أرامكو تنقل استثمارات صناعة التكرير إلى آفاق جديدة

نقلت السعودية استثمارات صناعة التكرير إلى آفاق أوسع بتدشينها أحد أضخم مشروع لها في كوريا الجنوبية، حيث من المتوقع أن يعزز طموحاتها وموقعها وخارطة الخدمات التي يمكن تقديمها لزيادة القدرة التنافسية محليا وعالميا لتلبية الطلب المتنامي على المشتقات النفطية.
سيول - قطع مشروع شاهين الذي ستطوره أرامكو في كوريا الجنوبية خطوته الأولى بإطلاق أعمال تطويره، بما يدعم شبكة المصافي التي تستثمر فيها الشركة السعودية العملاقة.
ويأتي تدشين المشروع البالغة قيمته 7 مليارات دولار والذي ستنفذه أرامكو بالشراكة مع شركة أس أويل الكورية ترجمة للاتفاقات المبرمة بين الرياض وسيول خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى كوريا في نوفمبر الماضي.
ويعد هذا أكبر مشروع من حيث حجم الاستثمار الأجنبي بالبلد الآسيوي. ونقلت وكالة يونهاب الكورية عن أس أويل قولها في بيان إنها “أقامت حفل وضع حجر الأساس لمشروع شاهين في مصنعها في مدينة أولسان الجنوبية الشرقية”.
وقال حسين القحطاني الرئيس التنفيذي لشركة أس أويل، التي تملك فيها أرامكو حصة مسيطرة بنحو 63 في المئة بمناسبة التدشين الخميس الماضي “خطونا الخطوة الأولى في رحلة طويلة مع الاعتقاد بأن الوقت الحالي هو أفضل وقت للاستثمار في الاستعداد للمستقبل”.
وأضاف أن “مشروع شاهين سيعمل على تعزيز جهودنا لدفع النمو المبتكر عبر سلسلة القيمة التجارية، بالإضافة إلى توسيع محفظة أعمالنا إلى البتروكيماويات”.
ومن المقرر أن يستكمل المشروع لبناء المنشآت في مجمع أولسان الصناعي في أولسان، بحلول يونيو 2026، وستبلغ طاقته الإنتاجية 3.2 مليون طن سنويا، إلى جانب منشأة لإنتاج بوليمرات عالية القيمة.
وستقوم وحدة التكسير البخاري بمعالجة المنتجات الثانوية الناتجة عن معالجة النفط الخام بما في ذلك النفتا والغازات الثانوية لتصنيع الإيثيلين، كما ستنتج البروبيلين والبوتادين والمواد الكيميائية الأساسية الأخرى.
ومن المتوقع أن يلعب مشروع شاهين دورا محوريا في تنويع أعمال شركة أس أويل التي تركز على زيت الوقود، حيث سترتفع حصة البتروكيماوية من 12 في المئة حاليا إلى 25 في المئة في محفظة الأعمال للشركة عند استكمال المشروع.
ويُعد هذا المشروع جزءا رئيسا من إستراتيجية أرامكو السعودية لتحويل النفط الخام إلى كيماويات، وهي إستراتيجية لها تأثير إيجابي في الاستدامة وخفض انبعاثات الكربون.
وقطاع البتروكيماويات، الذي ينتج باستخدام النفط والغاز كمواد خام، هو العمود الفقري لقطاع الصناعات التحويلية في البلد العضو البارز في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).
وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر إن “مشروع شاهين أحد أكبر استثمارات أرامكو على المستوى الدولي في مجال التكرير والكيميائيات والتسويق”.
وأضاف “المشروع يمثّل خطوة كبيرة ومهمة للمُضي قدما في توسُّع أعمالنا لتحويل السوائل إلى كيميائيات، كما أنه يمثّل علامة فارقة أخرى في تعزيز حضورنا بجمهورية كوريا”.
3.2
مليون طن سنويا طاقة المنشأة التي ستقام في مدينة أولسان عندما تبدأ الإنتاج في 2026
وكان الناصر قد قال في نوفمبر الماضي إن نمو الطلب العالمي على البتروكيماويات “من المتوقع أن يتسارع مدفوعا جزئيا بارتفاع الاستهلاك من الاقتصادات الناشئة في آسيا”. وأضاف “المشروع في وضع جيد لتلبية الطلب المتزايد من الصناعات الآسيوية”.
وترجح تقارير دولية أن تواصل السعودية استثماراتها في قطاع التكرير والبتروكيماويات كوسيلة للتحوط في مواجهة التقنيات التكنولوجية الجديدة، مثل الطاقة الشمسية رخيصة الثمن، والتي قد تؤدي إلى تراجع الطلب على النفط والغاز.
وفي ديسمبر الماضي أعلنت توتال إنرجيز أنها ستتعاون مع أرامكو من أجل تشييد مجمع بتروكيماويات جديد بالقرب من مدينة جدة غرب السعودية.
وأكدت الشركة الفرنسية أن المشروع يشمل استثمار نحو 11 مليار دولار، منها أربعة مليارات دولار سيتم تمويلها من خلال مساهمة من أرامكو بنسبة 62.5 في المئة وتوتال إنرجيز بنسبة 37.5 في المئة.
وسيكون مجمع أميرال المزمع بناؤه خاضعا من حيث الملكية والتشغيل للشركتين. وسيتم دمجه مع مصفاة شركة توتال للتكرير والبتروكيماويات (ساتورب) في الجبيل على الساحل الشرقي للمملكة.
من المقرر أن يستكمل المشروع لبناء المنشآت في مجمع أولسان الصناعي في أولسان، بحلول يونيو 2026
ومن المتوقع أن يوفر المجمع، الذي يشتمل على وحدة تكسير مختلطة اللقيم لديها القدرة لإنتاج 1.65 مليون طن من الإيثيلين سنويا، وهي الأولى في المنطقة التي يتم دمجها مع مصفاة، سبعة آلاف فرصة عمل محلية.
وستمكّن منشأة البتروكيماويات مصفاة ساتورب من تحويل الغازات المنبعثة من المصفاة والنفتا، وكذلك الإيثان والبنزين الطبيعي الذي توفره أرامكو، إلى مواد كيميائية عالية القيمة.
وتواجه السعودية كغيرها من دول الخليج العربي تحديات من أجل زيادة طاقة الإنتاج للإيفاء بالطلب الأوروبي وفق حصة من المرجح أن تكبر مع مرور الوقت ما دام النزاع في شرق أوروبا قائما لفترة أطول.
ولدى أكبر منتج للنفط الخام في العالم مصفاة تديرها أرامكو في مدينة جازان جنوب غرب البلاد وقد صممت لمعالجة 400 ألف برميل من الخام يوميا وإنتاج وقود يفي بالمواصفات الأوروبية الصارمة للانبعاثات.
ومع ذلك لا تزال المنشأة قيد التطوير، وبينما يتم تصدير بعض المنتجات، فإنه لا يزال يتعين عليه إرسال أي ديزل يلبي هذه المتطلبات إلى أوروبا، وفقا لشركة استشارات الطاقة فورتيكسا.
ويرى محللون أن الطلب على الصناعات البلاستيكية والأسمدة والمعادن من المرجح أن يستمر في النمو خلال هذا العقد بوتيرة أكثر من المتوقع، وهي الصناعات التي تسعى دول الخليج لتطويرها اعتمادا على توافر الطاقة الرخيصة.
وتشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى أن البتروكيماويات ستنقذ قطاع النفط والغاز بسبب تزايد نمو الطلب على الطاقة في الأسواق العالمية.
وذكرت الوكالة في العديد من تقاريرها حتى بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا أن الطلب على منتجات الأسمدة والبلاستيك ومنتجات التجميل سيقود حوالي ربع النمو المتوقع للطلب على النفط تقريبا.
ويقول محللو القطاع إن هذا التحول يمثل تحديا كبيرا لقطاع النفط، في الوقت الذي سيتم فيه إنتاج الكثير من البتروكيماويات باستخدام الغاز، وهو ما سيكون على حساب المصافي.