أرامكو تعزز استراتيجية التوسع بعد جني أرباح قياسية

الرياض- كشفت أرامكو السعودية الأحد بعد الإعلان عن تحقيق أرباح قياسية منذ طرحها العام الأولي قبل أكثر من عامين عن خطط للتوسع في أنشطتها مع زيادة رأس مالها لدعم مكانتها التسويقية وتعزيز قيمتها بين أبرز كيانات العالم.
وبدا الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر أكثر تفاؤلا من أي وقت مضى في ما يتعلق بالمساهمة الإيجابية التي يمكن للشركة تقديمها سواء لزبائنها أو للانتقال العالمي المستمر للطاقة.
وتبدو محفظة أعمال الشركة قوية للغاية وأن التكلفة أقل بكثير من تلك الخاصة بالشركات العالمية المتكاملة وبعض شركات النفط الحكومية، وهي ميزة يقول خبراء ومحللون إنها مهمة في أوقات تقلب أسعار النفط.
◙ ارتفاع أسعار النفط سيدعم أرامكو وسترتفع النفقات الرأسمالية السنوية للشركة إلى ما بين 40 و50 مليار دولار خلال هذا العام
وقال الناصر عقب إعلان نتائج الربع الأول لعام 2022 إنه “وسط تزايد التقلب في الأسواق العالمية، ما زلنا نركز على المساعدة في تلبية الطلب العالمي على الطاقة الذي يمكن الاعتماد عليه وبأسعار معقولة ومستدامة بشكل متزايد”.
وأدّى الانتعاش الاقتصادي القوي الذي سجّل العام الماضي إلى زيادة الطلب على النفط، الأمر الذي أدّى إلى تعافي أسعار الخام من أدنى مستوياتها في 2020.
وأوضح الناصر أن أمن الطاقة أمر حيوي ونحن نستثمر على الأمد الطويل ونعزز قدرتنا على إنتاج النفط والغاز لتلبية الطلب المتوقع. ويأتي ذلك على خليفة جهود الشركة الحثيثة لزيادة الطاقة الإنتاجية للنفط بمقدار مليون برميل من النفط يوميا إلى 13 مليون برميل يوميا بحلول 2027.
ويتم هذا التمشي وفقا لتكليفات الحكومة، إضافة إلى المبادرات الاستراتيجية الأخرى، بما في ذلك إنتاج الغاز والمشاريع الخضراء التي تحرص السلطات على تنفيذها في إطار صداقة البيئة.
وتتسلح أرامكو باستراتيجية تعتمد على التحول إلى الطاقة البديلة حيث أكدت أنها تريد تطوير طاقتها معتمدة على تصدير الهيدروجين بدرجة كبيرة وأن تصبح رائدة على مستوى العالم في جمع وتخزين الكربون.
ومن المتوقع أن يساعد ارتفاع البرميل الذي بلغ في المتوسط 110 دولارات منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا نهاية فبراير الماضي، أرامكو على جني المزيد من الإيرادات وبالتالي تحقيق أرباح أكثر خلال هذا العام.
وأعلنت الشركة أنها حققت زيادة بنسبة 82 في المئة في أرباحها خلال الفترة بين يناير ومارس الماضيين بمقارنة سنوية بفضل ارتفاع أسعار النفط الذي جعلها أغلى شركة في العالم في القيمة السوقية.

أمين الناصر: نستثمر على الأمد الطويل وندعم قدرتنا لتلبية الطلب
ويشكل الإعلان استمرارا للأخبار السارة للاقتصاد السعودي الذي يحقق أسرع معدل نمو منذ عقد بفضل عائدات قطاع النفط. وقالت الشركة في بيان إنها “حققت صافي دخل ربع سنوي بلغ 39.5 مليار دولار مقارنة مع 21.7 مليار دولار على أساس سنوي”.
ويأتي الإعلان عن الأرباح بعد أربعة أيام من إطاحة أرامكو بمجموعة التكنولوجيا الأميركية العملاقة أبل كأغلى شركة في العالم في القيمة إذ بلغت قيمة أسهمها 2.4 تريليون دولار مقابل 2.37 تريلون دولار لأبل.
وأشارت أرامكو إلى أن “الارتفاع جاء مدفوعا في المقام الأول بارتفاع أسعار النفط الخام وأحجام بيعه، وتحسّن هوامش أرباح أعمال التكرير والمعالجة والتسويق”.
ومن المزمع توزيع أرباح بقيمة 18.8 مليار دولار ستدفعها خلال الربع الثاني من هذا العام، فيما قرر مجلس إدارة أرامكو توزيع سهم منحة واحد مقابل كل 10 أسهم مملوكة في الشركة.
واستغل المسؤولون في الشركة هذه الفورة في الأرباح التي جاءت بعد سنوات من الاضطرابات في سوق النفط العالمي لدعم متانة الشركة بالإعلان عن زيادة في رأس مالها.
وقالت أرامكو إن مساهميها وافقوا على زيادة رأسمالها بنسبة 25 في المئة من خلال إصدار أسهم مجانية. وأوضحت أن رأسمالها بعد الزيادة سيكون 20 مليار دولار مقابل 16 مليار دولار قبل الزيادة، مشيرة إلى أن عدد الأسهم سيزداد من 200 مليار سهم إلى 220 مليار سهم.
وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد أكدت في تقرير الشهر الماضي ثقتها في أرامكو وعدلت نظرتها المستقبلية للشركة المملوكة للدولة إلى إيجابية وتم منحه تصنيفا عند درجة أي.
وقال خبراء فيتش حينها إن ارتفاع أسعار النفط سيدعم أرامكو، وسترتفع النفقات الرأسمالية السنوية للشركة إلى ما بين 40 و50 مليار دولار خلال هذا العام ارتفاعا من 32 مليار دولار خلال العام الماضي بارتفاع بنسبة 18 في المئة مقارنة بالعام السابق.
وأنهت أسعار خام برنت الربع الأول من العام الحالي مرتفعة بنسبة 70 في المئة تقريبا إلى 107.91 دولار للبرميل مقارنة بما كانت عليه في نهاية مارس 2021.
وقال يوسف حسيني محلل الأسهم في المجموعة المالية هيرميس لرويترز “توقعاتنا أن برنت سينتهي به الأمر عند مستوى منخفض في النصف الثاني من السنة، ولذا فإننا نتوقع تراجع أرباح أرامكو وأن يكون الربع الثاني هو الذروة”.
ومطلع مايو الجاري، أعلنت السعودية أنها حققت أسرع معدل نمو اقتصادي لها منذ عقد بفضل عائدات قطاع النفط، مسجلة زيادة بنسبة 9.6 في المئة في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من 2021.
◙ 82 في المئة زيادة أرباح الربع الأول من 2022 بعد تحقيق صافي دخل بقيمة 39.4 مليار دولار
ورفضت السعودية، أحد أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، ضغوطا أميركية لزيادة الإنتاج بهدف خفض الأسعار التي ارتفعت بشكل كبير منذ بداية الحرب في أوكرانيا. ويقود البلد الخليجي مع حليفته الاستراتيجية في القطاع روسيا أوبك+ التي تضم مجموعة الدول المصدرة من داخل منظمة أوبك وخارجها ويتحكم بكميات الإنتاج في السوق.
وأعلنت السعودية والإمارات التزامهما بقرارات التحالف، ما يبرز استقلال الرياض وأبوظبي المتزايد عن حليفتهما منذ زمن طويل واشنطن. وتوقع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي أن ينمو إجمالي الناتج المحلي السعودي بنسبة 7.6 في المئة هذا العام، مع ارتفاع أسعار الخام الأسود نتيجة للحرب في أوكرانيا.
ومنذ تسلم الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد في 2017، تنكب السعودية على محاولة تنويع الاقتصاد عبر دعم قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة وغيرها، بهدف وقف الارتهان التاريخي للنفط.
وأدرجت أرامكو في البورصة السعودية في ديسمبر 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29.4 مليار دولار مقابل بيع 1.7 في المئة من أسهمها.
ويقود هذه الجهود صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) الذي تبلغ إجمالي أصوله 480 مليار دولار ويرأسه ولي العهد. وحصل صندوق الثروة في فبراير الماضي على 4 في المئة من أسهم أرامكو تقدّر قيمتها بحوالي 80 مليار دولار، وذلك بهدف دعم عمله من أجل تنويع الاقتصاد السعودي.