة على التوزيع الثاني لأرباحها المرتبطة بالأداء بدفع 9.87 مليار دولار في الربع الرابع، بناء على عام 2022 والأشهر التسعة الأولى من عام 2023.
وأصبحت هذه التوزيعات أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع مضي البلد قدما في مشاريع مكلفة مثل مدينة نيوم والاستثمار الرياضي، وغيرهما.
32.6
مليار دولار أرباح الربع الثالث من عام 2023 بتراجع قدره 32.2 في المئة بمقارنة سنوية
وبلغ إنتاج عملاق النفط السعودي من المنتجات الهيدروكربونية خلال الربع الثالث، 12.8 مليون برميل مكافئ نفطي يوميا، “بفضل استمرار الشركة في تنفيذ أعمالها بموثوقية وكفاءة عالية”.
وأشارت الشركة إلى أنها حققت تقدما إستراتيجيا على صعيد التوسع في الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة لتبلغ 13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027، من خلال مواصلة أعمال الهندسة والشراء والإنشاء المتعلقة.
وفي الوقت الذي يُرجّح فيه أن يحقق الطلب على الطاقة نموا على المدى المتوسط إلى البعيد، تواصل أرامكو الاستثمار في مجموعة أعمالها المتكاملة عبر البرنامج الرأسمالي الأكبر في تاريخها، ما يعكس عزمها على تلبية الطلب المتزايد “عبر اغتنام فرص فريدة”.
وبحسب البيانات، فقد ارتفع الإنفاق الرأسمالي للشركة في الربع الثالث إلى نحو 11 مليار دولار من 9 مليارات دولار في العام السابق.
وأكدت السعودية، القائد الفعلي لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، أنها ستواصل خفض إنتاجها الطوعي بمقدار مليون برميل يوميا حتى نهاية العام وإنها ستراجع القرار مرة أخرى الشهر المقبل.
وأضر الخفض الطوعي لإنتاج النفط الذي أقرته السعودية، بأرباح أرامكو الفصلية، حيث يحافظ العضو البارز في تحالف أوبك+ على إنتاجه عند 9 ملايين برميل يوميا، أي أقل بنحو مليون برميل يوميا من المتوسط خلال العقد الماضي.
ومن المتوقع أن تظل المستويات ثابتة حتى نهاية العام الجاري على الأقل، وفق تعهدات الرياض بشأن الإنتاج، وذلك في إطار جهودها للمحافظة على استقرار سوق النفط العالمية.

وقالت شركة جدوى للاستثمار ومقرها في الرياض، في تقرير صدر في أواخر أكتوبر الماضي، إن “الأسعار تقدر هذا العام بنحو 85 دولارا للبرميل”.
ويقول محللون إن البلاد تحتاج إلى تسعير النفط عند حوالي 80 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، رغم أن ذلك قد لا يحدث بسبب خفض الإنتاج وزيادة الإنفاق.
وذكرت جدوى أن “المتداولين يشعرون بالقلق من احتمال اشتداد العنف وانتشاره، مع احتمال انخراط دول فيه ويهدد إمدادات النفط”.
وأضافت “نعتقد أن هذه المخاوف مبالغ فيها، لكننا نرى أن سوء التقدير أو تجاوز الخطوط من قبل واحد أو أكثر من الأطراف المعنية يمكن أن يؤدي إلى انهيار الاحتواء بسرعة كبيرة”.
وقال هيرمان وانغ، المدير المساعد لأخبار النفط في شركة “أس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايت” لفرانس برس إنّ كيفية تأثير الحرب بين إسرائيل وحماس على الإنتاج السعودي تبقى “سؤالا رئيسيا”.
وأضاف “قبل الحرب بين إسرائيل وحماس، كانت كل الإشارات الصادرة من الرياض بشأن السياسة النفطية متعلقة بالتحلي بالحذر والانضباط في تخفيضات الإنتاج، للحفاظ على هذه الأسعار عند مستوى معين، فيما آفاق الطلب في الربع الأول أقل إيجابية”.
وتابع “من الواضح أن هذا الأمر سيستمر في تقييد إنتاج أرامكو والحد من صادراتها ورأينا تأثير ذلك على أحدث أرقام الناتج المحلي الإجمالي، والتي أظهرت انكماشا على أساس سنوي”.
ورغم التقلبات ترجح أرامكو أن يزيد الطلب على الطاقة على المدى المتوسط إلى الطويل، مضيفة أنها “تستثمر في محفظتها المتنامية والمتكاملة من خلال أكبر برنامج رأسمالي في تاريخها”.
والأسبوع الماضي، أعلنت الهيئة العامة للإحصاء تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.5 في المئة في الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، مع تراجع الأنشطة النفطية 17.3 في المئة ونمو الأنشطة غير النفطية 3.6 في المئة.