أرامكو تدرس بيع أصول لتوفير السيولة وتعزيز التوسع العالمي

الرياض – كشف مصدران مطلعان عن أن شركة أرامكو السعودية تدرس احتمال بيع أصول لتوفير السيولة، في ظل سعيها للتوسع دوليا والتغلب على تأثير انخفاض أسعار النفط الخام، وذلك في إطار ضغوط حكومية لتعزيز الربحية وتقليل الاعتماد على النفط.
وتأتي هذه الخطوة في إطار ضغوط حكومية لتعزيز الربحية وتقليل الاعتماد على النفط، مما يُشير إلى تحول كبير في تعامل أكبر شركة منتجة للنفط في العالم مع التحديات الاقتصادية.
تُعد أرامكو السعودية أكبر شركة منتجة للنفط في العالم والمصدر الرئيسي لإيرادات المملكة. ومع تأثر دخلها بانخفاض أسعار النفط، قررت الشركة خفض توزيعات أرباحها بنحو الثلث هذا العام.
لمواجهة هذا التحدي، طلبت الشركة من بنوك الاستثمار تقديم أفكار حول كيفية جمع الأموال من أصولها، حسب ما أفاد مصدران مطلعان، دون تحديد الأصول المعنية أو أسماء البنوك المعنية.
وقال مصدران مطلعان آخران إن أرامكو تسعى إلى تحسين الكفاءة وخفض التكاليف. وذكر أحدهما أن أحد الخيارات المطروحة هو بيع الأصول.
وطلبت المصادر الأربعة عدم الكشف عن هوياتها لأنها غير مخولة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. ولم ترد أرامكو على طلبات التعليق.
وشركة النفط العملاقة هي محرك الاقتصاد السعودي، وتمتد محفظة أعمالها لقطاعات الطيران والبناء والرياضة. واحتفظت أرامكو بحصص أغلبية عندما باعت أصولا في الماضي، ومنها صفقاتها المتعلقة بالبنية التحتية لخطوط الأنابيب.
وتضغط الحكومة السعودية على قطاعاتها لتحسين الربحية في ظل انخفاض أسعار النفط الخام، وفي الوقت نفسه تنفق إيراداتها من الهيدروكربونات على قطاعات جديدة ضمن رؤية 2030 لخفض الاعتماد على النفط.
وتواجه المملكة عجزا متزايدا في الميزانية، ويقول صندوق النقد الدولي إن الرياض بحاجة إلى تجاوز سعر النفط 90 دولارا للبرميل لسد هذا العجز بينما حامت أسعاره في الأسابيع الماضية حول 60 دولارا.
على الرغم من التحديات، سعت أرامكو خلال السنوات الماضية إلى توسيع نطاق وجودها عالميًا، فمحفظتها الاستثمارية تضمنت الاستثمار في مصافي تكرير صينية وشركتي إسماكس التشيلية لتجارة الوقود بالتجزئة وميد أوشن الأميركية للغاز الطبيعي المسال.
وأعلنت الشركة السعودية الأسبوع الماضي توقيع 34 اتفاقًا تمهيديًا بقيمة قد تصل إلى 90 مليار دولار مع شركات أميركية، عقب زيارة الرئيس دونالد ترامب للمملكة. هذه الاتفاقيات تُشير إلى عزم أرامكو على المضي قدمًا في خطط التوسع، رغم ضغوط السوق الحالية.
والأسبوع الماضي، قالت شركة وودسايد إنرجي الأسترالية إنها وافقت على استكشاف فرص التعاون مع أرامكو السعودية التي ربما تستحوذ على حصة في مشروع الغاز الطبيعي المسال التابع لشركة وودسايد في ولاية لويزيانا الأميركية والذي تبلغ تكلفته 17.5 مليار دولار.
كما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أمين الناصر، خلال مشاركته في فعاليات منتدى الاستثمار السعودي -الأميركي، في الرياض، أن الشركة ستستثمر 3.4 مليارات دولار لتوسعة مصفاتها في الولايات المتحدة، في خطوة تعكس التزام أرامكو بتعزيز حضورها في الأسواق العالمية، ولا سيما في قطاع الطاقة المتكاملة.
ويُشكل قرار أرامكو السعودية بدراسة بيع أصول خطوة استراتيجية تُترجم الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الشركة والمملكة، ومن المتوقع أن تُحدث تداعيات متباينة على أسعار النفط العالمية والاقتصاد السعودي.
فعلى المدى القصير، قد لا يُحدث قرار بيع أصول أرامكو تأثيرا مباشرا كبيرا على أسعار النفط، إذ غالبا ما تتعلق هذه المبيعات بأصول غير مرتبطة مباشرة بالإنتاج اليومي، مثل البنية التحتية أو حصص في شركات تكرير، ومع ذلك، تُرسل هذه الخطوة إشارات مهمة للسوق.
وقد يفسر بعض المحللين حاجة السعودية للسيولة كمؤشر على حاجة المملكة المتزايدة للسيولة، مما قد يُثير تساؤلات حول قدرتها على دعم الأسعار بتخفيضات إنتاج مستقبلية ضمن "أوبك+".
ومن ناحية أخرى، تعكس تأكيدا على ثقة أرامكو بقدرتها على التكيف مع أسعار النفط المنخفضة، وبحثها عن طرق مبتكرة لتمويل توسعاتها دون الاعتماد الكلي على الأسعار المرتفعة.
وتشير احتمالية بيع أصول إنتاجية أو استكشافية إلى رغبة أرامكو في زيادة الإنتاج على المدى الطويل، مما قد يُؤثر على توازن العرض والطلب في سوق النفط العالمي.
وتتأثر أسعار النفط بعوامل متعددة، بما في ذلك ديناميكيات العرض والطلب العالمي، التوترات الجيوسياسية، وسياسات "أوبك+". ورغم أن قرار أرامكو عامل مؤثر، إلا أنه ليس الوحيد الذي يحدد هذه التقلبات.
ويُمكن أن يُحدث قرار أرامكو تأثيرات عميقة على الاقتصاد السعودي، الذي يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، إذ يُعد خطوة استراتيجية تُترجم الضغوط الاقتصادية وتطلعات المملكة نحو مستقبل مختلف.
والهدف الرئيسي من هذه الخطوة هو توفير السيولة اللازمة لأرامكو لتمويل مشاريعها التوسعية عالميا، والاستثمار في قطاعات جديدة ضمن رؤية 2030 التي تهدف لتنويع الاقتصاد. وهذا من شأنه تقليل الضغط على الميزانية السعودية في ظل انخفاض أسعار النفط، ويُعزز من قدرة المملكة على المضي قدمًا في خططها التنموية.
ويفتح بيع حصص في أصول أرامكو لجهات خارجية، سواء كانت صناديق استثمارية أو شركات عالمية، الباب أمام شراكات استراتيجية جديدة، وهو قرار لا يُعزز مكانة المملكة كوجهة للاستثمار الأجنبي المباشر فحسب، بل يُدخل خبرات وتقنيات جديدة قد تُساهم في تطوير القطاعات المختلفة.
على المدى الطويل، قد تُثير مبيعات الأصول تساؤلات حول مدى سيطرة الدولة على أصولها النفطية الحيوية، خاصة إذا تم بيع حصص كبيرة. كما أن بيع أصول مُدرة للدخل يعني التخلي عن جزء من الإيرادات المستقبلية التي كانت ستُدرها هذه الأصول، مما يتطلب تقييما دقيقا للموازنة بين الحاجة الفورية للسيولة والإيرادات طويلة الأجل
ويُشير بيع بعض الأصول أيضًا إلى رغبة أرامكو في إعادة هيكلة محفظتها لزيادة الكفاءة والتركيز على الأصول الأكثر ربحية، مما يُعزز من مركزها التنافسي عالميا. يرى بعض المستثمرين في هذه الخطوة مؤشرا على جدية المملكة في تنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية، مما قد يزيد من ثقتهم في السوق السعودي. في المقابل، قد يُشعر آخرون بالقلق إذا استمر انخفاض أسعار النفط لفترة طويلة، مما قد يُجبر أرامكو على بيع المزيد من الأصول في ظروف أقل مواتية.