أرامكو تسرّع خطوات تنمية ثروات الغاز الصخري

الرياض- دخلت خطط السعودية لإنتاج الغاز الصخري مرحلة جديدة هذا الأسبوع، حينما كشفت مصادر مطلعة على خطط عملاق النفط أرامكو أن الشركة تدرس خطوة جريئة لفتح واحد من أكبر حقول الغاز غير التقليدية في العالم أمام المستثمرين الأجانب.
وتتطلع أرامكو من خلال هذه الخطوة إلى البحث عن شريك استراتيجي من أجل إدارة أعمال الحفر والإنتاج في حقل الجافورة، من خلال جمع تمويلات تقدر بنحو 110 مليارات دولار لتنفيذ المشروع ومساعدتها على التنويع من مبيعات النفط.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى مصادر، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأن المعلومات خاصة، قولها إن أرامكو المملوكة للدولة تعمل مع مستشارين أثناء استكشافها لجمع أسهم أو ديون جديدة لموقعها الواسع في الجافورة في شمال شرق البلاد.
أرامكو فتحت أبوابها بشكل متزايد أمام المستثمرين الأجانب منذ طرحها للاكتتاب العام في عام 2019
وأكدت المصادر أن الشركة بدأت فعليا محادثات أولية مع المستثمرين المحتملين بما في ذلك كبار تجار السلع. وأشارت إلى المناقشات حول المشروع في مراحله الأولى وقد تقرر أرامكو اتباع طرق أخرى لجمع الأموال لتمويل تطوير الجافورة.
ومن شأن أي صفقة تشمل الجافورة أن تمثل مثالا نادرا على السماح لأرامكو للمستثمرين الخارجيين بفرصة امتلاك حصص في أصول النفط والغاز التابعة لها.
وفشلت المحاولات السابقة في أواخر تسعينات القرن الماضي لجلب شركات النفط الكبرى، للمساعدة في تطوير الاحتياطيات من الغاز الصخري.
وحسبما ذكرت المصادر، فقد بدأت الشركة في مراجعة أعمال المنبع في وقت سابق من هذا العام كمقدمة لمثل هذه الخطوة المحتملة، من أجل وضع السعودية التي تحوي احتياطيات من الغاز هي الأكبر في المنطقة العربية بعد قطر، كما تشير إلى ذلك بيانات شركة بي.بي البريطانية، على خارطة صناعة الغاز العالمية.
ويعتبر حقل الجافورة من أولويات الحكومة السعودية، حيث تتطلع إلى تقليل الاعتماد على صادرات النفط الخام. وتشير التقديرات إلى أن الموقع يحتوي على 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
وتتوقع أرامكو أن تبدأ الإنتاج في عام 2024، لتصل إلى حوالي 2.2 مليار قدم مكعبة قياسية يوميا من المبيعات بحلول عام 2036.
ويستهدف برنامج أرامكو لتطوير الموارد غير التقليدية ثلاث مناطق، فإلي جانب حقل الجافورة، تريد الشركة استكشاف مكامن الغاز الصخري في شمال البلاد وأيضا منطقة الربع الخالي.
ولا تملك السعودية احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي الحر، ويأتي معظم إنتاجها من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، في وقت تزداد فيه حاجتها إلى الغاز لإمداد المشاريع الصناعية الجديدة وتزويد محطات توليد الكهرباء.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن السعودية تملك نحو 600 تريليون قدم مكعبة من الغاز الصخري، وهو ما يعادل ضعف احتياطاتها من الغاز التقليدي، لكن تلك الأرقام يمكن أن ترتفع بشكل كبير مع تقدم عمليات الاستكشاف، خاصة في حقل الجافورة.
وتريد السعودية تعزيز استعداداتها للتحولات المستقبلية المتسارعة في قطاع الطاقة، رغم أن محللين يقولون إن إنتاج الغاز الصخري قد ترتفع تكلفته في البلد الخليجي، بسبب ندرة المياه التي يحتاجها في عملية تكسير الصخور.
لكن البعض يرى أن التطورات التكنولوجية تتقدم بسرعة كبيرة وقد تمكنت خلال السنوات الماضية من خفض التكاليف وتحسين كفاءة الاستخراج، وهو ما قد يساعد أرامكو في استراتيجيتها بعيدة المدى.
ومنذ أن تم تأميم شركة أرامكو بالكامل في عام 1980، اقتصرت معظم الاستثمارات الأجنبية في صناعة الطاقة في السعودية على الأصول النهائية مثل المصافي ومصانع البتروكيماويات.
وفي الماضي، أقامت أرامكو مشاريع مشتركة مع شركات، منها شركتا شل وتوتال للتنقيب عن الغاز الطبيعي وحفره داخل حدودها.
وفتحت أرامكو أبوابها بشكل متزايد أمام المستثمرين الأجانب منذ طرحها للاكتتاب العام في عام 2019، للمساعدة في تمويل كل من التزامها بتوزيعات الأرباح البالغة 75 مليار دولار ومتطلبات الإنفاق الرأسمالي الكبيرة.
وأكملت في يونيو الماضي بيع حصة في وحدة تؤجر شبكة من خطوط أنابيب النفط في أنحاء البلاد، وقد جمعت 12.4 مليار دولار. ويجري العمل على صفقة مماثلة لخطوط أنابيب الغاز الخاصة بها.
من شأن أي صفقة تشمل الجافورة أن تمثل مثالا نادرا على السماح لأرامكو للمستثمرين الخارجيين بفرصة امتلاك حصص في أصول النفط والغاز التابعة لها
وفي عهد رئيس مجلس الإدارة ياسر الرميان، الذي يرأس أيضا صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) والمستشار الرئيسي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بدأت أرامكو في تقييم طرق تسييل الأصول.
وقامت الشركة بإعادة تنظيم هيكلة الشركة التي تعد الأكبر عالميا في قطاع النفط والغاز، وأنشأت قسما بقيادة عبدالعزيز القدمي يركز على تحسين محفظتها الاستثمارية وتعزيز الوصول إلى الأسواق النامية.